
قمة الدوحة ، نحو إعادة رسم خريطة النفوذ في المنطقة ؟ ، بقلم : علاء عاشور
جاءت قمة الدوحة الأخيرة في لحظة إقليمية بالغة الحساسية، وسط تصاعد الغطرسة الإسرائيلية واستمرار حرب غزة وما تخلفه من مأساة إنسانية. وقد لفتت الأنظار سلسلة التصريحات غير المسبوقة التي صدرت عن قادة عرب ومسلمين خلال القمة؛ حيث وصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إسرائيل بوضوح بأنها “العدو”، فيما تحدث أمير قطر عن طموحات تل أبيب في تحويل المنطقة العربية إلى فضاء نفوذ إسرائيلي، ودعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تعزيز الصناعات الدفاعية المحلية في العالم الإسلامي.
هذه التصريحات القوية، وما تبعها من بيانات ختامية دعت إلى موقف عربي وإسلامي أكثر حزماً تجاه إسرائيل، أثارت تساؤلات حول ما إذا كانت القمة تمثل بداية فعلية لإعادة تشكيل تحالفات المنطقة وإعادة رسم خريطة النفوذ واللعبة الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
غير أن هذه المخرجات، رغم أهميتها، تبقى أمام تحدٍّ محوري يتمثل في تغييب تحميل الولايات المتحدة الأمريكية المسؤولية المباشرة عن الانتهاكات الإسرائيلية، باعتبارها الشريك والداعم الأساسي لسياسات تل أبيب. هذا الغياب قد يضعف أثر المواقف الصادرة عن القمة ويحدّ من قدرتها على إحداث تحول حقيقي في مسار الأحداث.
ويبقى السؤال المطروح اليوم: هل ستنجح الجهود الدبلوماسية الجديدة المنبثقة عن قمة الدوحة في إحداث انفراجة حقيقية في ملف الوساطة بشأن حرب غزة ووقف نزيف الدم الفلسطيني؟ أم أنّ المنطقة ستظل تدور في الحلقة ذاتها، حيث تتوالى القمم والبيانات دون تحقيق تقدم ملموس على أرض الواقع؟
ما جرى في الدوحة يشكّل بلا شكّ رسالة سياسية قوية لإسرائيل ولحلفائها، لكنه اختبار حقيقي لإرادة الدول العربية والإسلامية في تحويل الأقوال إلى أفعال، وصياغة مقاربة جديدة أكثر استقلالية وصلابة في مواجهة السياسات الإسرائيلية والداعمين لها.