10:44 صباحًا / 20 سبتمبر، 2025
آخر الاخبار

بن غفير وإعلان الحرب على الكيان السياسي الفلسطيني ، بقلم : محمد علوش

بن غفير وإعلان الحرب على الكيان السياسي الفلسطيني ، بقلم : محمد علوش

لم يعد التطرف في حكومة الاحتلال حدثاً عابراً أو مجرد انزياحٍ نحو اليمين، بل غدا جوهر المشروع الصهيوني ذاته. وفي قلب هذا المشروع يطلّ إيتمار بن غفير، وزير ما يسمّى بالأمن القومي في حكومة نتنياهو، كوجه فجّ للفاشية الجديدة، إذ دعا مؤخراً وبصوت متعالٍ إلى تفكيك السلطة الوطنية الفلسطينية فوراً وبشكل كامل، في خطوة لا يمكن وصفها إلا باعتبارها إعلان حرب على الكيان السياسي الفلسطيني وعلى أي أفق للتسوية.


جاءت هذه الدعوة عقب إعلان جيش الاحتلال عن اعتقال ما أسماه “خلية صواريخ” في رام الله، وهو إعلان سرعان ما تحوّل إلى أداة دعائية لتبرير أجندة التطرف وإشعال المزيد من النار في الميدان السياسي والأمني، فبن غفير لا يكتفي بالتحريض، بل يسعى إلى تجريد الفلسطيني من أي كيان أو شرعية، محاولاً إقناع جمهوره بأن السلطة الفلسطينية “غزة جديدة” ينبغي القضاء عليها قبل فوات الأوان.


إن خطورة التصريح لا تكمن في لغته وحدها، بل في المنطق الاستراتيجي الذي يحمله: تحويل الضفة الغربية إلى ساحة مواجهة مفتوحة، ونسف ما تبقى من منظومة سياسية فلسطينية، ودفع المجتمع الدولي نحو معادلة استحالة الحل، فحين يضع بن غفير السلطة الفلسطينية في خانة حماس، فهو لا يقيم مقارنة اعتباطية، بل يمهّد لسردية إسرائيلية جديدة تعتبر كل الفلسطينيين “عدواً وجودياً” يستحق الإلغاء.


وهذه الدعوة تمثل تحدياً سافراً للمجتمع الدولي، الذي ما زال – رغم كل شيء – ينظر إلى السلطة الفلسطينية كحجر زاوية في أي عملية سياسية مستقبلية، فالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرهما من القوى الدولية يرون في السلطة شريكاً ضرورياً، غير أن تصريحات بن غفير تعكس استخفاف حكومة الاحتلال بهذه المعادلة، بل ورغبتها في تفجيرها من الداخل.


إن بن غفير ومن يمثلهم في المؤسسة الصهيونية لا يخفون نواياهم الحقيقية: مصادرة الأرض، واقتلاع الإنسان، وتفكيك كل ما يشير إلى هوية سياسية فلسطينية جامعة.. إنهم يريدون فلسطين بلا عنوان، وشعباً بلا كيان، وحلماً بلا جسد، لكن الحقيقة أن هذه الدعوة، مهما بدت صاخبة، ليست سوى انعكاس لأزمة الاحتلال العميقة: أزمة الشرعية، وأزمة المشروع، وأزمة الخوف من صمود الفلسطيني الذي يرفض أن يمحى.


لقد آن الأوان أن يقرأ خطاب بن غفير على أنه ناقوس خطر لا يخص الفلسطيني وحده، بل المجتمع الدولي برمّته، فحين يلغى الكيان السياسي الفلسطيني، يلغى معه أي أمل باستقرار المنطقة، وعندها لن تكون النار التي يشعلها اليمين الإسرائيلي محصورة في حدود فلسطين، بل ستمتد ألسنتها إلى كل زاوية في هذا الشرق المثقل بالجراح.


إن الفلسطيني، وهو يواجه هذه الفاشية الجديدة، يدرك أن وجوده نفسه فعل مقاومة، فمهما حاول بن غفير وأمثاله أن يختصروا التاريخ في مشهد قمعي واحد، ستظل فلسطين أكبر من أن تختزل، وأعمق من أن تمحى بقرار عنصري أو تصريح متطرف.

شاهد أيضاً

أردوغان لـ “نتنياهو”: لن نعطيكم حجراً واحداً من القدس

شفا – أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن تركيا لن تمنح أحدا ولو حصاة …