6:23 مساءً / 4 يونيو، 2025
آخر الاخبار

في غزة ، الجوع يتكلم، والمأوى حلم مكسور ، بقلم : الصحفي سامح الجدي

في غزة ، الجوع يتكلم، والمأوى حلم مكسور ، بقلم : الصحفي سامح الجدي

في غزة ، الجوع يتكلم، والمأوى حلم مكسور ، بقلم : الصحفي سامح الجدي

في شوارع قطاع غزة، لم يعد أكثر ما يُسمع هو ضجيج الحياة، بل أنينها. كلمات بسيطة، موجعة، تتردد على ألسنة الكبار قبل الصغار: “أنا جائع.. أنا بلا مأوى”. هذه العبارة التي ربما تُقال في لحظة تعب أو ألم، باتت اليوم في غزة حالة وجودية، تصف واقعًا قاسيًا تعيشه الغالبية الساحقة من السكان منذ شهور طويلة.

الجوع صوت المرحلة

الجوع في غزة ليس عارضًا، وليس أزمة مؤقتة. إنه الصوت الأعلى، يتحدث من بطون خاوية، ومن وجوه شاحبة، ومن نظرات الأطفال التي تفتقد البريق. مئات الآلاف باتوا لا يملكون قوت يومهم، ولا قدرة لهم على شراء ما يسد رمقهم. المخابز تُغلق أو تُقصف، المساعدات شحيحة ومتقطعة، وأسعار المواد الغذائية – حين تتوفر – تفوق قدرة أي عائلة متوسطة أو فقيرة.

في زمن الحرب الممتدة والحصار المستمر، لم يعد الجوع صدمة طارئة، بل أصبح رفيقًا دائمًا، يجلس على موائد خاوية، لا يبرحها، ويُحدث في النفوس أثرًا لا يندمل.

والمأوى.. صار حلمًا بعيدًا

الشق الثاني من العبارة لا يقل فداحة: “أنا بلا مأوى”. مئات آلاف النازحين في غزة فقدوا بيوتهم تحت ركام القصف. منازل تحوّلت إلى ذكريات، وأحياء بكاملها أُزيلت من الخارطة. يعيش الناس اليوم في خيام ممزقة، أو مدارس مكتظة، أو بين الجدران المحطمة، دون خصوصية، دون أمن، دون أمل.

بلا مأوى، تعني أكثر من مجرد فقدان البيت. إنها تعني فقدان الاستقرار، وتآكل الإحساس بالأمان، وضياع المستقبل. هي حالة من الانكشاف الكامل، أمام البرد، والحر، والخوف، والمرض، والمجهول.

كلمات تلخّص المأساة

“أنا جائع.. أنا بلا مأوى” ليست مجرد كلمات، بل شهادة حية على واقع إنساني كارثي. عبارة تخرج من فم الطفل كما من فم الجريح، من المرأة الثكلى كما من الشاب الذي حُرم من أبسط حقوق الحياة. إنها تلخّص أزمة مركبة من حرب، وحصار، وفقر، ونزوح، وخذلان عالمي.

ورغم بساطتها، فإن هذه العبارة تطرق أبواب الضمير الإنساني بقوة. فهل من أحد يسمع؟ هل من ضمير يتحرّك؟ أم أن الاعتياد على مشاهد الألم جعل حتى الجوع والنزوح مشهدًا عاديًا؟

غزة لا تطلب المستحيل

لا تطلب غزة الكثير. تطلب فقط أن تأكل، أن تسكن، أن تعيش بكرامة. تطلب ألا يسمع العالم صراخها فحسب، بل أن يستجيب. تطلب أن تكون الطفولة طبيعية، لا معركة من أجل البقاء. أن تكون البيوت بيوتًا، لا أهدافًا. أن يكون الخبز متوفرًا، لا أمنية.

لكن في ظل عالم أصمّ، تبقى هذه العبارة تتردّد كل يوم، كل لحظة:


“أنا جائع.. أنا بلا مأوى”.
وتبقى غزة تنتظر… أن يسمعها من لا يريد أن يسمع.

شاهد أيضاً

استطلاع رأي : ازدياد المشاعر السلبية تجاه “إسرائيل” بالعالم

شفا – أشار استطلاع عالمي نشره مركز بيو للأبحاث، أمس الثلاثاء، إلى ازدياد المشاعر السلبية …