
بزمن الانتظار ، بقلم : همام الطوباسي
الانتظارُ نارٌ،
تأكل أيامي ببطء،
أشيخُ هنا على أرصفة الغياب،
وحبيبتي هناك،
طفلةٌ مدللة،
تتقاسم مع الشمس نافذة الدراسة،
وتشرب عصيرها الطازج
بين كتابٍ ودفتر،
كأنها لا تعرف أن قلبي يشيخ وحده.
أخشى أن يسبقني الموت إليها،
أن أُدفن قبل أن أقبّل شفتيها،
وأرى في عينيها
طفلاً يولد من جديد.
لأهرب من وجعي،
أتغزّل بالوطن كما أشاء،
أشيّع الشهداء بقصائدي،
وأرثي العظماء،
لكنني في النهاية
أعود إليها،
كمن يعود إلى جرحٍ يحبه.
أنا اليوم رجلٌ أثقلته التجارب،
وهي ما تزال طفلة
تلهو بالكلمات المتقاطعة
في جريدة الأيام والقدس والحياة،
فهل أنتظرها حتى تكبر؟
أم أنتظر أن أعود طفلًا
لأكتب معها أول سطر
من حكاية العشاق،
ونستعيد دمشق،
ونسترجع الأندلس،
ونفتح دواوين نزار
ونكتب قصيدة جديدة،
نعلم بها الأطفال
كيف يُحبّون الوطن والإنسان.
يا ليتكِ تعودين يومًا واحدًا،
أصرخ أمام الملأ أنك حبيبتي،
أنقش اسمك على كتفي،
وأزرع صورتك على قلبي،
وأغرسك ياسمينةً
كي يخلّدك التاريخ
ويثمر بيننا أطفال
يتعلمون لغة العاشقين.
أنا اليوم أدرس في جامعة الحياة،
أتخصص في فنون التحدي،
أحمل مساق الصبر
ومادة الانتصار على الإعاقة،
وحده من شرب من كأسي
يفهم لغتي،
ويقرأ وجعي.
حبيبتي،
هل تنتظرين مثلي معجزة القدر؟
هل نلتقي هناك،
على ضفة أخرى،
حيث الحياة تمنحنا
فرصة جديدة،
أو ولادة ثانية،
أو موعدًا لا يخون؟