
شفا – د. وسيم وني ، في لقاء حمل بين سطوره عبق الأرض اللبنانية، استضافت جمعية المواساة في صيدا السيدة هنا الهبري، في لقاءٍ أدبي وثقافي مميز جمع نخبة من سيدات المجتمع الصيداوي واللبناني، وبحضور رئيسة الجمعية السيدة رلى الشماع الأنصاري، وأعضاء من المجلس الإداري لجمعية المواساة ضم كل من السيدة غادة ريس المينا ، السيدة زينة الحسن ، السيدة ميرفت بوجي ، السيدة رغدة البابا ، السيدة نهاد حنينه ، السيدة ثريا القطب ، السيدة ميرا زعتري ، ومديرة جمعية المواساة السيدة غايدة الدرزي وأعضاء من الهيئة العامة و رؤساء جمعيات، وذلك في مبنى أحمد وجميلة البزري التابع للجمعية.
اللقاء الذي خُصّص للحديث عن أعمال الهبري، شكّل فرصةً للتأمل في صورة لبنان الحقيقية، تلك التي تتجاوز الأخبار والعناوين العابرة، لتحطّ رحالها في تفاصيل الأرض، والذاكرة، والهوية.
افتُتح اللقاء بالنشيد الوطني اللبناني، في لحظة رمزية بدت وكأنها تمهيد طبيعي لكلمات ستُقال لاحقًا عن الوطن، والانتماء، وحبّ الطبيعة.
تلت النشيد كلمة ترحيبية ألقتها رئيسة جمعية المواساة السيدة رلى الشماع الأنصاري، التي أثنت على مبادرة اللقاء، مؤكدة أن الجمعية لطالما كانت مساحةً لاحتضان الفكر، والحوار، وكل ما يعزز الهوية الثقافية والوطنية.
كما وأشادت الأنصاري بكتاب “A Million Steps”، واصفة إياه بأنه أكثر من مجرّد رحلة؛ هو شهادة حية على جمال لبنان الطبيعي، وشكل من أشكال المقاومة الثقافية في وجه التشويه الإعلامي والصورة النمطية التي غالبًا ما تهيمن على مشهد لبنان الخارجي.
في كلمتها، استعرضت هنا الهبري تجربتها في تأليف كتاب “A Million Steps”، الصادر عام 2010، والذي يوثّق مسيرتها سيرًا على الأقدام من شمال لبنان إلى جنوبه ، حيث لم يكن المشروع مجرد مغامرة شخصية، بل سعيًا واعيًا لإعادة تقديم لبنان للعالم، من خلال عين الهبري وعدستها، وبخطى تسير فوق الأرض لا لتقيس المسافات، بل لتلامس روح المكان.
تقول الهبري:
“لطالما أُسيء فهم لبنان خارجيًا، إما من خلال الصور الحزينة، أو السياسية، أو تلك التي تُظهرنا بلدًا عاجزًا… أردتُ أن أقول إن في لبنان مساحات خضراء، ووجوهًا باسمة، وتاريخًا عميقًا في الصخور والدروب.”
لم تقف الهبري عند حدود الطبيعة، بل استكملت مشروعها في توثيق الهوية اللبنانية عبر إصدارها الجديد “Mayylu”، والذي خصصته لتناول الحياة الريفية في لبنان.
في هذا العمل، تنتقل من توثيق الجغرافيا إلى الغوص في الثقافة الغذائية، وأساليب العيش التقليدية، والعادات الريفية التي تشكل جزءًا أساسيًا من الذاكرة الشعبية.
اختُتم اللقاء مع السيد جورج سليمان من مدينة أنفه، عن أهمية الملح في التراث اللبناني، وعن مدينة أنفه التي تُعد من أقدم مواقع إنتاج الملح في لبنان منذ العهد الفينيقي. واستعرض سليمان تاريخ الملاحات، والتحديات التي تواجه هذا القطاع اليوم، مؤكدًا أن الملح اللبناني يُحارَب رغم جودته العالية، كما تطرق إلى “زهرة الملح” ودورها الغذائي والاقتصادي، وأهميتها كأحد الكنوز الطبيعية .
في أمسيةٍ حملت من الهدوء عمقًا، ومن الكلمة دفئًا، أعادت جمعية المواساة التأكيد على دورها في حفظ الذاكرة الثقافية، وتعزيز الحوار، ودعم الإبداع النسوي، في وقتٍ تبدو فيه مثل هذه المبادرات ضرورة أكثر منها ترفًا.



