شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .
قدما المقاومة في قصيدة عبد الناصر صالح ، بقلم : محمد علوش
قصيدة «قدمان» للشاعر عبد الناصر صالح تمثل إضافة نوعية إلى رصيد شعر المقاومة الفلسطينية، ذلك الشعر الذي يتغذى من الأرض والجراح، ويحوّل الألم إلى طاقة فعل ورمز نهوض، فالقدمان المتشققتان اللتان يفتتح بهما الشاعر نصه، تتحولان إلى استعارة كبرى عن المسيرة الفلسطينية التي لا تعرف التوقف رغم النزف والركام.
منذ البداية، يضعنا الشاعر في صميم المأساة:
«قدمانِ مُحاربتان.. الأرضُ سوادٌ وشظايا ودمٌ فوّارٌ».
إنها صورة تحيلنا مباشرة إلى مشهد غزة تحت القصف، وإلى كل أرض فلسطينية تواجه جحيم الاحتلال، لكن المفارقة أن هذه القدمان، رغم التشقق والجرح، مطهّرتان بلون الأمل، وقادرتان على السير نحو المجد.
القصيدة تنتقد بمرارة الخطاب السياسي العاجز، حين يقلب الشاعر المعادلة ساخراً: «ماذا لو فاوضنا القاتل واعتذر المقتول عن القتل وطلب العفو؟». وهنا تتجلى روح شعر المقاومة في تعريته لثقافة الاستسلام، وفي إصراره على أن الطريق لا يفتح إلا بخطوات واثقة لا تعترف بالهزيمة.
ثم ينقلنا النص إلى أفق ملحمي، عن أبناء الشمس الخارجون من الأنفاق، المنتشرون كالماء والخضرة، في مشهد يؤكد أن المقاومة ليست مجرد فعل قتالي، بل فعل حياة وتجدد، يعيد للأرض خضرتها وللشعب قوته.
الإيقاع في القصيدة قائم على التكرار والإنشاد: «ماذا لو»، «عَوْ.. عَوْ»، وهو إيقاع يجعل النص قريباً من الهتاف الشعبي والنداء الجمعي، ليؤكد أن الشعر هنا ليس ترفاً جمالياً، بل صوتاً جماعياً ينتمي إلى الناس وإلى الشارع المقاوم.
في الختام، يقدّم الشاعر صورة شديدة الدلالة: «وكلاب الليل على أطرافكِ غزّةَ تنبح خوفاً: عَوْ.. عَوْ..»، وهذه النهاية تختصر جوهر شعر المقاومة، بقلب المعادلة وإظهار العدو في موقع الخوف، فيما يبقى الشعب صاحب الخطى الثابتة على درب المجد.
بهذا، يثبت عبد الناصر صالح أن قصيدته «قدمان» ليست مجرد نص شعري، بل حلقة في سلسلة الشعر المقاوم، الذي يحمل الذاكرة الجمعية لشعب فلسطين، ويواصل الإضاءة على طريق الحرية.
