12:23 صباحًا / 18 يوليو، 2025
آخر الاخبار

قراءة في قصة “خمّ الديوك” – لنبيل عودة ، بقلم: رانية مرجية

قراءة في قصة “خمّ الديوك” – لنبيل عودة ، بقلم: رانية مرجية

النوع الأدبي: أدب ساخر – رمزي – سياسي


نص “خمّ الديوك” هو عمل ساخر بامتياز، يتّخذ من عالم الطيور (الديكة والدجاجات) وسيلة رمزية لطرح نقد اجتماعي وسياسي لاذع، يفضح فيه الكاتب عبر مجاز مملكة الديوك واقع الاستبداد، الديكتاتورية، القمع الأمني، الإعلام المزيف، وانحطاط القيم في أنظمة الحكم الشمولية.

الرموز الأساسية في النص:


الديك الملك: رمز واضح للحاكم المستبد، الزعيم الأوحد الذي يقدّس ذاته ويعتبر نفسه محور الوجود. متورط في وهم المؤامرات العالمية، ويعاني من جنون العظمة.


الدجاجات: تجسيد للشعب المستضعف والمراقب والمُجند أحيانًا للتجسس على بعضه البعض، لا دور حقيقي لهن سوى إشباع غرائز الحاكم وخدمة سلطته.
الديك الوافد الجديد: يرمز إلى كل بديل محتمل، إلى جيل جديد يحمل بعض الملامح الثورية أو حتى الجاذبية التي تهدد الحاكم القديم.
صاحب الخم: الرمز الأعلى من الديكتاتور المحلي، أي “القوة العظمى” أو “الراعي الخارجي” الذي يهمه الإنتاج (البيض)، لا من يحكم.
المضامين والدلالات:
السلطة المطلقة ومخاوفها:
الحاكم (الديك) مهووس بالمؤامرات، رغم طاعة الجميع له، لكنه يشك بالجميع.
يرى نفسه رجل دولة وفيلسوفًا ومفكرًا وشاعرًا وقائدًا عسكريًا في آنٍ واحد، وهذا يعكس تضخم “الأنا الزعامة” بشكل فُكاهي ساخر.
التجسس الأمني والرقابة:
أربع أو خمس أجهزة تجسس متداخلة، وكلها تراقب بعضها البعض.
توظيف النساء (الدجاجات) في هذه المهام يبرز سخرية من الواقع المخابراتي الذي يخرق الحياة الاجتماعية بشكل مخيف.
الفساد الإعلامي والتزييف:
الحقائق تُزوّر بتوجيه من الديك، والمعلومات تُصاغ لتناسب الصورة الرسمية، وكأنها محاكاة ساخرة لخطاب الأنظمة السلطوية التي تُجمّل الواقع الكارثي.


قمع الحريات ومنع التعددية:
كل محاولة للتمرد تُقمع بسرعة، والدجاجات يُحرص ألا “تفرخ” ديكة (أي منافسين محتملين).
الخوف من النقابات، والصحف، والاختلاف، والسخرية من أن كل دجاجة قد تصبح حزبًا – كلها رموز لمنع التعددية وتخوين كل معارض.
الزيف الثوري:
استهزاء لاذع من الخطابات الثورية الفارغة التي “تصدح صباحًا” وتساوي “قوة الصواريخ عابرة القارات”!
صاحب الخم وموقفه الحقيقي:
لا يهمه الخلاف بين الديوك، بل “الإنتاج”. يرمز ذلك لتخلي الرعاة الكبار (دوليًا أو اقتصاديًا) عن المبادئ لصالح المصلحة.
اللغة والأسلوب:
اللغة: عامرة بالسخرية الذكية، والإسقاطات السياسية، ومليئة بالتناصات الثقافية (ديك مثقف، شاعر، طبيب عيون…).
الأسلوب: ساخر ساخر ساخر! لكنه مزيج من الفكاهة اللاذعة والحزن الدفين على واقع بائس. السخرية هنا ليست هدفًا، بل وسيلة كشف.


مغزى النهاية:


نهاية القصة تُركت معلّقة، بين تأنيب، وعقاب جزئي، وتفكير في إمكان استغلال وجود أكثر من ديك في سبيل “مصلحة الإنتاج”. هذه النهاية تُعمّق السخرية من الأنظمة التي تتعامل مع البشر كأرقام إنتاجية، وتُظهر هشاشة السلطة، مهما بدا سطحها قويًا.

الرسالة العامة:
يطرح نبيل عودة عبر هذه القصة أسئلة محرجة عن شرعية السلطة، وعن الهوس بالزعامة، وعن فقدان الثقة بالمجتمع، وتحول الدولة إلى جهاز تجسس كبير، حيث تُقتل الحريات باسم “حب الزعيم”، ويُصاغ كل شيء – حتى الموت والخيانة – لتبرير بقاء الحاكم.

خاتمة:
“خمّ الديوك” ليست مجرد قصة ساخرة عن طيور، بل هي تشريح جريء ومؤلم للواقع السياسي العربي، حيث الحاكم لا يقبل بالمنافسة، ويرى نفسه “بيضة ديك” – نادرة، خالدة، لا تتكرر.

الكاتب لا يكتب ليضحكنا فقط، بل ليخيفنا من مرآة الواقع التي تظهر بشكل مضحك/مبكٍ، وليقول في جوهر النص:

“في نظام كهذا، لا أحد آمن… حتى الديك نفسه.”

شاهد أيضاً

بنغ لي يوان تحضر فعالية " الارتباط مع كوليانغ : الصداقة بين الشبان الصينيين والأمريكيين 2025 "

بنغ لي يوان تحضر فعالية ” الارتباط مع كوليانغ : الصداقة بين الشبان الصينيين والأمريكيين 2025 “

شفا – حضرت بنغ لي يوان ، عقيلة رئيس الصين شي جين بينغ، فعالية ” …