
الكاتب والشاعر محمد علوش يكتب .. ” وكالة شفا ” صوتٌ فلسطينيّ مستقلّ يلامس الحقيقة وينحاز لها
في زمنٍ تتلاشى فيه البوصلة الإعلامية وسط ضجيج المصالح وتهافت المنابر، تتقدّم شبكة فلسطين للأنباء – شفا كمنارة إعلامية فلسطينية مستقلة، تكتب روايتنا بلغة الصدق، وتدافع عن حقيقتنا بمهنية قلّ نظيرها، وتضيء عتمات الغياب بخبر موثوق وتحليلٍ رصين.
إنها لا تجاري الحدث، بل تسبقه بالبصيرة، وتلاحقه بالعُمق، وتقدّمه للناس محصّناً من الزيف، مصقولاً بالمسؤولية الوطنية.
لقد استطاعت “شفا”، برؤية واعية وفريقٍ تحريريّ متمرّس، أن تفرض حضورها الطليعي في المشهد الإعلامي الفلسطيني والعربي، وسط بيئة مزدحمة، وظروف معقّدة، وتحدّياتٍ تتجاوز المهنة لتصل إلى جوهر الانتماء، وفرضت مكانتها لا عبر المجاملات والعناوين الطنانة، بل عبر الثقة التي راكمتها لدى القارئ، والمصداقية التي طبعت تغطياتها، والتوازن الذي ظلّ سمة بارزة في خطّها التحريري.
شفا ليست مجرّد واجهة إعلامية تنقل الأخبار؛ بل هي منصّة نضالية واعية، تدرك تماماً أن الكلمة في فلسطين ليست حيادية، وأنّ الصحافة ليست مهنة فحسب، بل موقف، ولهذا، جاءت تغطياتها لتكون صوتاً للمهمّشين، ومنبراً لأوجاع الناس، ومرآةً للواقع اليومي الذي يعانيه شعبٌ تحت الاحتلال، ويكافح من أجل كرامته وحقوقه، وفي تقاريرها ما يلامس الوجدان الشعبي، وفي أخبارها ما يضيء عتمة التعتيم، وفي تحليلاتها ما يكشف خلفيات الحدث ويضعه في سياقه الوطني والتاريخي.
لقد قدّمت “شفا” نموذجاً إعلامياً يعيد للصحافة معناها الأخلاقي، ومعيارها المهني، لم تركض خلف الإثارة، ولم تتهافت على السبق الفارغ، بل كانت تنحاز للإنسان، للعدالة، للهوية، ولحقيقة فلسطين التي يحاول البعض طمسها أو تشويهها.
وإننا، إذ نعتزّ بأن نكون جزءاً من هذه التجربة الإعلامية المتميزة، التي تحتضن مقالاتنا ومساهماتنا الفكرية على الدوام، نشعر بأننا ننتمي إلى فضاء حرّ، يؤمن بالكلمة، ويصونها، ويفتح أبوابه للعقول الحرّة والأقلام المقاومة، فشفا ليست مجرد منصة ننشر فيها، بل بيتٌ نثق أنه يحمل عنا صوتنا إلى حيث يجب أن يُسمع، ويقدّم فكرنا في سياق نقيّ من التلاعب، نابع من الانحياز الأصيل لقضايا شعبنا.
وفي ظل هذا التوحّش الإعلامي، حيث تتحوّل بعض المنصّات إلى أدوات للابتزاز والتضليل، تُبقي “شفا” جذوتها مشتعلة، وتظلّ منبراً يراكم المصداقية لا المصالح، ويكتب الحقيقة لا ما يملى عليه، ويصوغ الرواية الفلسطينية من داخلها، لا من وراء مكاتب التحرير البعيدة.
تحيّة تقدير ووفاء إلى القائمين على شبكة فلسطين للأنباء – شفا، فرداً فرداً، على ما يبذلونه من جهد مضنٍ في سبيل صيانة الحقيقة وتحصين الوعي، في وجه الرياح المسمومة التي تستهدف وعينا الجمعي وتشوّه سرديّتنا الوطنية، وكلّنا ثقة أنّ هذه الشبكة ستبقى، كما عهدناها، قلعة إعلامية فلسطينية مستقلة، عصيّة على الاحتواء، وماضية في رسالتها بصلابة الحرف، ونبل الغاية، وسموّ الانتماء.
الكاتب والشاعر محمد علوش / عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني