12:19 مساءً / 14 سبتمبر، 2025
آخر الاخبار

المساهمة بالحكمة الصينية في تحسين الحوكمة العالمية ، بقلم : السفير تسنغ جيشين

المساهمة بالحكمة الصينية في تحسين الحوكمة العالمية ، بقلم : السفير تسنغ جيشين

في الوقت الراهن، يشهد العالم تغيرات متسارعة غير مسبوقة منذ مئة سنة، ودخل العالم إلى مرحلة الاضطرابات والتحولات مجددًا. أصبحت مظاهر اضطراب الأمن والتنمية غير المتوازنة والحوكمة غير الفعالة أكثر بروزًا، وتمر الحوكمة العالمية بمفترق طرق جديد، يواجه المجتمع الدولي سؤالاً ملحاً، ألا وهو إلى أين نتوجه؟ إن مبادرة الحوكمة العالمية التي طرحها الرئيس الصيني شي جينبينغ في اجتماع “منظمة شانغهاي للتعاون بلاس” يوم 1 سبتمبر تكون حلاً صينياً حول تعزيز واكتمال الحوكمة العالمية.

تبلورت مبادرة الحوكمة العالمية في ظل تزايد قصور الآلية الدولية القائمة في ثلاثة مجالات. على مدى العقود الـ8 الماضية، قدمت آلية الحوكمة العالمية التي تتكون من المنظومة الدولية المتمحورة حول الأمم المتحدة والنظام الدولي القائم على أساس القانون الدولي والمبادئ الأساسية للعلاقات الدولية على أساس مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة مساهماتٍ تاريخيةً لصيانة السلام والتنمية في العالم، غير أن هذه الآلية تواجه تحديات غير مسبوقة الآن. أولا، ومن ناحية مشاركي الحوكمة، هناك النقص الخطير في تمثيل الجنوب العالمي، فمن الضروري زيادة تمثيل الجنوب العالمي ودول الأسواق الناشئة وبالتالي تصحيح الظلم التاريخي. ثانيا، ومن ناحية مبادئ الحوكمة، لم يتم الالتزام بمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة بشكل فعال، ومن أبرز مظاهره محاولات من قبل بعض القوى الكبرى لاستبدال النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية بالقواعد التي تحددها بالذات، ما أدى إلى تقليص سلطة مجلس الأمن والقانون الدولي إلى أدنى مستوياتهما منذ التاريخ. ثالثاً، ومن ناحية فعالية الحوكمة، تأخرت عملية تطبيق أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة بشكل كبير، تزامنًا مع تكرر الاضطرابات الإقليمية، وتباطؤ النمو الاقتصادي، وتصاعد التيار المعاكس للعولمة، ونقص في سيادة القانون والقواعد الدولية. فتتطلب هذه التحديات تحديث آلية الحوكمة العالمية بشكل عاجل، وجاءت مبادرة الحوكمة العالمية التي طرحها الرئيس الصيني شي جينبينغ كجواب على السؤال العصري المتمثل في “ما هي منظومة الحوكمة العالمية التي سنبنيها، وكيفية إصلاح واكتمال الحوكمة العالمية”.

مبادرة الحوكمة العالمية لا تعني إنشاء نظام جديد خارج النظام الدولي القائم بل تحديثا واستكمالا له، فهي في الأساس معايير جديدة للعلاقات الدولية. يمكن تلخيص المفاهيم الأساسية للمبادرة إلى”الالتزامات الخمسة”: الالتزام بالمساواة في السيادة، والالتزام بسيادة القانون الدولي، والالتزام بتعددية الأطراف، والالتزام بوضع الشعب في المقام الأول، والالتزام بتحقيق نتائج ملموسة. ينبع المفهوم الجوهري للمبادرة من المقاصد والمبادئ لميثاق الأمم المتحدة ويختلط بالابتكار والتطويرالصيني، ليشكل نوعاً من المعايير الجديدة للعلاقات الدولية، وهي في الأساس الدفع إلى تحقيق المساواة من حيث الحقوق والفرص والقواعد بين دول العالم من خلال تطبيق مفهوم الحوكمة العالمية المتمثل في التشاور والتعاون والنفع للجميع، لتجعل منظومة الحوكمة العالمية أكثر تجسيدا وتعبيرا عن مصالح ومطالب أغلبية الدول وأكثر تمثيلا لأصوات الدول النامية، حتى توسع شمولية الحوكمة العالمية وتسد الفجوة التنموية بين الجنوب والشمال وتحافظ على المصالح المشتركة لكافة الدول بصورة أفضل، وصولا إلى تحقيق إعادة التعديل والتوافق بين نظام الحوكمة العالمية والمعادلة الدولية المستجدة.

مبادرة الحوكمة العالمية ركيزة مهمة في بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، وتظهر مسؤولية الصين كدولة كبرى. ظلت الصين، باعتبارها دولة كبرى مسؤولة وعضواً دائماً في مجلس الأمن للأمم المتحدة، تتمسك بالتزاماتها الدولية بشكل فعال. في مواجهة العالم من التغيرات والفوضى والتحديات العالمية المتراكمة، أخذ الرئيس الصيني شي جينبينغ بالرؤية العالمية ونظرة إلى مستقبل البشرية، وطرح مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية ومبادرة الحوكمة العالمية، ما أسّس أربع ركائز في بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية من الأبعاد الأربعة المتمثلة في التنمية والأمن والحضارة والحوكمة ويزيد من الاستقرار واليقين لعالم مضطرب، إبرازاً لمسؤولية الصين في الشؤون الدولية.

إن القضية الفلسطينية هي القضية الدولية الأطول أمداً منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وبات الشعب الفلسطيني يعانى من الظلم التاريخي المطوّل فيدرك تماماً أوجه القصور في الحوكمة العالمية الحالية ولديه حاجة ملحّة لإصلاحها وتحسينها. رحبت رئاسة دولة فلسطين قبل أيام بمبادرة الحوكمة العالمية، ويقدر الجانب الصيني هذا الموقف تقديراً عالياً.

السير على الطريق الصحيح مدعوم، والسير مع الجماعة بعيد. إن الصين تستعد لتعزز التنسيق والتواصل مع كافة الأطراف بما فيها فلسطين لتنفيذ مبادرة الحوكمة العالمية وإنشاء منظومة أكثر إنصافاً وعدلاً للحوكمة العالمية والمضي قدما يدا بيد نحو مجتمع المستقبل المشترك للبشرية. ظلت الصين وستظل تدعم بثبات القضية العادلة للشعب الفلسطيني لاسترداد حقوقه الوطنية المشروعة، وستواصل جهودها مع المجتمع الدولي لإعادة القضية الفلسطينية إلى المسار الصحيح المتمثل في “حل الدولتين” وإيجاد لها حل عادل وشامل في يوم مبكر.

  • – السفير تسنغ جيشين – مدير مكتب جمهورية الصين الشعبية لدى دولة فلسطين .

(ملاحظة) اقرأ مزيداً من الأخبار حول الصين … إضغط هنا للمتابعة والقراءة

شاهد أيضاً

الاحتلال يخطر بالاستيلاء على نحو 3 دونمات من أراضي كفر الديك غرب سلفيت

شفا – سلمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، اخطارا بالاستيلاء على مساحة تقارب 3 دونمات …