
متى نتوحَّد ننتصر ، بقلم : أ. خليل إبراهيم أبو كامل
في خضمِّ ما نعيشه من أزمات، وفي ظلِّ التحديات المتزايدة التي تُحاصر أوطاننا ومجتمعاتنا من كل جانب، يبرز سؤالٌ مُلحٌّ يطرق أبواب الضمير العربي والإسلامي والإنساني على حدٍّ سواء: متى نتوحَّد؟ فالإجابة عن هذا السؤال ليست ترفًا فكريًّا، بل هي مفتاحٌ للنجاة، وشرطٌ للنصر، وضرورةٌ وجودية.
لقد علَّمنا التاريخ، وأكَّدت لنا الوقائع، أن الفرقة ضعف، وأن الوحدة قوّة. حين نتشرذم، يسهل تفريقنا وتمزيق صفوفنا، أمّا حين نتوحَّد، نصبح كتلةً صلبةً عصيّةً على الانكسار. في ماضينا شواهد لا تُحصى على أن النصر لا يولد من رحم الفرقة، بل من رحم الوحدة والتكاتف. في يوم بدر، كان المسلمون قلّة، لكنهم كانوا متّحدين، فانتصروا. وفي يوم الأندلس، حين دبَّ الخلاف، ضاعت حضارة.
لكن الوحدة التي ننشدها ليست مجرَّدَ شعارٍ يُرفَع، ولا خطابٍ يُتلى في المناسبات، بل هي سلوكٌ عملي، والتزامٌ جماعي، ورؤيةٌ مشتركة. نتوحَّد حين نضع المصلحة العامة فوق المصالح الضيّقة. نتوحَّد حين نُغلِّب صوتَ العقل على صخب التعصّب. نتوحَّد حين نؤمن أن قوّتنا في تنوّعنا، لا في انغلاقنا.
وحين نتوحَّد، ننتصر. ننتصر على أعدائنا الذين لا يُفرّقون بين عربيٍّ وآخر، ولا بين مذهبٍ وآخر. ننتصر على الجهل والتخلّف، على الفقر والاستبداد، على التبعيّة والذلّ. ننتصر حين نرى في كل يدٍ ممدودةٍ أخًا لا خصمًا، وشريكًا لا غريمًا.
إن طريق الوحدة ليس مفروشًا بالورود، ولكنه أيضًا ليس مستحيلًا. يبدأ من الداخل، من إيماننا بأننا نستحق الأفضل إذا تخلّينا عن الأنا لصالح الـ”نحن”. تبدأ الوحدة من احترامنا لآرائنا المختلفة، ومن قدرتنا على إدارة خلافاتنا دون أن نمزّق بعضنا بعضًا.
فلنعد إلى السؤال: متى نتوحَّد؟ الجواب بسيط بقدر ما هو عميق: حين ندرك أن النصر مرهونٌ بوحدتنا، وأنّ تأخّره ناتجٌ عن تفرُّقنا.
فلنوحِّد الصفوف، لنصنع المستقبل، ولنجعل من هذا الشعار حقيقةً نعيشها: “متى نتوحَّد، ننتصر.”