الموتُ لغة العدم …. ، بقلم : سميا صالح

الموتُ لغة العدم…. بقلم : سميا صالح

سألته: والأرض؟
قال: الأرض ليست جغرافيا
ولا لوناً على خريطة
الأرضُ كائنٌ أزليّ
تحت جلدها دمُنا
وفوق صدرها أقدامنا
لكنها لا تنحازُ لأحد
إنها أمٌّ صامتة
تُسلِّم أبناءها للزمن
كما يسلِّم النهرُ مياهه للبحر
سألته: ومن أجلها تموت؟
فأجاب كأنه يُخاطبُ غريباً
الموتُ ليس دليلاً على الولاء
الموتُ لغة العدم
والولاءُ الحقيقي
هو أن أزرع شجرة
لن أجلس في ظلّها أبداً
ثم حكى عن لحظة وداعٍ
فيها انكسرت الساعةُ في معصمه
وتوقّف الزمنُ عن التنفّس
عن أمّةٍ تشبه أرملة
تحملُ صورة رجلٍ لا يعود
وعن صدى بعيدٍ
لم يَعُد يملكُ جسداً ليسكنه
ثم وصف قتيلاً واحداً رآه:
كان جسدهُ مطويّاً مثل مخطوطة
وعلى جبينه كتابٌ من دم قديم
يداهُ مفتوحتان كصفحتين فارغتين
وفي جيبه صورةٌ
لطفلةٍ ستبحث عن معنى العالم
في غياب أبيها
سألته: حزنت؟
قال: الحزنُ صخرةٌ لا يحملها المقاتلون
يحملها الشعراء والنساء
أما نحن فنمشي فوقها
كأنها أرض صلبة
ثم ابتسم كمن يرى ما وراء الظل
وقال:
“أنا آلةٌ في يدهم
لكنّي في الليلُ جرحٌ يتأملُ ذاته
أريد وطناً لا يُشبه السلاح
أريد نهاراً لا يُشبه النشيد
أريد أن أصغي لضحكة طفل
لا لرعد المدافع
أريد أن أكون بداية الكون
لا نهايته
ثم همس وهو يطفئ رماد سيجارته:
“أحلمُ بالزنابق البيضاء
بأرضٍ لا اسم لها
بسماءٍ تنحني لتُقبّل جبيني
بأمٍّ تصب لي قهوة
في وطنٍ لا يحتاج أن يفسَّر