
بين الحاجز والحلم ، قراءة تحليلية في رواية عناق على حاجز إيريز للكاتبة الفلسطينية رولا غانم ، بقلم : الكاتبة وفاء شاهر داري
قراءة تحليلية عن رواية “عناق على حاجز ايرز”
للكاتبة الفلسطينية: رولا غانم، اصدار ٢٠٢٤
بقلم: وفاء شاهر داري – كاتبة وباحثة من فلسطين
في رواية “عناق على حاجز إيريز” والتي تقع في 204 صفحات من القطع المتوسط، عن دار النشر ببلومونيا. تنسج الكاتبة “رولا غانم” عالماً سردياً يتقاطع فيه الألم الفلسطيني اليومي مع هموم المرأة وتفاصيلها الوجدانية والاجتماعية، عبر لغة مشحونة بالشعرية والانفعال. تقف الرواية على تخوم الذاكرة والحصار والجسد، حين يتحول الحب إلى فعل مقاومة، والكتابة إلى وثيقة نجاة. في هذه القراءة التحليلية، نقترب من البنية الأدبية للنص، نستكشف جماليات السرد وبراعة استخدام تقنيات الأساليب الأدبية وأبعادها، ونفكك التوترات العاطفية والرمزية في الرواية، لرؤية كيف يتحول حاجز بيت حانون “إيرز” من جغرافيا احتلال إلى استعارة وجودية تمس القارئ في العمق.
الرمزية والواقعية الاجتماعية
تمثل هذه الرواية رمزية وواقعية اجتماعية تصور الكاتبة من خلالها معاناة المرأة في الواقع الفلسطيني المعيش بشكل خاص والشعب الفلسطيني بشكل عام، وما يلاقيه يوميًا من غطرسة المحتل، ومن إذلال يومي على حواجز الاحتلال وما يلحقه من ظلم ومرارة، محاولًا سلبه كرامته وحياته الكريمة…
تبرز الرواية عدة نقاط تعتبر ركيزة ونقاط قوة في الرواية وذلك من خلال طرح البعد الإنساني العميق: تسلط الرواية الضوء على المعاناة اليومية تحت الاحتلال، من منظور إنساني لا دعائي، مما يمنحها بعدًا وجدانيًا صادقًا.
كذلك من خلال الشعرية السردية التي تمثيل صوت المرأة الفلسطينية: تعكس الرواية مقاومة المرأة لا بالسلاح فقط، بل بالصبر والحب والرغبة في الحياة.
تبدأ الكاتبة بداية روايتها من خلال سرد أحداث إنسانيّة واجتماعية، حيث تلقي الضوء على شخصيّة فلسطينية شابة تدعى “شرين”، من خلال سرد معاناتها وإحساسها اتجاه حياتها الشخصية والتي ليست ببعيدة من الواقع المعيش لشريحة كبيرة من النساء في المجتمع الفلسطيني.. تتخذ حياة “شرين” في مناحي كثيرة وترتبط لأكثر من مرة وتعاني ويلات كثيرة.
وتنتهي الرواية بتعارف “شرين” عبر شبكات التواصل الاجتماعي من خلال عملها على شاب من غزة يُدعى (فارس) لتتخذ الرواية منحى آخر في فتح باب مشرق لها … اللقاءات الأثيرية تُترجم إلى علاقة حب تُتوّج بزواج يتم في مصر بسبب حصار غزة …
العنوان:
نجحت الكاتبة في أن تشد انتباه القارئ من خلال عنوانها المتميّز “عناق على حاجز إيرز”، رغم بُعد العنوان عن مدخل ومنتصف أحداث الرواية، وجاءت تفسيراته في الجزء الأخير منها. يحمل عنوان الرواية دلالة رمزية قوية، إذ يجمع بين فعل إنساني حميم (العناق) ومكان قمعي (الحاجز)، ليعبر عن التناقض بين الحب والقيد، ويجسد الأمل والمقاومة في وجه الانفصال والجغرافيا المفروضة
الاهداء: تصور الكاتبة في كلمات الإهداء: ” إنها لا تُهدى لأحد؛ لأنها ذهبت الى المطبعة.. حينما ارتقى آلاف الأطفال هنا في بلادي.. ولم يوقف موتهم ظلمًا أيّ أحد، إنها لهم وحسب.”
