12:31 صباحًا / 22 يونيو، 2025
آخر الاخبار

تغلغل الرواية الصهيونية في الإعلام العربي ، بين التطبيع الإعلامي وتزييف الوعي ، بقلم : معمر العويوي

تغلغل الرواية الصهيونية في الإعلام العربي ، بين التطبيع الإعلامي وتزييف الوعي ، بقلم : معمر العويوي

تغلغل الرواية الصهيونية في الإعلام العربي ، بين التطبيع الإعلامي وتزييف الوعي ، بقلم : معمر العويوي

في ظل الصراع المستمر بين الشعب الفلسطيني ودولة الاحتلال الإسرائيلي، كان الإعلام دومًا ساحة معركة لا تقل أهمية عن الميدان العسكري. ومع تقدم الزمن، شهدنا تحولًا خطيرًا في الخطاب الإعلامي العربي، حيث بدأت بعض القنوات العربية في استضافة محللين وسياسيين إسرائيليين، للدفاع عن جرائم الاحتلال وترويج روايته، تحت مسمى “الرأي والرأي الآخر”. هذا التوجه الذي كان في بداياته مستهجنًا ومرفوضًا، أصبح اليوم ظاهرة شبه طبيعية، تدخل في إطار ما يمكن تسميته بـ”التطبيع الإعلامي”، بل وأحيانًا “الانحياز التطبيعي”.

أولًا: بدايات الاستضافة.. من الرفض إلى القبول التدريجي


لم يكن من السهل على المتلقي العربي تقبّل ظهور مسؤول إسرائيلي على شاشة عربية. فالعقل الجمعي العربي، المُشبَع بتاريخ طويل من الرفض للعدوان الصهيوني، لم يكن يطيق رؤية من يبرر قتل الأطفال الفلسطينيين أو تدمير البيوت الآمنة. إلا أن بعض القنوات الإعلامية، بدافع “السبق الصحفي” أو “الحياد المهني”، فتحت أبوابها للناطقين باسم الاحتلال. ومع تكرار هذه الممارسات، حدث نوع من التبلد الجماهيري، وتراجعت مشاعر الرفض تدريجيًا، ليحل محلها نوع من التقبل الصامت.

ثانيًا: تغلغل الرواية الصهيونية عبر الشاشات العربية


الخطر الحقيقي لا يكمن فقط في ظهور الإسرائيليين على القنوات العربية، بل في تسلل الرواية الصهيونية إلى وعي المشاهد العربي. أصبحت المصطلحات الإسرائيلية تُستخدم دون مساءلة: “الدفاع عن النفس”، “الرد على الإرهاب”، “الكيانات المسلحة”، وهي مفاهيم تُستخدم لتبرير قتل المدنيين الفلسطينيين وتصفية المقاومة. والأسوأ من ذلك، بدأ بعض الإعلاميين العرب في تبنّي هذه المصطلحات والترويج لها، بل والدفاع عن الاحتلال علنًا، تحت ذرائع “الواقعية” أو “التحليل السياسي”.

ثالثًا: من التطبيع الإعلامي إلى ما بعده.. العربي المتصهين


في المرحلة الحالية، برزت ظاهرة خطيرة يمكن تعرف بـ”العربي المتصهين”، وهو الشخص العربي الذي يتحدث بلغة الاحتلال، ويبرر جرائمه، بل ويحمّل الفلسطينيين مسؤولية القتل والدمار الذي يتعرضون له. هذا النوع من الشخصيات لا يكتفي بتبرير الجرائم الصهيونية في فلسطين، بل يمتد دفاعه ليشمل أي عدوان تشنه إسرائيل على دول عربية أو إسلامية، كما حصل مؤخرًا في عدوانها على لبنان وسوريا.

رابعًا: التأثير على الوعي العربي وقضية المقاومة


هذا التحوّل الإعلامي أضعف موقف المقاومة في الوجدان العربي. فقد بات البعض ينظر إلى المقاومة على أنها “عبء” أو “سبب المشاكل”، بدلًا من أن تكون رمزًا للصمود والتحرر. هذه التحولات لا يمكن فصلها عن حملة التطبيع الأوسع، سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا، والتي تسعى لتجريد القضية الفلسطينية من رمزيتها في الوعي العربي والإسلامي.

إن استضافة شخصيات صهيونية على القنوات العربية ليس مجرد خطأ مهني أو تجاوز إعلامي، بل هو سلوك سياسي خطير يسهم في إعادة تشكيل وعي المشاهد العربي على أسس مزيفة. ومن هنا، فإن من واجب الإعلام الحر والملتزم بقضايا الأمة أن يتصدى لهذا الانحدار، عبر كشف زيف الرواية الصهيونية، وتعزيز سردية المقاومة والحق، والحفاظ على البوصلة الأخلاقية والإعلامية التي تنحاز دومًا إلى المظلوم لا إلى الجلاد.

شاهد أيضاً

الاحتلال يواصل اقتحام نزلة الشيخ زيد في جنين ويستولي على 3 منازل

الاحتلال يواصل اقتحام نزلة الشيخ زيد في جنين ويستولي على 3 منازل

شفا – واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، اقتحام قرية نزلة الشيخ زيد في جنين، …