ذاكرة النسيان… حين يفرّغنا الغياب منّا ، بقلم : ناديه كيوان

ذاكرة النسيان… حين يفرّغنا الغياب منّا ، بقلم : ناديه كيوان

“ليس كل نسيانٍ راحة… فبعضهُ يسرق منّا القدرة على الشعور، فيتركنا أحياء بلا حياة.”
نطلب النسيان كما يطلب المرهقُ نومًا عميقًا،
نظنّه نهاية الحزن، وبداية الطمأنينة،
لكننا حين نغرق فيه، نكتشف أن النسيان لا يرحم التفاصيل،
فهو يطويها كما يطوي البحرُ آثارَ الموج على الرمل.
نشعر بخفّةٍ لا تُطمئن، كأن الأرض لم تعد تشدّنا،
وكأن أرواحنا تسبح في فضاءٍ بلا هوية.
تصبح ذاكرتنا صفحةً باهتة، بلا نكهة ولا لون،
فنعيش بأجسادٍ حاضرةٍ وأرواحٍ غائبة.
النسيان ليس راحةً خالصة، بل فقدٌ متخفٍّ بثوب الهدوء.
يُطفئ الحريق لكنه يترك الرماد فينا،
يجعلنا غرباء عن أنفسنا،
ننظر إلى صورنا القديمة فلا نتعرّف علينا،
ونسمع ضحكاتنا في الماضي وكأنها تخصّ غرباء.
ربما لهذا حين ننسى أكثر… نحيا أقل.
وحين نتخفّف من الذاكرة… نفقد شيئًا من ملامحنا الإنسانية.
فالنسيان يُنقذنا من الألم، لكنه يسرق التجربة التي صقلتنا.
وحين لا نتذكّر، لا نعرف من كُنّا،
ولا لأيّ شيءٍ تغيّرنا.
وبين ذاكرةٍ موجعةٍ ونسيانٍ بارد،
تبقى الحيرة:
هل الأفضل أن نحمل الوجع لنتذكّر أننا بشر،
أم ننساه لنعيش بلا ألمٍ… وبلا أنفسنا أيضًا؟
“الذاكرة لا تؤلمنا دائمًا… أحيانًا تُذكّرنا بأننا ما زلنا أحياء”.
ناديه كيوان