هنا تجلت مشاعر الانتماء والتعاطف والتعاضد بين الجسم الفلسطيني الواحد؛ رغم سكين الاحتلال التي تقطع في أوصال جغرافيا أرضهم، وتستطع أن تقطيع انتمائهم لشعب وجسد واحد. أهدت روايتها إلى أطفال غزة المعذّبة، إلى التضحيات المقدَّمة على مذبح الطفولة على مرأى العالم، والعاطفة الصادقة البريئة.
الزمكان: حرصت الكاتبة على إضفاء طابع توثيقي زمني دقيق منذ الصفحات الأولى للرواية، من خلال تحديد التواريخ بدقة، كما في الإشارة إلى صباح يوم 23 آذار/مارس 2023. ولم يقتصر التوثيق على الإطار الزمني الشخصي أو السردي، بل امتد ليشمل محطات مفصلية في التاريخ الفلسطيني، مثل الإشارة إلى انطلاق انتفاضة الحجارة عام 1987، التي اندلعت شرارتها الأولى من مخيم جباليا في غزة، كما أوضحت الكاتبة. وقد تضمن السرد أيضًا استدعاءً لأحداث ورموز وطنية مؤثرة، مثل شارع استشهاد محمد الدرة، إضافة إلى التأكيد على أهمية إحياء ذكرى النكبة من خلال الفعاليات الوطنية التي تُقام على امتداد الجغرافيا الفلسطينية. بهذا، تُفعّل الرواية ذاكرةً جماعية تستند إلى الحدث والتاريخ، وتؤسس لخطاب أدبي ملتزم بقضايا النضال والهوية.”
انطلقت الأحداث في رواية من إحدى الشقق في نابلس تحتوي عدة نسوة يسكن، و تدور أغلب أحداثها في الضفة الغربية من فلسطين، لتتفرّغ بعد ذلك من خلال سرد الرواية لعدة أماكن، وبلدان عربية أجادت وصفها الكاتبة لتجعل القارئ يتعمق في المكان وتفاصيل الرواية ومنها (نابلس- حارة الياسمين، رام الله- دوار المنارة – ضريح الرئيس- مكتب الارتباط وغيرها ، غزة- خان يونس وفيه الشارع الذي توفى الشهيد محمد الدرة- دير البلح- معبر رفح ،عمان – مطار الملكة علياء، القاهرة- ميدان التحرير وطلعت حرب- مدينة الشيخ زايد والحارة السورية – مقهى الفيشاوي – شارع المعز- 6 أكتوبر- محل الكنافة النجمة النابلسية) وصف المكان والكادر المشهدي في السرد يضع القارئ في خضم الأحداث.
الشخصيات الرئيسة: تدور أحداث الرواية، بين عدد من الشخصيات الرئيسة والتي كانت لعدة أصوات: منح أكثر من شخصية صوتًا روائيا، يُعبّر كل منها عن وجهة نظره الخاصة وهما: (شرين، بسمة)
- شرين: تُعدُّ من الشخصيات الرئيسة في الرواية، وحتى يمكن اعتبارها الأكثر رئيسية لما يدور من أحداث حول هذه الشخصية الإنسانية، وهي التي أخذت قرارًا عكس التيار بالانفصال عن زوجها الأول، إكمال تعليمها الجامعي لتصبح صحفية وإعلامية مثل عمتها بسمة
- بسمة: صحفية، لا تؤمن بمنظومة الزواج تشعر أنها شراكة فاشلة، فأخذت قرار عدم الزواج رغم امتلاكها مقومات جمالية وجوهرية ونجاحًا في عملها، لتعيش مشاعر حب بدون أمل في الارتباط، فتختار رجل متزوج يعمل سياسي في السلطة يدعى(عصام).
- جواد: زوج شرين الأول من الضفة الغربية، والذي يمثل انموذجًا للشباب المتسلط في المجتمع الذكوري، وممارسة العنف اللفظي والجسدي على الزوجة، سببها التنشئة، وتربية الأبناء على التمييز والعنصرية بين الذكورة والأنوثة.
