11:41 مساءً / 15 يونيو، 2025
آخر الاخبار

إدارة المخاطر في ظل الأزمة: من الفوضى إلى التخطيط الواعي ، بقلم: د. عمر السلخي

إدارة المخاطر في ظل الأزمة: من الفوضى إلى التخطيط الواعي ، بقلم: د. عمر السلخي

إدارة المخاطر في ظل الأزمة: من الفوضى إلى التخطيط الواعي ، بقلم: د. عمر السلخي

في قلب العاصفة التي تعصف بمحافظة سلفيت، ومع استمرار الإغلاقات الشاملة وغياب الأفق، يبرز سؤال وجودي: هل نحن جاهزون حقًا لمواجهة الأزمات؟ وهل نمتلك ما يكفي من الوعي والإدارة لتقليل الخسائر وضمان تماسك مجتمعنا؟ إن إدارة المخاطر ليست رفاهية إدارية، بل ضرورة وطنية واجتماعية في ظل واقعٍ يزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم.

ما المقصود بإدارة المخاطر؟

هي عملية شاملة تبدأ بتحديد التهديدات المحتملة، ثم تقييم مواطن الضعف، فالتخطيط لمواجهتها عبر خطوات استباقية، وليس فقط بعد وقوع الضرر. هذا المفهوم الذي تتبناه كبريات المؤسسات العالمية مثل “FEMA” و”الاستراتيجية الدولية للحد من الكوارث UNDRR”، يمكن تطبيقه محليًا لتقوية مناعتنا المجتمعية.

واقع سلفيت تحت الاغلاق

تواجه محافظة سلفيت اليوم تحديات مركبة:

إغلاق شبه تام لكافة المداخل.

صعوبة وصول الغذاء والدواء والوقود.

شلل في حركة العمال والطلاب.

تهديدات بانقطاع الكهرباء والمياه.

غياب البنية التحتية البديلة.

هذا الوضع يُحتم علينا أن ننتقل من ردّات الفعل إلى هندسة استجابتنا للأزمات، بوضع خطط محلية متكاملة لإدارة المخاطر على مستوى البلدة والعائلة والمؤسسة.

خطوات عملية مقترحة

تقييم المخاطر المجتمعية: وضع خريطة تشمل نقاط الضعف في القطاعات المختلفة (صحية، لوجستية، تعليمية، سكانية).

بناء سيناريوهات متعددة: ماذا لو انقطعت الكهرباء لأيام؟ أو تعطلت شبكات الاتصال؟ أو تعذّر الوصول للدواء؟

تشكيل لجان طوارئ محلية: تضم اختصاصيين من المجتمع (أطباء، مهندسين، إعلاميين، معلمين، متطوعين).

تأمين مخازن للطوارئ: تشمل الأغذية الأساسية والمياه وأدوات الإضاءة والبطاريات.

تعزيز الطاقة البديلة: كالطاقة الشمسية لتشغيل مرافق صحية ومراكز طوارئ.

تدريب المجتمع: على الإسعاف الأولي، تخزين الطعام والماء، ترشيد الاستهلاك، وتجاوز الصدمة.

التكافل والتخطيط: جناحا النجاة

لا يمكن لأي خطة أن تنجح دون روح التعاون المجتمعي. في الأزمات، يصبح التكافل حجر الزاوية في البقاء الكريم. يجب أن تُبنى جسور الثقة بين المواطن ومؤسسته، وبين الجار وجاره، وبين التجار والفئات المحتاجة.

كما أن الإعلام له دور في توعية الناس وتعزيز سلوكيات النجاة، وكذلك الخطاب الديني يجب أن يُسهم في التوجيه والإسناد الروحي، خاصة فيما يتعلق بقضايا مثل الطهارة والوضوء في حال شح المياه.

ما بعد الأزمة

بعد مرور كل أزمة، علينا أن نُجري تقييمًا صريحًا لأوجه القصور والنجاح، ونُحدث خططنا بناءً على الدروس المستفادة، مع تنظيم تدريبات دورية واستثمار تجربة الألم في تقوية قدراتنا المستقبلية.

إن إدارة المخاطر ليست مجرد وثائق مكتوبة أو إعلانات طارئة، بل ثقافة مجتمعية تبدأ من المنزل، وتصل إلى صانع القرار. وكلما كانت خططنا أكثر واقعية وتشاركية، كانت قدرتنا على الصمود أكبر.
فلنتحد… ولنتخطّ الأزمة، لا بردّات الفعل، بل بإرادة التخطيط وأخلاق التكافل.

شاهد أيضاً

3 شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مدينة غزة

شفا – استُشهد ثلاثة مواطنين، مساء اليوم الأحد، في قصف للاحتلال الإسرائيلي على مدينة غزة. …