2:22 مساءً / 10 أغسطس، 2025
آخر الاخبار

غزة في مهب الريج ، قرار الكابينيت والمبادرة المصرية القطرية .. إلى أين تمضي القضية ؟ بقلم : الصحفي سامح الجدي

غزة في مهب الريج ، قرار الكابينيت والمبادرة المصرية القطرية .. إلى أين تمضي القضية ؟ بقلم : الصحفي سامح الجدي

في وقت تتصاعد فيه نُذر الحرب وتتعمق الجراح في الجسد الفلسطيني، أعلنت إسرائيل عبر الكابينيت (المجلس الوزاري المصغر) نيتها فرض السيطرة الكاملة على قطاع غزة، بينما تشهد الساحة السياسية طرح مبادرة مصرية قطرية مشتركة، وُصفت بأنها “الفرصة الأخيرة” لإنقاذ ما تبقّى من أمل في وحدة الصف الفلسطيني وإنهاء العدوان المستمر.

هذا التوازي بين مشروع عسكري إسرائيلي توسعي ومبادرة دبلوماسية عربية يحمل دلالات شديدة الخطورة، ويطرح تساؤلًا وجوديًا: إلى أين تمضي القضية الفلسطينية؟

أولًا: قرار الكابينيت الإسرائيلي… إعادة احتلال بغلاف قانوني جديد

جاء قرار الكابينيت الإسرائيلي بعد أشهر من الحرب الدامية على غزة، ليُعلن صراحة نية الاحتلال السيطرة الأمنية الكاملة على القطاع، وربما فرض إدارة مدنية عبر أدوات محلية أو دولية تابعة له.

هذا القرار يُعيد غزة فعليًا إلى مرحلة ما قبل 2005، حين كانت قوات الاحتلال تجوب شوارعها، ويُجهض عمليًا كل مخرجات “الانفصال الأحادي” الذي نفذته إسرائيل في ذلك العام.

أهم أبعاد القرار:
• إلغاء أي شكل من الحكم الذاتي الفلسطيني في غزة، حتى ولو كان محدودًا.
• تحييد حركة حماس، ومحاولة القضاء على وجودها عسكريًا وسياسيًا.
• فرض ترتيبات أمنية إسرائيلية دائمة، تُضعف إمكانية الحديث عن دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا.

القرار لا يستهدف “الإرهاب” كما تدّعي الرواية الرسمية الإسرائيلية، بل يندرج ضمن مشروع أكبر لقتل فكرة الدولة الفلسطينية، وتعزيز الانقسام السياسي والجغرافي بين غزة والضفة.

ثانيًا: المبادرة المصرية القطرية .. فرصة أخيرة لإنقاذ غزة والقضية

في ظل هذا المشهد المأساوي، جاءت المبادرة المصرية القطرية لتفتح نافذة أمل، رغم ضيقها. المبادرة، التي بُنيت على مشاورات عربية ودولية مكثفة، تهدف إلى وقف التصعيد الإسرائيلي، وفتح مسار سياسي فلسطيني داخلي، يضمن توحيد الصفوف وإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني.

أبرز بنود المبادرة:

  1. الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين، أحياء وجثامين، دفعةً واحدة،
  2. إنهاء الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة
  3. تجميد استخدام حركة حماس لسلاحها، بحيث تحتفظ بالسلاح من دون استعماله،
  4. تخلي حماس عن السيطرة الإدارية على القطاع.

ما يميز هذه المبادرة هو أنها مصرية – قطرية مدعومة عربيا ودولياً، ما يضفي عليها قدرًا أكبر من التوازن والجدية. هذا التقارب العربي قد يُشكّل عنصر ضغط فعّال على كل من إسرائيل والفصائل الفلسطينية.

ثالثًا: الفلسطينيون .. بين المشروع الإسرائيلي والمبادرة العربية

لا شك أن الفرصة لا تزال قائمة، لكن الوقت ينفد بسرعة. المشروع الإسرائيلي يسير بخطى ثابتة على الأرض، بينما المبادرة المصرية القطرية لا تزال تواجه عراقيل داخلية وخارجية.


التحديات أمام الفلسطينيين:


• الانقسام العميق بين فتح وحماس، الذي يعطّل أي مشروع وطني مشترك.
• انعدام الثقة بين الفصائل، واستمرار الاتهامات المتبادلة.
• ضعف المؤسسات الفلسطينية، وغياب الإرادة السياسية الواضحة.
• التدخلات الإقليمية والدولية، التي تسعى أحيانًا لتكريس الانقسام.


لكن في المقابل، فإن هذه المبادرة قد تكون الفرصة الأخيرة لتوحيد الصف الوطني، وكسر المعادلة الصفرية التي فرضها الاحتلال: إما القبول بالواقع أو الفناء.

رابعًا: إلى أين تمضي القضية؟

في ظل التصعيد الإسرائيلي ومحاولاته فرض وقائع جديدة بالقوة، وفي ظل مساعٍ عربية ودولية لاحتواء الأزمة، تقف القضية الفلسطينية أمام خيارين لا ثالث لهما:

  1. الانخراط الجاد في المبادرة المصرية القطرية، وتقديم تنازلات متبادلة فلسطينية لإنهاء الانقسام.
  2. الاستمرار في الجمود والانقسام، ما يمنح إسرائيل ذريعة لتكريس احتلالها طويل الأمد لغزة والضفة على حد سواء.
    إن استمرار الفصائل الفلسطينية في التمترس خلف خلافاتها يعني التخلي طواعية عن الأرض والشعب والقضية. أما اتخاذ المبادرة كمنصة للبدء من جديد، فيعني إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وفتح نافذة سياسية نحو إنهاء الاحتلال.

خلاصة: هل نملك شجاعة القرار؟

ليست المبادرة المصرية القطرية حلاً سحريًا، لكنها آخر ما تبقّى من محاولات عربية جادة لانتشال الفلسطينيين من دوامة الحرب والانقسام. أما قرار الكابينيت الإسرائيلي، فهو مجرد محطة في مشروع احتلالي طويل لا يرحم الضعفاء ولا ينتظر المنقسمين.


لقد تعب العالم من انتظار الفلسطينيين ليتفقوا، وربما تعب الفلسطينيون أنفسهم. لكن رغم كل شيء، لا تزال هناك فرصة – ربما أخيرة – لقول كلمة فلسطينية واحدة: نعم للوحدة، نعم للمشروع الوطني، لا للاحتلال والانقسام.

فهل نملك الشجاعة لننقذ أنفسنا .. قبل أن يُكتب التاريخ بغير أقلامنا؟

شاهد أيضاً

سلطة الطاقة تطلق مشاريع استراتيجية لتعزيز قطاع الكهرباء في محافظة الخليل

سلطة الطاقة تطلق مشاريع استراتيجية لتعزيز قطاع الكهرباء في محافظة الخليل

شفا – أعلن رئيس سلطة الطاقة والموارد الطبيعية، المهندس أيمن إسماعيل، اليوم الأحد، إطلاق مجموعة …