شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .
مقامات محافظة سلفيت : ذاكرة مقدسة تحت الحصار ، بقلم: د. عمر السلخي
بين الجغرافيا والروحانية
تجلس محافظة سلفيت في قلب الضفة الغربية، متربعة على إرث ديني وتاريخي عميق يتجسد في 76مقاما دينيا موزعه على بلدات وقرى المحافظة ال 18، وقد اخذت عدة اشكال منها ما هو ضريح مع قبة او بدون قبة او بقايا حجرية تشير الى مقام او مقامات تحت الأشجار اومقامات مدمجة في مقابر او مبان سكنية، هذه المقامات، التي يعود بعضها إلى قرون بعيدة، ليست مجرد مزارات دينية، بل هي شواهد حية على الوجود الفلسطيني المتجذر في الأرض، ومرآة لعلاقة الناس بالمكان والقداسة.
المقامات كأركان هوية
تتنوع المقامات في سلفيت من حيث شكلها ووظيفتها، فمنها ما يُنسب إلى أنبياء أو أولياء صالحين مثل “مقام النبي ذي الكفل” و”مقام الشيخ إبراهيم”، ومنها ما بقي مبهماً لكنه بقي مكاناً للتبرك والصلاة والتأمل. في الريف الفلسطيني، تحوّلت هذه المواقع إلى فضاءات تربط الماضي بالحاضر، وتجمع بين الديني والاجتماعي والمعماري.
حصار الحضور الروحي
لكن هذه الرموز الدينية تواجه واقعاً مريراً، الاحتلال الإسرائيلي، بإجراءاته العسكرية والاستيطانية، ألقى بثقله على هذه المعالم، محاصراً بعضها بالحواجز، أو متجاهلاً قيمتها الأثرية عند شق الطرق والاستيلاء على الأراضي وبناء المستوطنات، ومنها ما تم عزله خلف جدار الفصل العنصري ومنها ما يتعرض لهجمه تزييف وبث خرافات توراتية كما في المقامات الدينية الإسلامية في كفل حارس وما تتعرض له من محاولات السيطرة من قبل المستوطنين من خلال أقامه طقوس دينية حولها.
تراث حي… يتهالك
العديد من المقامات مهدد بالاندثار نتيجة الإهمال، أو نقص الترميم، أو التغيرات العمرانية العشوائية، ورغم وجود وعي شعبي بقيمتها، فإن غياب حماية مؤسسية منظمة يزيد من هشاشة هذا التراث، فبين مغارة منحوتة في الجبل، وقبة مهجورة تحت شجرة زيتون، تختبئ حكايات المكان والإنسان، تنتظر من يُنقذها من النسيان.
المقامات في محافظة سلفيت ليست مجرد مبانٍ حجرية، بل ذاكرة روحية وجغرافية، تربط بين الأرض والتاريخ والعقيدة، وفي زمن تتكثف فيه محاولات محو الهوية، تبقى هذه المعالم شهادة صامتة على أن للحق جذورًا، وللذاكرة معاقل لا تُمحى بسهولة.
