
شفا – يصادف 17 يونيو من كل عام اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف، وغرضه زيادة الوعي العالمي بالتصحر وتدهور الأراضي والجفاف، وحث الدول على اتخاذ إجراءات لمواجهة هذا التحدي الخطير. ويُطلق على التصحر اسم “سرطان الأرض”، فهو لا يهدد سلامة النظم البيئية فحسب، بل يؤثر أيضا بشكل مباشر على الأمن الغذائي العالمي وإمدادات المياه.
وتعتبر الصين واحدة من الدول التي لديها مساحات شاسعة من الأراضي المتصحرة وعدد كبير من السكان المتضررين، وقد اكتسبت الصين على مر السنين خبرة غنية في مكافحة التصحر، ومن خلال التعاون الدولي، ساعدت دولا أخرى على مواجهة هذا التحدي العالمي، لتصبح رائدة في مكافحة التصحر على مستوى العالم.
وبعد عقود من الجهود، حققت الصين إنجازات ملحوظة في مكافحة التصحر. ووفقا لبيانات الإدارة الوطنية للغابات والمراعي، نجحت الصين في تحقيق انخفاض مستمر في مساحة الأراضي المتصحرة، وهو إنجاز يعكس الأهمية الكبيرة التي توليها الحكومة الصينية، والتخطيط العلمي، والمشاركة الشعبية.
ولم تكتفِ الصين بتحقيق إنجازات ملحوظة في مكافحة التصحر محليا، بل شاركت أيضا بنشاط في التعاون العالمي لمكافحة التصحر، وقدمت الدعم الفني وتبادلت الخبرات مع الدول الأخرى. وبصفتها طرفا في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، تلتزم الصين دائما بتعزيز التعاون الدولي في مجال إدارة التصحر على مستوى العالم.
وتعد أفريقيا واحدة من أكثر المناطق تضررا من التصحر في العالم، حيث يشكل توسع الصحراء الكبرى تهديدا كبيرا للنظم البيئية والتنمية الاقتصادية المحلية. وقد شاركت الصين بنشاط في جهود مكافحة التصحر في أفريقيا من خلال منصات مثل منتدى التعاون الصيني الأفريقي، حيث تعاونت الصين مع الدول الأفريقية لتعزيز مبادرة “السور الأخضر العظيم”، وساعدت الدول الأفريقية على إنشاء أحزمة غابات واقية على الحافة الجنوبية للصحراء الكبرى، بهدف منع المزيد من التوسع الصحراوي. وفي نيجيريا، أدخل خبراء صينيون نباتات مقاومة للجفاف تتناسب مع الظروف المناخية المحلية، ونظموا دورات لتدريس تقنيات الري المتقدمة الموفرة للمياه. ولم تسهم هذه الإجراءات في زيادة الغطاء النباتي فحسب، بل حسنت أيضا الظروف الزراعية المحلية، ووفرت مصادر رزق مستدامة للسكان المحليين.
وتعاني منطقة آسيا الوسطى من مشاكل خطيرة تتعلق بتدهور الأراضي بسبب المناخ الجاف والرعي الجائر. ومن خلال مبادرة “الحزام والطريق”، تتعاون الصين مع دول آسيا الوسطى في تنفيذ مشاريع ترميم بيئي. وفي كازاخستان، شاركت الشركات الصينية مع الحكومة المحلية، باستخدام التكنولوجيا والخبرة الصينية، في زراعة نباتات مقاومة للجفاف وبناء أحزمة غابات واقية من الرياح في المناطق المتصحرة. وقد أسهمت هذه الإجراءات بشكل فعال في إبطاء وتيرة تدهور الأراضي وتحسين البيئة الإيكولوجية المحلية. وفي أوزبكستان، يشكل التملح أحد الأسباب الرئيسية لتدهور الأراضي. وتعاون خبراء صينيون مع الحكومة الأوزبكية لتعزيز تقنيات تحسين الأراضي المالحة في الصين. ومن خلال استخدام المحسنات وزراعة المحاصيل المقاومة للملوحة وبناء أنظمة الصرف، نجحوا في تحسين آلاف الهكتارات من الأراضي المالحة، واستعادة القدرة الإنتاجية الزراعية للأرض.
وتقدم الصين أيضا مساعدة فنية وتدعم بناء القدرات للدول النامية الأخرى من خلال آلية التعاون بين بلدان الجنوب. وعلى سبيل المثال، تتعاون الصين مع باكستان لتعزيز أنظمة الري بالطاقة الشمسية وتقنيات الزراعة الموفرة للمياه في المناطق المتصحرة. ولم تسهم هذه التقنيات في تحسين كفاءة استخدام المياه فحسب، بل ساعدت أيضا المزارعين المحليين على زيادة دخلهم.
وبالإضافة إلى ذلك، قدمت الصين خبراتها وتقنياتها في مجال مكافحة التصحر للدول النامية من خلال تنظيم دورات تدريبية دولية وإرسال فرق من الخبراء. وبحسب إحصاءات، دربت الصين آلاف الفنيين في مجال مكافحة التصحر لصالح أكثر من 100 دولة.
وفي ظل تفاقم تغير المناخ العالمي، أصبحت مشكلة التصحر أكثر تعقيدا وخطورة. وتشير تجربة الصين الناجحة في مكافحة التصحر إلى أنه من خلال التخطيط العلمي والابتكار التكنولوجي والتعاون الدولي، يمكن احتواء التصحر وتغيير مساره بشكل فعال. ولا تسهم جهود الصين في تعزيز الأمن البيئي العالمي فحسب، بل تقدم أيضا دعما قويا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030.