معاناة الروائي الجديد بين الورق والحلم ، بقلم : سماحه حسون

معاناة الروائي الجديد بين الورق والحلم ، بقلم : سماحه حسون

الجزء الأول: مقال

الروائي الجديد في العالم العربي يعيش تجربة فريدة من نوعها، بين شغف الكتابة وواقع النشر. تبدأ المعاناة منذ اللحظة الأولى، حين يطرق الكاتب أبواب دور النشر، فيجد أن الثقة محجوزة للأسماء المعروفة أو لأولئك الذين يحملون “ضمانًا تجاريًا”. هنا يصبح الإبداع مخاطرة، والموهبة وحدها لا تكفي.

شروط النشر غالبًا ما تكون قاسية: دفع تكاليف الطباعة على الكاتب نفسه، ضعف التوزيع والتسويق، وغياب الرعاية التحريرية. حتى إذا تمت الموافقة على النص، قد يجد الروائي نفسه وحيدًا أمام الصفحات المطبوعة، منتظرًا أن يصل صوته إلى القارئ، بينما الرواية تظل حبيسة رفوف المعارض أو المكتبات المحدودة.

العلاقات والشللية تلعب دورًا، والحقوق المادية غالبًا ضعيفة أو غير واضحة، مما يحول رحلة الكاتب إلى معركة صامتة بين الحلم والواقع، بين الإبداع والاستغلال.

غير أن النافذة بدأت تتسع مع النشر الرقمي، وسائل التواصل الاجتماعي، ومنصات القراءة الإلكترونية، حيث يستطيع الروائي أن يبني جمهورًا ويصل إلى قرائه مباشرة، محاولًا تجاوز قيود الدور التقليدية.

الجزء الثاني: نص أدبي

كنت أحمل روايتي كما يحمل العاشق قلبه، ورقةً بعد ورقة، سطرًا بعد سطر، أزرع فيها صرخات وحلمًا وذكريات منسية. دخلتُ دور النشر مثل غريبٍ يبحث عن وطن، فوجدت الأبواب نصف مغلقة، والنوافذ بلا ضوء.

“نحن نثق بالمعروفين فقط”، قالوا، وكأن الكلمات التي كتبتها لم تكن صادقة بما فيه الكفاية، وكأن الحبر لم يدمغ الروح. دفعوني أحيانًا لأكون جزءًا من لعبة تجارية، أشتري حلمي بدينٍ من الأوراق والمال، وأصبح النص أداةً للبيع أكثر من كونه صوتًا.

رغم ذلك، لم أستسلم. جلستُ على ضفاف شرفة الفضاء الرقمي، أرسل الرواية إلى العالم كما يرسل البحار قاربه في العاصفة، وأراقبها تعبر الأمواج، تبحث عن قارئٍ يقرأها بعينيه قبل أن يلمسها بجسده.

ربما لم تكن المعركة بيني وبين الورق فحسب، بل بيني وبين صمت العالم، بيني وبين فكرة أن الموهبة وحدها قد لا تكفي. لكن في كل كلمة، في كل جملة، وجدت نفسي أصرخ بصوت هادئ: أنا هنا، أنا موجود، حتى وإن لم تكن الأبواب مفتوحة بعد.