شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .
التعليم بين التحرر والهيمنة : قراءة في ذاكرة الوطن وحق العودة، بقلم : ثروت زيد الكيلاني
إنّ التعليم لا يكون تعليماً حين يُختزل في شعارات مُعلّبة تُسوّق تحت مسمّيات براقة مثل السلام، والتسامح، دون أن تستند إلى العدالة والحق والتحرر. فالتسامح الحقيقي لا يعني محو الذاكرة، ولا أن نربّي أبناءنا على جلد ذاكرتهم الوطنية، وكأنّها عبءٌ يجب تجاوزه لا كنزٌ يجب صونه.
أخبروا المناهج – صراحة لا مواربة – أنّ صورة العودة يجب أن تتصدّر الصفوف الأولى، وأن كتاب القدس لا بد أن يُفتَح على كلّ السبورات، لا في الهامش، بل في المتن، في العناوين، في تمارين التعبير، وفي نبض الحروف.
فحين يفقد التعليم ملامح التحرر، يتحوّل شيئاً فشيا إلى مائدة يأكلُ عليها المحتلّ، مطمئناً أن “المنهاج” قد أدّى عنه مهمة التدجين. وحينئذ، لا يبقى من المدرسة سوى سقف منخفض للنجاة.
لا تصفّقوا طويلاً لعبارة السلام إن لم تمشِ على قدميها من بوابة العدل، وإن لم تسأل عن المفقودين في دفاتر التاريخ، وإن لم تعترف بالحقّ الذي لا يسقط بالتقادم.
علّموا أبناءكم:
أن الحروف التي لا تسند وطناً، ليست إلا أوراقاً مبتلّة، تصلح لمسودات الهزائم.
وأنّ الحبر الذي يُراوَض عن صدقه، ينقلب سواداً أخرس، وأن الحرف، حين ينحني لإملاءات قادمة من خلف زجاج المؤتمرات، يفقد لغته، ويضيع معنى وجوده.
يبقى التعليم في فلسطين أكثر من مجرد نقل للمعرفة؛ إنه نضال من أجل الهوية والذاكرة والحرية. لا سلام إلا عبر العدالة، ولا تعليم حقيقي إلا عبر الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في أرضه وحق العودة الذي لا يسقط بالتقادم. فالمدرسة الفلسطينية يجب أن تكون منبرا للحقيقة، وقلبًا ينبض بتراث الوطن، وملاذاً يزرع في نفوس أبنائنا حب فلسطين التي عانت وما زالت تصمد.
وفي عيد الأضحى المبارك، نستحضر معنى التضحية الحقيقية التي تحملها شعبنا الفلسطيني في كل يوم من أيام نضاله الطويل. عيد الأضحى، الذي يُذكّرنا بأنّ الحق والكرامة هما جوهر الحياة، يلهمنا لنواصل طريق التعليم كفعل تحرري وصون للذاكرة، ليبقى النور الفلسطيني مشرقاً في قلوب الأجيال القادمة، حاملاً معهم حلم العودة والتحرر.
