10:25 مساءً / 23 يونيو، 2025
آخر الاخبار

مرسوم رئاسي يُنصف القدس وأهلها ، فارسين أغابكيان شاهين وزيرةً لخارجية فلسطين ، بقلم: رانية مرجية

مرسوم رئاسي يُنصف القدس وأهلها: فارسين أغابكيان شاهين وزيرةً لخارجية فلسطين ، بقلم: رانية مرجية

في زمنٍ عزّ فيه الاعتراف بالكفاءات، وسط ضجيج الفساد، وغياب الانصاف، أطلّ علينا خبرٌ بهيّ، يليقُ أخيرًا بوجه القدس التعددي، ويكرّس حقيقة أن فلسطينَ، رغم الجراح، ما زالت تُنجب نساءً من طرازٍ نادر، صاعدات كالشمس لا تأبه لظلمةِ المشككين. مرسومٌ رئاسيّ صادر عن رئيس دولة فلسطين محمود عباس، قضى بتعيين الدكتورة فارسين أغابكيان شاهين وزيرة دولة لشؤون الخارجية والمغتربين، في خطوة هي الأولى من نوعها – إذ لم يسبق أن اعتلت امرأة فلسطينية من أصول أرمنية هذا المنصب.

فمَن هي فارسين؟


ومن أي منبعٍ جاءت هذه السيدة المهيبة؟


ومن أي صبرٍ وذكاءٍ نُسجت مسيرتها المذهلة؟

القدس تكتب ابنتها

وُلدت فارسين شاهين في حضن الشتات، في عمّان عام 1958، لأسرة أرمنية مقدسية حافظت على جذورها كما تحفظ القدسُ ترابها. اختارت أن تنحاز مبكرًا للعلم لا للشعارات، فشدّت رحالها إلى أميركا لتحصيل العلم العالي، لتعود بشهادات لا تُحصى، ولكنها عادت أولًا بروحٍ لا تعرف الهزيمة. حصلت على ماجستير في إدارة التمريض من جامعة إنديانا بيرديو عام 1983، ثم دكتوراه رفيعة في سياسات التعليم والإدارة من جامعة بيتسبرغ عام 1988.

ما إن عادت إلى فلسطين، حتى جعلت من جامعة القدس بيتًا ومنبرًا، وعملت فيها أكثر من عشرين عامًا أستاذةً وعميدةً وقائدة تطوير. أشرفت على تأسيس كليات، وتطوير برامج، وصياغة أحلام أجيال. كانت ترى في التعليم خلاصًا، وفي المرأة طاقة لا يليق أن تُكسر، ولا تُستعمل كزينة في احتفالات الرسميين.

المرأة الأرمنية المقدسية التي كُتبت لتبقى

فارسين شاهين ليست طارئة على الحياة العامة. كانت حاضرة في أكثر من مؤسسة وموقع: من رئاستها للجنة المستقلة لحقوق الإنسان، إلى توليها ملف بناء المؤسسات في مكتب الرئيس، وصولًا إلى إدارتها الملف الثقافي الأضخم في تاريخ فلسطين: القدس عاصمة الثقافة العربية 2009. وفي كل ذلك، لم تبحث فارسين عن الأضواء، بل كانت هي الضوء الذي يُضيء دهاليز السياسات العقيمة.

هي من النسوة القلائل اللواتي دمجن بين العمل الأكاديمي، والدور التنموي، والمساهمة السياسية. وهي من الأرمن القلائل الذين ظلّوا يرون القدس قلب العالم، لا مجرد عنوان إقامة.

ومن يعرف فارسين، يعرف كم انشغلت بصمتٍ – دون أي مزايدة – بحماية الحي الأرمني من مشاريع الاستيطان والسطو. اشتغلت على الأرض، بتفانٍ، لا بشعارات، ولم تنتظر الكاميرات كي توثّق نضالها. أرمنية نعم، ولكن فلسطينية حتى النخاع. مقدسية لا تُخدع، امرأة لم تدخل السياسة بحثًا عن رتبة، بل خدمةً لوطنٍ يليق به أن تُمسك دفة خارجيته عالِمة ومثقفة مثلها.

التعيين الذي انتظرناه طويلًا

أن تُعيَّن فارسين شاهين وزيرة، ليس مجاملةً لأحد. بل هو تصحيحٌ لمسار طويل من التهميش غير المعلن للخبرات، خاصةً للنساء المسيحيات، ولأبناء الطوائف الأصيلة في هذا البلد الجريح. هو تكريمٌ صادق للقدس ولأرمنها، للمرأة وللثقافة، للعلم وللإرادة.

فيا فارسين، أيتها الزميلة في الحلم، نبارك لكِ باسم من يؤمنون أن الوزارات ليست جوائز ترضية، بل تكليفٌ ورسالة.
نبارك لكِ باسم نساء القدس الناجيات من النسيان.


نبارك لكِ باسم الأكاديميين الذين أُقصوا، وباسم الحقوقيين الذين ناضلوا بصمت.


نبارك لكِ باسم كل مسيحي ومسلمة في هذا الوطن، ما زال يعتقد أن فلسطين لا يمكن أن تكتمل من دون أرمنها ومبدعيها.

في الختام

أيتها الوزيرة،
اذهبي إلى عملك وارفعة الرأس.
فأنت لست سفيرة لجالية، بل ناطقةٌ باسم أمة.
أنتِ لا تمثلين طائفة، بل كرامةَ القدسِ التي أنجبتك.
أنتِ عنوانٌ جديد لفلسطين الممكنة، فلسطين التي تُدار بكفاءتها لا بامتيازات عشائرها.

دمتِ، ودامت القدس بكِ،
ودام لأرمن فلسطين فخرهم بك

شاهد أيضاً

الاحتلال يغلق مدخل اللبن الشرقية الرئيسي وطرقا فرعية بالسواتر الترابية

شفا – أغلقت قوات الاحتلال الاسرائيلي، اليوم الاثنين، المدخل الرئيسي لقرية اللبن الشرقية جنوب نابلس، …