
هذه رسالتي لكم من أختكم الصغيرة مريم ، بقلم: حسام علوي ، ونقد الكاتبة أمال الحاجي
لا تحزنو عليا يا اهل تونس و يا اهل الإسلام فأنا الطفلة مريم التي وافتها المنية اليوم و انا اصارع موج البحر لمدة 3 أيام و انا ابكي و اتضور جوعا و تعبت من البكاء و الصراخ في ظلمة البحر و ظلمة الليل ، لا تحزنو عليا أنا الطفلة مريم فالله عز و جل أحبني فأخذني الى جواره و انا الآن أخاطبكم من البيت المعمور بجواري اخوتي الصغار كما ترون و انا في كفالة سيدنا ابراهيم (عليه السلام) لا تحزنو عليا اهل تونس و انت يا أمي و أبي و كل عائلتي لكم مني سلامي و لكم مني كل الشكر على الثلاث سنوات التي عشتها معكم شكرا أمي و أبي سأظل أحبكم كثيرا فلا تحزنو عليا لأن الله سيعوضكم بالذرية الصالحة ، و انتم يا اهل تونس شكرا لكم على صبركم معي و حبكم لي و لوعتكم عليا و سهركم المتواصل و دعمكم لي و بكائكم الصادق لما جاءكم خبر وفاتي فلا تنسوني و ادعو لي بالرحمة و لا تنسوا امي و ابي و ساندوهم في هذه المحنة التي ستكون قاسية عليهم لأنهم لم يكونوا هم السبب فيما جرى لي هذا قدري و الحمد لله على ما اعطاني …. احبكم كثيرا
نقد الكاتبة أمال الحاجي
يتميز النص بلغة بسيطة لكنها مؤثرة، تعتمد على تكرار العبارات مثل “لا تحزنو عليا” لتعميق الأثر العاطفي في نفس القارئ. صوت الطفلة البريء يظهر بوضوح من خلال استخدام الضمير “أنا”، مما يعطي النص طابعاً شخصياً وحميمياً.
الصور البلاغية في النص تعتمد على التناقض، مثل “ظلمة البحر وظلمة الليل” مقابل “البيت المعمور”، حيث تمثل الأولى المعاناة والوحدة، بينما ترمز الثانية إلى السلام الإلهي. هذا التضاد يعزز الإحساس بالمأساة ويجعل القارئ يشعر بالتفاوت بين عذاب الدنيا وطمأنينة الآخرة.
العاطفة في النص قوية ومباشرة، تعتمد على وصف المعاناة الجسدية والنفسية للطفلة، مما يدفع المتلقي إلى التعاطف الشديد. لكن هناك بعض المبالغة في استثارة المشاعر، خاصة مع الاستخدام المتكرر للرموز العاطفية مثل الدموع والقلوب المحطمة، مما قد يقلل من العمق الأدبي لدى بعض القراء.
الانزياح عن الواقع يظهر عندما تتحول الطفلة من ضحية إلى راوية تتكلم من العالم الآخر، مما يضفي على النص طابعاً خيالياً يخفف من قسوة الواقع. هذا الأسلوب يعطي رسالة مفادها أن الموت ليس نهاية، بل انتقال إلى حياة أفضل، مما يوفر نوعاً من المواساة الروحية.
الجانب الديني حاضر بقوة، خاصة مع الإشارة إلى “سيدنا إبراهيم” و”البيت المعمور”، مما يعطي النص شرعية دينية ويحول المأساة إلى قصة صبر وثواب. العبارات مثل “هذا قدري والحمد لله” تعكس قبولاً بالقدر الإلهي، وهو أسلوب شائع في الأدب التراجيدي ذي الطابع الإسلامي.
من حيث اللغة، النص يستخدم لهجة عامية في بعض المواضع، مثل “تحزنو” بدلاً من “تحزنوا”، مما قد يقلل من فصاحته لكنه في المقابل يجعله أكثر قرباً من اللهجة الشعبية التونسية، مما يعزز صدقه العاطفي.
أما نقاط الضعف فتكمن في غياب التفاصيل الحسية التي كانت ستجعل النص أكثر قوة، مثل وصف برودة الماء أو صوت الأمواج، والتي كانت ستضيف بعداً واقعياً مؤثراً. كما أن الاعتماد الكبير على العاطفة المباشرة قد يجعل النص يبدو وكأنه يستغل المشاعر بدلاً من بنائها بشكل أدبي متقن.
بشكل عام، النص ناجح في إثارة المشاعر وإيصال رسالته بأسلوب مؤثر، لكنه كان سيصبح أكثر قوة لو تمت إضافة تفاصيل أدبية أكثر تعمقاً وتقليل الاعتماد على العاطفة المباشرة.