9:11 مساءً / 3 سبتمبر، 2025
آخر الاخبار

اغتراب آلية دوام المدارس عن واقع المدرسة الفلسطينية في أزمة غير منتهية ، بقلم : نسيم قبها

اغتراب آلية دوام المدارس عن واقع المدرسة الفلسطينية في أزمة غير منتهية ، بقلم : نسيم قبها

منذ إعلان تأجيل افتتاح العام المدرسي في المدارس الحكومية ، وبعيدا عن الأسباب والمسبّبات ، وفي مشهدٍ تربويّ مرتبك يعكس إشكالية البنية التعليمية في ظلّ منظومة إدارية متأزمة مع الأزمة ، فتارة يصبح المحافظ هو مرجعية الرؤيا في طبيعة الدوام ، وتارة مدير عام التربية والتعليم ، وأخرى الناطق باسم الوزارة …. ، وهنا تتجلى مأساوية الواقع التربوي التعليمي الفلسطيني عبر تناقضاتٍ ثلاثية الأبعاد: قرارات وزارة التربية المنفرجة مع التعاطيات الشعبية والمؤسسية والنقابية في آلية الدوام المدرسي، وانزياح صلاحيات بعض مديري المدارس عن السياق التربوي في آلية دوام المعلمين كاجتهادات عابرة ، وتهميش رؤية المعلمين دائما ، والذين يمثلون حجر الأساس في العملية التعليمية التعلمية.

إنّ تغيّر آليات الدوام وعدد الأيام الدراسية ليس مجرد إجراء عابر، بل هو تجلٍّ لفلسفة تربوية قاصرة عن إدراك البعد الوجودي للمدرسة كمكانٍ للتفاعل المجتمعي والتربوي. هذا التخبّط يُنتج ما يمكن تسميته “الاغتراب الزمني التربوي”، حيث يفقد المعلم والطالب الإحساس بالاستقرار والاستمرارية، وهي أسسٌ تنموية لا غنى عنها لبناء شخصية متوازنة قادرة على الإنتاج والإبداع.

وفي سياقٍ متصل، نجد إشكالية “الشرعية التربوية” لمديري المدارس، حيث تمنحهم الصلاحيات سلطةً تتجاوز أحياناً الرؤية التشاركية، مما يُفقد المدرسة جوهرها ككيان ديمقراطي تتفاعل فيه جميع الأطراف بشكلٍ تكاملي. إنّ المركزية الهشّة في صنع القرار تكرّس ثقافة “التربية البنكية” كما وصفها باولو فريري، حيث يصبح المدير مجرد مُودع للقرارات العلوية، والمعلمون مُستودَعين للتطبيق دون نقاش، والطلبة وعاءً سلبياً للمعارف.

هذه الإشكالية تتفاقم عندما تتعارض رؤية المديرين مع رؤية المعلمين، مما يخلق حالة من “الصراع البيداغوجي” الذي يستنزف الطاقات ويُضعف الجودة التعليمية. فالمعلم، بصفته حامل المشروع التربوي التنفيذي، يُصاب بإحباطٍ مهني حين يُهمش رأيه، مما يؤدي إلى انخفاض الدافع الذاتي والإبداع في الأداء.

إنّ الخروج من هذه المعضلة يتطلب تبني نموذج “الإدارة التشاركية” القائمة على الحوار الفلسفي بين جميع الأطراف، حيث تكون المدرسة فضاءً للتفكير النقدي والابتكار، لا مجرد مساحة للتنفيذ الآلي. كما يتطلب إعادة تعريف مفهوم “الصلاحية” لتصبح مسؤولية تربوية قبل أن تكون سلطة إدارية.

إنّ إصلاح التعليم يبدأ من الاعتراف بأزمة الحوكمة التربوية والقصور في إكرام المعلم ، والعمل على بناء رؤيةٍ فلسفية تربوية متوازنة، تعيد للمعلم كينونته ، وللمدرسة في فلسطين هويتها كمنارة للتحرر والتنوير، لا كساحة للصراعات الإدارية والنقابية والتربّحات السياسية العابرة.

شاهد أيضاً

فريق المحامين الدولي للجنائية الدولية: أدلة جديدة تثبت علم إسرائيل المسبق بأحداث ٧ أكتوبر وقادة إسرائيل خططوا لمجزرة غزة

شفا – قدَّم فريق المحامين الدولي الممثل للشعب الفلسطيني لدى مكتب المدعي الدولي والمحكمة الجنائية …