- عصام: من رام الله حبيب بسمة يعمل في السلطة الوطنية في احدى المناصب الإدارية.
- فارس: من غزة زوج شرين الثالث يتعرف على شرين ويتمكن أخيرا من الزواج منها.
الشخصيات الثانوية: وهي كثيرة وتم إعطائها مساحة جيدة تناسبها وسياق الرواية ومنها: والديّ شرين (هالة، ومحمد شرف). اخوة شرين
مروان: المهندس
أنس: المعتقل اداريًا لمدة سنوات دون محاكمة
عماد: يعمل في محل والدة
كفاح: المحامية
جارات شرين:
ربا الإعلامية والروائية
شفا – دارت سرد روايتها شرين في شقتها
نور ابنه شفا
عائشة أم زوجة شفا
الأحداث
تدور أحداث الرواية بتقنية الاسترجاع من خلال الزمن غير الخطي، حيث أجادّت الكاتبة سرد أحداث روايتها من خلال سرد لا يتبع زمنًا تقليديًا، وتنتقل بالقارئ بين الماضي والحاضر والمستقبل، رغم التشويش في البداية إلا أنه يخلق تشويقًا وطبقات سردية متعددة، حيث ابدعت في قفل الرواية بتقنية السرد الدائري حيث تعود الرواية في نهايتها إلى نقطة البداية. وهي من الأساليب والتقنيات السردية الروائية المعاصرة.
تتحدث الرواية عن حالات مجتمعية وأسرية فلسطينية، وحالة الصراع الدائم التي يواجها الفلسطيني خلال مسيرة حياته بسبب الظروف القاسية التي يمرّ بها يوميا سواء على مستوى المجتمع والاحتلال.
تدور أغلب الأحداث حول (شرين وبسمة)، حيث يتم التركيز بشكل مكثف على شخصية بطلة الرواية “شرين”، حيث يدور أغلب السرد في ضمير المتكلم بصوتها. فتشق طريقها بعصامية منقطعة النظير، بعد أن تنكّر لها زوجها، عادت إلى كنف أهلها لتبني حياة جديدة في مجتمع يقدّر الإنسانيّة، وأسرة محبة داعمة للمرأة، لأنها تستحق ذلك وبجدارة لما قدمته من تضحيات، بدءًا من تحمل عنف زوجها وتمادي واستغلال والدته في الأعمال المنزلية، وتدريس إخوة وأخوات زوجها.
كذلك ما عانته وغيرها من النساء من نظرة المجتمع إذا تأخرت المرأة بالإنجاب، أو لديها مشاكل في الإنجاب، تُعيَّر وتُعاقب على ذلك، يُشجَّع الزوج بالزواج ثانيةً، والتي أظهرتها الكاتبة من خلال شخصية (أم جواد)، زوج شرين الأول، والذي يقرر أن يتزوج على شرين سرًا لتكتشف زواجه وتقرر انتهاء مسلسل تنازلاتها وبالانفصال. واخيرًا تعيش “شرين” في كنف أسرتها مع ابنها، لتنتهي الرواية بزواجها من فارس من غزة في مصر بسبب حصار غزة. وبعد معاناة، يتم انتقال مكان سكن “فارس” للضفة الغربية ليتمكن من العيش اخيرًا مع “شرين”، وترزق منه بطفلين. فتعيش حياةً جديدة يسودها التقدير والحب، أثلجت صدرها، وعوّضتها خيرًا عمّا كان الحال مع زوجها السابق.
ولكن لا تسير الرياح بما تشتهي السفن يتم اعتقال زوجها فارس بتهم واهية بسبب نضاله ليحكم ثلاث سنوات.
كذلك رسمت الراوية حياة شخوص روايتها الثانوية والمساعدة، كبقية النساء الفلسطينيات اللواتي عانين قسوة الحياة، مثل: هالة والدة “شرين”، معاناتها في أسر ابنها “أنس”، نموذجًا للأمهات ومعاناتهن في سجن أبنائهن، بالاعتقال الإداري والحبس لأعوام دون محاكمة ويتم تمديد الحبس كل ستة شهور.
