
أهلنا في قطاع غزة بين الإبادة الجماعية والجوع وخيار التهجير ، بقلم : عمران الخطيب
يواصل الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب أبشع أنواع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، من إبادة جماعية وتطهير عرقي راح ضحيتها آلاف الشهداء، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن والشباب، إضافة إلى آلاف الجرحى والمصابين الذين تُركوا دون علاج بعد أن دمّر الاحتلال المستشفيات ومنع الجرحى من السفر لتلقي العلاج خارج القطاع.
شعبنا في غزة، الصامد القابض على الجمر، قدّم مئات الشهداء والجرحى، إلى جانب آلاف المعتقلين والمعتقلات، واختفاء الآلاف في معسكرات اعتقال سرّية لا يعرف عنهم شيء. أكثر من 21 شهراً من العدوان المتواصل والإبادة الجماعية، والعالم لا يزال يقف مكتوف الأيدي، يراقب بصمت عبر شاشات التلفاز، في ظل تحليلات سياسية أصبحت أقرب للوظيفة منها إلى الضمير الإنساني.
في كل مرة تتقلص أرقام الضحايا، يتولد لدينا بصيص أمل، لكنه سرعان ما يتلاشى مع تصاعد العدوان مجدداً. ومع كل حديث عن مفاوضات في الدوحة، وبمشاركة حركة حماس والوسطاء الأمريكيين، تزداد خيبة الأمل في الشارع الفلسطيني، خصوصاً مع تكرار الجولات دون نتائج ملموسة، وكأن المفاوضات تحوّلت إلى وظيفة إعلامية تديرها بعض القنوات والمحللين.
الاحتلال الإسرائيلي لا يبدو على عجلة من أمره في وقف العدوان، فمشروعه واضح: قتل أكبر عدد ممكن من السكان، وتدمير البنية التحتية، وشل النظام الصحي بالكامل. المستشفيات خاوية من الأدوية، والجرحى بلا علاج، والجميع ينتظر جولة جديدة من المفاوضات قد تأتي، وقد لا تأتي.
الغريب أن مفاوضات حماس و”إسرائيل” تجري في الظل، دون وضوح في آليات البدء أو النتائج. وبينما تؤكد حماس أنها تجري مشاورات مع الفصائل، لا تتضح طبيعة هذه المشاورات، خاصة في ظل مخرجات حوارات موسكو وبكين التي أكدت على ضرورة أن تتم المفاوضات من خلال منظمة التحرير الفلسطينية وضمن توافق وطني جامع.
هذه المفاوضات لا تتعلق فقط بالأسرى الإسرائيليين أو الجثث، بل تشمل قضايا أساسية: الأسرى والأسيرات الفلسطينيين، الانسحاب من غزة إلى حدود ما قبل السابع من أكتوبر 2023، والتأكيد على وحدة الأراضي الفلسطينية جغرافياً بين غزة والضفة والقدس.
وقد صرّحت حماس في موسكو أنها لا ترغب بالمشاركة في الحكومة الفلسطينية القادمة، لإعطاء المجال أمامها للعمل بحرية، كما أبدت استعدادها للدخول في منظمة التحرير الفلسطينية.
في رأيي، ما تُقدّمه حماس من مرونة أمام المبعوث الأمريكي و”إسرائيل” كان من الأولى أن يُقدَّم لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، خاصة في ظل هذه المرحلة الحرجة من التهديدات الإسرائيلية، التي لا تستهدف قطاع غزة فحسب، بل تسعى لضم الضفة الغربية وتفريغها من سكانها.
إن مسؤولية مواجهة مخطط التهجير الإجباري والطوعي لا تقع على حماس وحدها، بل على كافة الفصائل الفلسطينية، والشخصيات الوطنية المستقلة، التي عليها أن تضع الخلافات جانباً وتوحد الجهود لحماية ما تبقى من وطن وشعب.