
“مزرعة يائير” من بؤرة استيطانية إلى مستوطنة شرعية على أراضي حارس وقراوة بني حسان ، بقلم : د. عمر السلخي
في خطوة تصعيدية خطيرة، أقدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مؤخرًا على شرعنة البؤرة الاستيطانية “مزرعة يائير” الواقعة شمال غرب مدينة سلفيت، لتتحول رسميًا إلى مستوطنة جديدة معترف بها من قبل الحكومة الإسرائيلية، وذلك ضمن مخطط توسعي يستهدف تثبيت السيطرة على أراضي الفلسطينيين في المنطقة (ج) وتفكيك نسيجهم الجغرافي والديمغرافي.
تقع المستوطنة الجديدة على أراضي تتبع قريتي حارس وقراوة بني حسان، حيث قام المستوطنون مؤخرًا بتكثيف اعتداءاتهم على الأراضي الزراعية، وملاحقة المزارعين، ووضع سياجات وشق طرق ترابية تؤشر إلى مخطط استيطاني واسع النطاق.
من “مزرعة” إلى مستوطنة… سياسة فرض الأمر الواقع
تأسست “مزرعة يائير” في العام 1999 كبؤرة زراعية غير قانونية، وأطلق عليها هذا الاسم نسبة إلى الوزير الإسرائيلي الأسبق “رحبعام زئيفي”، المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة والداعية إلى ترحيل الفلسطينيين. رغم عدم حصولها على اعتراف رسمي في البداية، إلا أنها استمرت بالنمو على حساب أراضي الفلسطينيين، مستفيدة من سياسة التغاضي والدعم الضمني من الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.
واليوم، تأتي شرعنة هذه البؤرة وتحويلها إلى مستوطنة رسمية ضمن سلسلة خطوات أعلنت عنها حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو، تستهدف تثبيت 10 بؤر استيطانية وتحويلها إلى مستوطنات قائمة، في إطار ما يسمى بـ”تقنين المستوطنات العشوائية”، وهي جزء من رؤية أوسع لضم فعلي وهادئ للضفة الغربية.
تهديد وجودي للأرض والإنسان
يُحذّر أهالي بلدتي حارس وقراءة بني حسان من أن هذه المستوطنة الجديدة تشكل خطرًا وجوديًا على أراضيهم الزراعية ومصادر رزقهم، إذ تشمل الخطة الاستيطانية مئات الدونمات من الأراضي الخصبة، بالإضافة إلى قطع التواصل الجغرافي بين التجمعات الفلسطينية في المنطقة الغربية من محافظة سلفيت.
وتُظهر خرائط التوسّع أن المستوطنة الجديدة تهدف إلى الربط بين عدة مستوطنات قائمة، مثل “ريفافا” و”بركان”، في محاولة لخلق حزام استيطاني يفصل شمال الضفة الغربية عن وسطها، ويمنع أي تطور عمراني أو زراعي فلسطيني في تلك المناطق.
شرعنة الاحتلال… تقويض لأي أفق سياسي
تأتي هذه الخطوة في ظل صمت دولي وتواطؤ أمريكي ضمني، رغم مخالفتها الواضحة للقانون الدولي، حيث تعتبر جميع المستوطنات في الضفة الغربية غير شرعية بموجب اتفاقيات جنيف الرابعة. ومع ذلك، تمضي الحكومة الإسرائيلية قدمًا في فرض وقائع جديدة على الأرض، ما يقوّض أي إمكانية لحل الدولتين، ويدفع نحو واقع الفصل العنصري الكامل.
دعوات للتحرك
في ظل هذه التطورات، يجب رفع ملف المستوطنة الجديدة إلى المحاكم الدولية، وتوثيق كل الانتهاكات، كما لا بد من تفعيل المقاومة الشعبية وحملات الدعم والإسناد للأهالي الصامدين على أراضيهم.
وفي وقت تتكثف فيه اعتداءات المستوطنين برعاية جيش الاحتلال، بات واضحًا أن المعركة لم تعد فقط على دونم هنا أو هناك، بل على الوجود الفلسطيني برمّته في المناطق المصنفة (ج)، حيث يحاول الاحتلال دفع الفلسطينيين إلى الهجرة القسرية عبر سياسات الحصار والمصادرة والاستيطان المتسارع.