صليلُ الحقيقةِ ، بقلم : فداء بن عرفة

صليلُ الحقيقةِ ، بقلم : فداء بن عرفة

صليلُ الحقيقةِ يُجلي الشُّـهُـبَ
ويُشعلُ في الأُفْقِ نورَ السُّـحُـبَ

إذا ما غَشِيْتَ ظلامَ الطُّغاةِ
ففي القلبِ مصباحُ حرٍّ غَضَبَ

ولا تَحْسَبَنَّ الجمالَ خُضوعًا
ففيه تمَرُّدُ فكرٍ وَهَبَ

وإنْ خُنتَ بالأمسِ حلمَ الحياةِ
فغَدُكَ يُهْدِيكَ سرَّ السَّبَبَ

فلا تقلِ: إنني قد سَقَطتُ
فَسِرُّ النُّهُوضِ يُضيءُ التَّعَبَ

وفي دمعةِ العينِ فجرٌ يُضيءُ
ويَكشفُ في الدَّجْنَةِ المُحتَجَبَ

وإنْ ضِعتَ يومًا، فلا تيأسنْ
ففوقَ الضياعِ يَقومُ الطَّلَبَ

وفي كلِّ نبضةِ قلبٍ صدًى
يُجَلِّي المدى، يُوقِظُ المُرتقَبَ

فلا تخشَ صمتَ الليالي الطوالِ
ففيها يُغنِّي الحنينُ الطَّرَبَ

وإنْ سكتَ الصوتُ، فاسمعْ صداهُ
يُرتِّلُ في القلبِ نَفْسَ الخَطَبَ

وفي الكتابِ الذي نقرأُ الآنَ
عطاءٌ يُفيضُ، ويَسقِي الأدَبَ

فلا تقلِ: إنني قد فَنِيتُ
فَفي الموتِ تبدأُ بعضُ الحِقَبَ

وإنْ خانَكَ الحلمُ، فالحقُّ باقٍ
يُنادي، ويَحمي خُطى مَن طَلَبَ

وفي كلِّ سُقْمٍ شفاءُ الرُّؤى
وفي كلِّ فقدٍ نضوجُ السَّبَبَ

فلا تَخْشَ مِن غَدِكَ المُبْهَمِ
فنورُ الأماني يُزيلُ الرَّهَبَ
فلا تقلِ: إنني في الظُّلَمْ
فنورُ اليقينِ يُزيحُ السُّحُبَ

وفي الهمساتِ التي نَكتُبُهَا
حياةٌ تُجلِّي صُدورَ الكُتُبَ

وإنْ خانَكَ الناسُ، لا تَكتَئبْ
فربُّ السماءِ يُعينُ التَّعَبَ

وفي كلِّ صبرٍ رُبىً مُزهِرَةٌ
تُبدِّدُ فينا جُحودَ السَّغَبَ

فلا تقلِ: إنني وحدَتي
ففي الكونِ دفءٌ يَفيضُ القُرُبَ

وإن ضاقَ دربُك لا تنثني
ففي الضِّيقِ يأتي نُضوجُ السّبَبَ

وفي كلِّ فجرٍ نُبوءَةٌ
تُحاكي الرجاءَ وتَسقي الطُّلُبَ

فلا تَحزنِ اليومَ إنْ سَقَطَتْ
يداكَ، ففيها وعودُ الصّعَبَ

وإنْ خانَكَ الحلمُ، فانتظرِ
ففي الصَّبرِ تبقى جُذورُ الرُّطَبَ

وفي آخرِ الدّربِ حينَ اللقاءِ
تُضيءُ الحياةُ طريقَ النُّجُبَ

فداء بن عرفة