
شفا – أبقت اللجنة النقدية في بنك إسرائيل، سعر الفائدة دون تغيير عند مستوى 4.5%، وهو المستوى الذي تقرر في كانون الثاني/يناير 2024، وذلك للمرة الرابعة عشرة على التوالي.
ويأتي القرار على الرغم من الضغوط المتزايدة من جهات اقتصادية لخفض الفائدة، فيما قدّر خبراء في سوق المال خلال الأيام الأخيرة أن البنك لن يتجه للتخفيض ما لم يطرأ تغيير جذري على مسار الحرب على غزة.
وجاء في بيان البنك أن “تحديد مسار الفائدة سيستند إلى مدى تراجع التضخم نحو هدفه، واستقرار الأسواق المالية، ومستوى النشاط الاقتصادي، والسياسة المالية المتبعة”، مشيرًا إلى أن السياسة النقدية منذ اندلاع الحرب تهدف إلى تثبيت التضخم ضمن النطاق المستهدف.
وجاء القرار رغم أن نسبة التضخم بلغت حاليًا 2.9%، وهي ضمن النطاق الذي حدده البنك. وأوضح أن هذه الخطوة تعود إلى حالة عدم اليقين الكبيرة المرتبطة بتطورات الحرب.
وقال محافظ بنك إسرائيل، البروفيسور أمير يارون، في مؤتمر صحافي، إن تراجع التضخم إلى ما دون 3% لا يعني أن الخطر زال، موضحًا أن “بعض المؤشرات ما زالت تظهر صلابة، وأن التقديرات تشير إلى بقاء التضخم عند الحد الأعلى من الهدف بل وتجاوزه مرات عدة حتى مطلع 2026”.
وأضاف يارون أن التضخم يضر بالشرائح الأضعف، وهو ما يستدعي الحذر وعدم التسرع في خفض الفائدة، ملمّحًا إلى أن احتمال التخفيض قبل 2026 ضعيف.
وتابع: “ننظر إلى كل البيانات كمنظومة كاملة، لا على رقم واحد متقلب. خفض الفائدة في هذه المرحلة لن يحسن النشاط الاقتصادي، بل قد يغذي التضخم، خصوصًا في ظل القيود على العرض الناجمة عن استدعاء قوات الاحتياط ونقص العمالة الأجنبية”.
وفي رده على تهديد وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، بخفض الضرائب إذا لم يخفض البنك الفائدة، قال يرون: “خفض الضرائب في ظل تثبيت الفائدة أشبه بتناول قهوة إسبريسو بعد حبة منوّم”، مؤكدًا ضرورة الحفاظ على الانضباط المالي لتفادي تدهور نسبة الدين إلى الناتج.
وكان سموتريتش قد وجّه هذا الشهر رسالة إلى محافظ بنك إسرائيل، حثه فيها على خفض الفائدة.روقال سموتريتش ” كان على المحافظ أن يخفض الفائدة منذ وقت طويل. إذا لم يفعل ذلك، سأقوم أنا بخفض الضرائب”. وقد أدلى بتصريحه خلال لقاء مع قادة القطاع التجاري.
إلى جانب ذلك، نشر بنك إسرائيل توقعاته الاقتصادية المحدّثة، والتي تفترض أن تستمر الحرب حتى الربع الأول من 2026. وبناءً عليه، خُفّضت توقعات النمو لعام 2025 من 3.3% إلى 2.5%، فيما رُفعت توقعات التضخم إلى 3%. أما لعام 2026 فقد رُجّحت نسبة نمو 4.7% وتضخم 2.2%.
وأشارت شعبة الأبحاث في البنك إلى أن استمرار الحرب سيؤدي إلى زيادة نفقات الحكومة وتراجع الطلب العالمي على الصادرات الإسرائيلية، مقدّرة أن يبلغ متوسط الفائدة 3.75% في الربع الثالث من 2026، في إطار هبوط تدريجي مرتبط بتباطؤ التضخم.
ولفت يارون إلى أن أي تقدّم في محادثات وقف إطلاق النار الجارية قد يغيّر افتراضات البنك في توقعاته المستقبلية. كما رفض التعليق على ما إذا كان قد تحدث مع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بعد خطابه الأخير المعروف بـ”خطاب سوبر إسبرطة”، مكتفيًا بالقول إن إسرائيل “لا تستطيع ولا تريد أن تكون اقتصادًا مغلقًا، ومن المهم الحفاظ على العلاقات التجارية الخارجية”.
وبيّنت المعطيات أن سوق العمل ما زال متوتّرًا نتيجة استدعاء قوات الاحتياط ونقص العمالة غير الإسرائيلية، فيما استمر قطاع البناء بنشاط واسع مع ارتفاع عدد تصاريح البناء وبدايات المشاريع. في المقابل، تراجعت صفقات شراء الشقق وتباطأ ارتفاع أسعارها السنوي.
كما سُجّل ارتفاع بنسبة 1% في قيمة الشيكل مقابل الدولار، و0.8% مقابل اليورو منذ قرار الفائدة الأخير، بمتوسط ارتفاع 1.2% بالقيمة الاسمية الفعلية.
في السوق المحلي، تعالت أصوات تطالب بخفض الفائدة؛ إذ دعا “منتدى المستقلين” التابع للهستدروت إلى تأجيل القرار حتى ما بعد لقاء نتنياهو مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بينما طالبت “رئاسة القطاع التجاري” بخطوة عاجلة لخفض الفائدة باعتبارها “إشارة ثقة ودفعًا لوتيرة التعافي”.
ومع ذلك، قدّر اقتصاديون في مؤسسات استثمارية كبرى أن احتمالات التخفيض ضئيلة جدًا في ظل المخاطر الجيوسياسية. واعتبروا أن بنك إسرائيل سيواصل نهج الحذر لتجنب هزّ الأسواق المالية في ظل تدهور مكانة إسرائيل الدولية واستمرار الحرب.
وترى اللجنة النقدية في البنك أنه لا مجال لخفض الفائدة في هذه المرحلة، في ظل الضبابية المستمرة بسبب القتال. وبحسب التقديرات الاقتصادية التي نشرتها شعبة الأبحاث في البنك في كانون الثاني/ يناير، فإن وتيرة تعافي النشاط الاقتصادي في إسرائيل ما زالت بطيئة.
وأشارت التقديرات إلى أن تغييرات ضريبية، ولا سيما رفع ضريبة القيمة المضافة، إلى جانب استمرار القيود في جانب العرض وتراكم فائض الطلب، من المتوقع أن تؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم خلال النصف الأول من العام، على أن يتراجع إلى داخل النطاق المستهدف في النصف الثاني منه.
وفي آب/ أغسطس الماضي، قرر البنك أيضًا إبقاء الفائدة على حالها عند 4.5%، وذلك رغم أن مؤشر الأسعار في تموز/ يوليو أظهر تباطؤًا في وتيرة التضخم إلى 3.1%، أي عُشر نقطة مئوية فقط فوق الحد الأعلى المستهدف