الأسلوب الأدبي والتقنيات السردية
تمتاز الرواية بأسلوب أدبي شاعري مكثف، يضفي جمالًا على السرد ويعكس التوترات النفسية بعمق. من خلال توظيف تقنيات سردية حداثية متنوعة كالسخرية، التهكم، الاسترجاع الزمني، واستدعاء المعلقات، مما يعمق البعد الدلالي والتاريخي للنص. ومنها:
- استخدام الاقتباسات الثقافية: توظيف اقتباسات من نزار قباني، محمود درويش، الشافعي وغيرهم، كخطّافات سردية تعزز البعد الرمزي والفكري للنص. من خلال تقنية “المعلقات\ الخطاف” أو “Hooks”، هذه التقنية تُعدّ من أدوات الكتابة الروائية المعاصرة، وغالبًا ما تُستخدم لإنهاء المقاطع، أو نهاية، أو بداية الفصل، بأسلوب غير تقريري، بل مفتوح ومشحون بالدلالة. وهي تقنية تعزز من تماسك النص وتحفّز القارئ للانتقال بين الفصول بحالة وجدانية متوهجة. غالبًا ما يكون على شكل جملة مشوّقة، أو حدث غير مكتمل، أو كشف مفاجئ، أو اقتباسات، أو تساؤل يجعل القارئ متشوقًا لمعرفة ما سيحدث بعد ذلك.
ومن الأمثلة التي رودت في رواية ” عناق على حاجز إيرز”: مقولة للإمام الشافعي – ص 115: “إذا ما الظلم استحسن مذهبًا، وعتوا في قبيح اكتسابه فكله إلى صرف الليالي فإنّا ستبدي له ما لم يكن في حسابه”. اقتباس حكيم يجيء في سياق الحديث عن الظلم والحصار، ليمنح نهاية المقطع ثقلاً أخلاقيًا وفكريًا. - كما اعتمدت الرواية أسلوب إدماج القصائد والخواطر النثرية داخل المتن السردي، وهو توجه معاصر يثري النص ويضفي عليه بعدًا شعريًا يلامس الوجدان. هذا الأسلوب يعمّق الحالة الشعورية، ويكسر رتابة السرد التقليدي، مما يخلق تنوعًا إيقاعيًا ولغويًا يعزز من تفاعل القارئ مع النص، ويمنح الشخصيات صوتًا داخليًا أكثر صدقًا وشفافية مثال: صفحة (103 – 121 – 26)
- توظف أسلوب السخرية والتهكم كآلية دفاعية ضد قسوة الواقع الفلسطيني، في محاولة لتطويع الألم اليومي إلى لحظة إنسانية خفيفة تُضيء النص وتُعمّق أثره. يظهر ذلك جليًا في عدة مواضع، منها: في صفحة 33، عندما تقول العمة بسمة لابن أخيها مروان، تعليقًا على وزنه: “لا تقلق يا حبيبي، سيأتي عليك أيام سوداء تسد شهيتك وتجعلك تخسر من وزنك الكثير.” فيرد مروان ساخرًا: “فال الله ولا فالك.” فتجيبه العمة: “لا تنسَ أنك فلسطيني يا عزيزي.” هنا يتحول الخوف من المستقبل إلى نكتة دامية، تكشف عبثية العيش تحت تهديد دائم. وفي صفحة 31، يتهكم والد شيرين بعد اقتراح الطبيب إجراء قسطرة قلبية له، قائلاً:”من يعيش في فلسطين لا بد أن يتعرض لمثل هذه الأمراض”. تُظهر هذه العبارة كيف أصبح المرض جزءًا من جغرافيا القهر، لا فقط من الجسد. هذا التهكم الذكي يمنح الرواية بُعدًا نقديًا إنسانيًا، ويكسر الحزن بمساحة من الوعي الساخط، دون أن يُفقد النص جديته أو قضيته
الرسالة:
تُجسّد الرواية رسالة شاملة تُعلي من شأن الأمل والصمود في وجه الاحتلال والظلم، مؤكدة أن الحرية قادمة رغم المعاناة، ومبرزة قوة المرأة الفلسطينية التي، بإرادتها وثباتها، تتجاوز القهر الاجتماعي والسياسي، وتثبت حضورها الفاعل في معركة الحياة والوطن، جنبًا إلى جنب مع الرجل، بكل كرامة وكرامة. من خلال: كشف فداحة الحصار والحرمان. تمجيد الصمود الإنساني رغم الانكسارات. تأكيد على الهوية الفلسطينية كحالة وجدانية، لا سياسية فقط.
