حين يراكَ البعض بعينٍ مختلفة ، بقلم : ناديه كيوان

حين يراكَ البعض بعينٍ مختلفة ، بقلم : ناديه كيوان

ليست كلُّ العيون سواء، ولا كلُّ النظرات تنبع من المكان نفسه.
فهناك من يراكَ مرورًا عابرًا على هامش يومه، وهناك من تتوقف عيناه عندك كأنّما عثرَ على شيءٍ ثمينٍ ضاع منه منذ زمن بعيد.
الأذواق، لا تتشابه… وما يراه أحدهم أمرًا عاديًا، قد يراه آخر معجزةً تستحق أن يُحكى عنها العمر كلّه.
في هذا العالم المزدحم بالصور والأقنعة، قليلون أولئك الذين يرونك كما أنت، دون أن يضعوك في ميزان المقارنة أو على طاولة التقييم.
أولئك الذين لا يسألون عن تفاصيلك، بل يشعرونك بأنك كُلُّ التفاصيل.
من يلتقطون فيك ما لا يُرى، يسمعون صمتك كما يسمعون الكلام، ويقرأون وجعك دون أن تنطق حرفًا.
ليس الجمال في العيون التي تُعجب بنا، بل في الأرواح التي تفهمنا.
العين التي تحبّك ترى فيك الضوء حتى وإن أظلمت، وتُبصر فيك الحياة حتى حين تتعب.
أما أولئك الذين يمرّون بك ولا يرون شيئًا، فلا لوم عليهم…
فلربما لم يُخلقوا ليبصروا ما فيك من بهاءٍ داخليٍّ لا يُلمَس ولا يُوصَف.
كن أنت، كما أنت.
لا تتجمّل لأجل نظرةٍ عابرة، ولا تُطفئ نورك لتناسب أعينًا لا ترى.
فمن يراكَ بعين الجمال، سيراكَ مهما ازدحم الغبار بينك وبينه.
ومن لم يركَ أصلًا، لن يراكَ حتى لو وقفتَ تحت شمسٍ تُنادي باسمك.
في النهاية، لا نحتاج أن نُعجب الجميع…
نحتاج فقط أن يرانا أحدهم بصدق،
أن يُدرك أن خلف صمتنا موسيقى،
وخلف بساطتنا حكاية،
وخلف عيوننا عالمٌ لا يُرى إلا بالحب.
فحين يراكَ أحدهم بهذه العين، لا تبحث عن التصفيق…
لأن وجوده وحده، هو أعظم تصفيقٍ لروحك.
وحده الذي يرى الجمال بعين الروح،
يُدرك أن خلف العاديّ عالَمًا يفيضُ دهشة،
وأن البساطة ليست نقصًا، بل صدقًا نادرًا.
حين يراك أحدهم كما أنت،
دون رتوش ولا ادّعاء،
حين يراك في ضعفك ولا يخاف،
وفي قوتك ولا يغار،
حين يسمع صمتك كما يسمع صوتك…
فاعلم أن الله أهداك عينًا تُشبه المرايا الصافية،
تراكَ كما خُلِقت، لا كما يريدك الناس أن تكون.
لا تطلب أن تُعجب الجميع،
يكفي أن يراك قلبٌ واحدٌ، كما أنت…
فيراكَ الجمالُ فيك، لا حولك.
ناديه كيوان