رانية مرجية تكتب .. ” وكالة شفا ” حين تنطق الكلمة من قلب النزيف

2 أغسطس، 2025 أقلام و آراء, الرئيسية, مميز

أن تكتب عن موقع إخباري، فالأمر يبدو في ظاهره أمرًا عاديًا: موقع ينشر الأخبار، يلاحق العناوين، ويسابق الزمن.
لكن أن تكتب عن “وكالة شفا”، فالأمر لا يشبه ذلك أبدًا.
فهذا الموقع، منذ لحظة دخوله الحيّز العام، لم يكن مجرد منصة رقمية تستهلك الخبر أو تُعادِ تدويره، بل كان ولا يزال صرخة حُرّة في وجه الصمت المدجّن، ومساحة نادرة حيث لا تكون الكلمة مأجورة، بل معتقة بالألم، ومحمّلة بقَسَم الصادقين: أن نكتب لأننا لا نملك سلاحًا آخر.

“وكالة شفا” ليس محايدًا – والحمد لله.
إنه منحاز، ولكن لا للمال، ولا للفصائل، ولا للمموّلين، بل منحاز لفلسطين الإنسان، لفلسطين القيم، لفلسطين التي تُدفن كل يوم تحت ركام الخطابات الكاذبة والشعارات العاجزة.

هنا، في هذا الموقع، لا تُقصّ الأخبار كما تقصّ الأظافر، ولا تُروى الحكايات من وراء مكاتب مكيفة. بل تُروى كما تُروى الدماء على الإسفلت، وكما تُفرد النساء ثياب الشهداء فوق سطوح بيوتهن، وتشمّها كل يوم.

في “وكالة شفا” يتجاوز الخبر وظيفته الإعلامية، ليصبح شهادة في وجه الزمن الكاذب.
وهذا ما يجعل المتلقي لا يكتفي بالقراءة، بل يُجبر على التفكير، وعلى التفاعل، وعلى الانتباه:
“من قال هذا؟ لماذا؟ كيف سمح لنفسه؟ أين ذهب الضمير؟”
أسئلة توقظ فينا ما أردنا نسيانه، وتوقظ فينا نحن – نحن الذين تعبنا من الانقسام – شهوة العدالة، لا الانتقام.

في كل سطر من سطور “وكالة شفا” هناك مقاومة من نوع آخر،
مقاومة لا تحمل البندقية، لكنها تحمل الحقيقة،
وهو سلاح أشدّ وجعًا على الطغاة من كل شيء.

وكم نحتاج – اليوم، أكثر من أي وقت مضى – إلى أمثال هذا الصوت،
الذي لا يساوم، ولا يجامل، ولا يُهادن من باعوا القضية بثمن بخس،
ولا يبتسم للصورة، بل ينظر ما خلفها، ويرفع الستارة عن خشبة هذا المسرح الذي صرنا فيه كومبارسًا نُصفّق وهمًا.

في زمن التواطؤ،
يُصبح الإعلام الشريف فعلاً نضاليًا،
ويصبح الموقع – كـ”وكالة شفا” – بيتًا للمغضوب عليهم من كل الجهات،
بيتًا للمنفيين من المعسكرات الإعلامية المطعونة في طهرها.

فشكرًا لـ”شفا”،
شكرًا لكل يد حرّة لم ترتجف حين كتبت الحقيقة،
لكل عين لم تُطأطئ رأسها حين طُلب منها أن تغمض البصر،
لكل قلم رفض أن يُروّض، فاختار أن يُكسر على أن يُستخدم ضد أهله.

“وكالة شفا” ليست مجرد موقع…
إنها مرآة ضمير من لم ينسَ فلسطين رغم جراحها، ولم ينسَ نفسه فيها.

رانية مرجية
02/08/2025
الرملة – فلسطين