نقاط ضعف ورغم القيمة الوطنية والإنسانية العالية لرواية “عناق على معبر إيرز”، يمكن الإشارة إلى بعض الملاحظات للتحسين، ولتفادي مواطن الضعف المحتملة، باختصار وموضوعية: الرمزية والمجاز ضعيفان أو غير محسوبين، على الرغم من محاولة إدخال بعد فلسفي أو رمزي (مثل الحديث عن قسوة الواقع، والهوية، والحصار)، إلا أن الرمزية جاءت متكلفة في بعض المواضع وغير منسجمة مع السياق.
في بعض مواضع الرواية، لا سيما في الحوارات الداخلية لشخصية “بسمة” خلال لقاءاتها بعصام، تنحو الكاتبة نحو مباشرة وشرح تفصيلي بإيحاءات قد تُخدش بها خصوصية التلقي، مما يضعف الأثر الجمالي للنص ويحدّ من انغماس القارئ في التجربة الشعورية. هنا يبرز أهمية الاقتصاد في العاطفة والمباشرة، عبر استبدال الوصف الصريح بـالرمز والتكثيف واستخدام الحواس كأن يُعبّر عن الانجذاب والاضطراب الجسدي بوصف نظرة العينين، وارتعاش الصوت، وثقل الصمت، أو تغيّر رائحة المكان. هذه العناصر تفتح المجال لتجربة حسّية غامرة تجعل القارئ يشعر لا يقرأ فقط، وتُضفي على النص أناقة وجدانية تبتعد عن الابتذال وتُقرّب الرواية من العمق الفني والصدق العاطفي.
كذلك اضطراب في البناء السردي: الرواية تعاني من تشتت في الانتقال بين الشخصيات والزمنيات دون مقدمات واضحة أو جسر حكائي منطقي، مما يصعّب على القارئ تتبع التسلسل الزمني أو النفسي للأحداث.
هذه الملاحظات تظل ذات طبيعة جزئية، ولا تنتقص من القيمة التعبيرية في الرواية التي تنفتح على مساءلة مزدوجة: من جهة، يُبرز تعقيدات الوجود الأنثوي في ظل بنى التهميش الرمزي والاجتماعي، ومن جهة أخرى، يعرّي التداعيات الوجودية والسياسية للاحتلال، لا سيما فيما يحاول أن يفرضه من تفتيت جغرافي عبر المعابر، وما يخلفه ذلك من تمزق في النسيج الإنساني والاجتماعي لأبناء الشعب الواحد
الخاتمة
تتبنّى رواية “عناق على حاجز إيريز” أسلوبًا أدبيًا شعريّ النزعة، يتكئ على لغة وجدانية مكثّفة، تتداخل فيها الصور الشعرية بالتعبير النثري، في مزيج يُضفي على السرد طابعًا تأمليًا وعاطفيًا. الكاتبة تميل إلى الوصف الحسي والانفعالي، مستثمرةً استعارات وعبارات بلاغية لإبراز التوتر النفسي والوجداني للشخصيات. كما يُلاحظ توظيف مقصود للاقتباسات من التراث والشعر العربي كـ”خطّافات سردية”، تمنح النص عمقًا فكريًا وامتدادًا ثقافيًا. رغم بعض الهنات اللغوية، إلا أن الأسلوب يعكس انخراطًا عاطفيًا حقيقيًا بالموضوع الفلسطيني، ويقدّم سردًا ذاتيًا ينحاز للإنسان المقموع والمقاوم، لا عبر الصراع السياسي فحسب، بل عبر تفاصيل الحياة اليومية وقلق الهوية
وأخيرًا أحيي الكاتبة د. رولا غانم على هذه الرواية الرائعة التي لامست المشاعر والقلوب والوجدان، متمنيةً لها المزيد من العطاء والتقدّم.