
امتحانات الثانوية العامة في محافظة سلفيت: إرادة تصنع المستقبل رغم الإغلاق والضغوط النفسية ، بقلم : د. عمر السلخي
بين أصوات الإغلاق وقيود الحصار التي تحيط بمحافظة سلفيت، تفتح المدارس أبوابها صباح كل يوم لاستقبال جيل يسعى نحو النور، متحديًا كل التحديات، ومتشبثًا بحقّه في مستقبل أفضل ، امتحانات الثانوية العامة للعام 2025 ستنطلق في أجواء مشحونة سياسيًا وأمنيًا، لكنها في ذات الوقت مشحونة بالأمل، مدعومة بجاهزية رسمية ومجتمعية لاحتضان الطلبة وتوفير الحد الأدنى من الاستقرار خلال هذه المرحلة المفصلية.
بحسب ما أكده عطوفة محافظ سلفيت مصطفى طقاطقة، فب بيان رسمي : فإن عدد المتقدمين للامتحانات هذا العام بلغ 1588 طالبًا وطالبة، موزعين على 22 قاعة امتحانية تغطي مختلف قرى وبلدات المحافظة. ورغم الظروف الأمنية المتوترة الناتجة عن الإغلاقات والحصار المفروض، فقد تم اتخاذ كافة الترتيبات اللوجستية والصحية والأمنية لضمان سير الامتحانات بسلاسة وانتظام.
وفي وقت تعاني فيه المحافظة من الاغلاقات، ومن صعوبة في التنقل بين البلدات بسبب الحواجز، جاءت دعوة المحافظ واضحة في بيان رسمي صدر اليوم: “على المجتمع أن يتحمل مسؤولياته في توفير الأجواء المناسبة لأبنائنا الطلبة، فهذه لحظة وطنية تتطلب تضافر الجهود كافة.”
القلق النفسي والضغوط المتزايدة
في حديث مع عدد من الطلبة، برزت معاناة من نوع آخر، أكثر خفاءً من الحواجز العسكرية، لكنها أكثر إيلامًا: التوتر والضغط النفسي ، فالوضع السياسي الراهن، إلى جانب الخوف من عدم الوصول إلى قاعة الامتحان في الوقت المناسب، وصعوبة الاستعداد النفسي الكامل بسبب تقلب الأوضاع، كلّها عوامل تؤثر سلبًا على أداء الطلبة.
الطالبة “ن. ج.” من بلدة كفر الديك تقول: “الليالي الأخيرة قبل الامتحان صعبة، الكهرباء مش دايمة، ودايمًا بنخاف من أي طارئ يمنعنا نوصل القاعة.” بينما يعبّر الطالب “م. س.” من سلفيت عن مخاوفه من التشويشات الأمنية: “نسمع عن اقتحامات، وأحيانًا بيصير إطلاق نار قريب، كيف الطالب بده يركز؟”
توجيهات رسمية ونصائح للطلبة
محافظة سلفيت ووزارة التربية والتعليم وضعتا تعليمات صارمة لضمان النظام والانضباط، منها:
منع دخول غير الكوادر التربوية إلى ساحات المدارس.
منع الضوضاء والمفرقعات، خاصة في ساعات الامتحانات.
تفعيل دور المراكز الصحية وهيئات الطوارئ، تحسبًا لأي طارئ طبي.
في هذا السياق، يقدم اختصاصيون تربويون ونفسيون النصائح التالية للطلبة:
تنظيم الوقت: جدول مراجعة واضح لكل مادة يساعد في تقليل القلق.
الراحة النفسية: تجنب متابعة الأخبار المقلقة قبل النوم أو أثناء الاستعداد للامتحان.
التنفس العميق وتمارين الاسترخاء: يمكن أن تقلل من التوتر وتزيد من التركيز.
التغذية الجيدة: وجبة فطور خفيفة ومتوازنة صباح يوم الامتحان أمر مهم.
عدم مراجعة الأسئلة بعد الخروج من القاعة: لتجنب الإحباط والتركيز على القادم.
دور المجتمع: مسؤولية جماعية
في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها سلفيت، بات دور العائلة والمجتمع أكثر أهمية من أي وقت مضى ، من الواجب على الأسر الحد من الضغوط، وتوفير الدعم العاطفي والهدوء المنزلي، وتجنب المقارنات السلبية بين الطلبة.
كما دعا المحافظ إلى استخدام المنابر الدينية لنشر التوعية، عبر خطب الجمعة التي تحث على دعم الطلبة وتهيئة الأجواء النفسية الهادئة لهم.
وراء كل طالب وطالبة في قاعات الامتحان اليوم، قصة كفاح طويلة ، ووراء كل ورقة أسئلة، أحلام معلقة بواقع يحاول أن ينتصر عليه هذا الجيل بقوة إرادته.
امتحانات هذا العام ليست فقط تقييمًا دراسيًا، بل شهادة على قدرة الإنسان الفلسطيني على مواصلة الحياة، والتعليم، والنجاح رغم الحصار.
معًا نحو مستقبل واعد لأبناء شعبنا… رغم كل التحديات.