
سمير حليلة ، هل يمكن لرجل البورصة أن يحكم غزة؟ بقلم : المهندس غسان جابر
في غزة، السياسة ليست لعبة مكاتب. هي حلبة ملاكمة بلا قواعد، حيث تُستَخدم الكلمات كسكاكين، والولاءات كأوراق ضغط.
ثم يظهر سمير حليلة، رجل الشركات والمجالس الإدارية، ليقول: “يمكننا أن ندير غزة مثلما ندير شركة ناجحة.”
من البورصة إلى المعابر
من الناحية النظرية، تبدو الخطة مغرية:
مطار جديد، ميناء عصري، استثمارات عربية، إشراف دولي، وإنهاء الفوضى الأمنية. يبدو كعرض تسويقي أنيق من باديكو، لكن مع فارق بسيط: هنا المساهمون مسلحون، والمنافسون لا يلعبون وفق القانون التجاري.
حليلة يعرف لغة الأرقام أكثر مما يعرف لغة الميدان. قضى سنوات وهو يتنقل بين بورصة فلسطين وغرف الفنادق الكبرى، يوقّع عقودًا مع مستثمرين، ويصيغ خططًا اقتصادية طويلة الأمد. لكن غزة، بعد الحرب، ليست دفترًا للميزانيات. هي عقدة سياسية، حقل ألغام إقليمي، وصندوق أسود من الحسابات القديمة.
مؤيدون ومعارضون
الداعمون له يرونه شخصية “عملية” قادرة على إدارة الإعمار وجذب التمويل الدولي. معارضوه يرونه “مرشحًا مثاليًا” للغرب، لكنه بلا شبكات سياسية عميقة تمكّنه من الصمود وسط تيارات السلطة والفصائل.
وفي كل الأحوال، الرجل يلعب على الحافة: فهو يطلب “توافقًا فلسطينيًا” قبل أن يطرق أبواب القاهرة والرياض، لكنه في الوقت نفسه يتواصل مع العواصم الكبرى عبر قنوات ضغط مدفوعة.
الخطة التي يطرحها لإدارة غزة بلا وجود لحماس قد تبدو واقعية على الورق، لكنها في الشارع تثير أسئلة أكبر:
من سيملأ الفراغ الأمني؟ من سيمنع الانفجار الشعبي إذا شعر الناس أن الإدارة الجديدة مجرد نسخة معدّلة من الوضع القائم؟ وكيف يمكن ضمان أن الاحتلال لن يعيد خلط الأوراق بعد أشهر؟
ثلاثة سيناريوهات
هناك ثلاث نهايات محتملة لهذا السيناريو:
- الانطلاقة السلسة: يحصل على دعم داخلي كافٍ، وتمنحه الأطراف الإقليمية والدولية فرصة كاملة.
- العرقلة المبكرة: تصطدم خطته برفض حماس وأطراف من فتح، ويتبخر الدعم قبل أن يبدأ التنفيذ.
- التحويل الوظيفي: يتحول من “الحاكم” إلى “المدير الاقتصادي” لمشاريع الإعمار، تاركًا السياسة لأصحاب النفوذ الفعلي.
البند الخفي
وفي عالم الأعمال، إذا تعثرت صفقة، يمكن تعويضها بأخرى.
أما في غزة، فإن الصفقة الفاشلة قد تترك مدينة بأكملها في الظلام.
سمير حليلة يعرف كيف يوازن دفاتر الحساب، لكن السياسة هنا ليست ميزانية، بل مزيج من دماء، وموانئ مؤجلة، ووعود لا تُسلَّم في الوقت المحدد.
وربما يكتشف أن أخطر بند في عقد غزة هو ذلك المكتوب بالحبر غير المرئي: “الشروط قابلة للتغيير… في أي لحظة.”
- – م. غسان جابر – مهندس و سياسي فلسطيني – قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية – نائب رئيس لجنة تجار باب الزاوية و البلدة القديمة في الخليل.