
سلفيت بين فكي الحصار والاستيطان: المدينة المحاصَرة تبحث عن متنفس ، بقلم : نادر شتية
إغلاق المداخل… شلّ للحياة وضربٌ للاقتصاد
تعيش محافظة سلفيت هذه الأيام ظروفًا استثنائية تُنذر بكارثة إنسانية واقتصادية متفاقمة، في ظل تشديد الاحتلال الإسرائيلي لإجراءاته الميدانية، وفي مقدمتها الإغلاق الممنهج لمداخل المدينة، بالتزامن مع تصعيد خطير في الأنشطة الاستيطانية، لاسيّما في منطقة وادي المطوي، إحدى أهم المناطق الزراعية في المحافظة.
الإغلاق: خنق جغرافي واجتماعي ممنهج
منذ أسابيع، فرضت سلطات الاحتلال إغلاقًا متواصلًا على معظم المداخل الحيوية لمدينة سلفيت، وعلى رأسها مدخل سلفيت الشمالي، وبوابة بروقين، ومدخل ياسوف، ما أدى إلى عزل المدينة فعليًا عن محيطها القروي والسكاني، وقطع شريان التواصل الطبيعي بين مركز المدينة والبلدات المحيطة بها.
هذا الإغلاق حوّل سلفيت إلى مدينة محاصرة خلف الحواجز العسكرية، حيث يجد المواطنون القادمون من بلدات المحافظة صعوبة بالغة في الوصول إلى المؤسسات الصحية والتعليمية والخدمية داخل المدينة، فيما يضطر آخرون إلى سلوك طرق بديلة وعرة وطويلة، تتطلب وقتًا وجهدًا وتكلفة إضافية مرهقة.
اقتصاد المدينة يدفع الثمن
لم تقتصر آثار هذا الحصار على الحياة اليومية، بل امتدت لتطال النسيج الاقتصادي والاجتماعي للمدينة. فقد تراجعت وتيرة النشاط الاقتصادي والخدماتي، وتأثرت الحركة العامة داخل المدينة.
العديد من أصحاب المحال التجارية وموظفي القطاع الخاص عبروا عن استيائهم من استمرار هذا الوضع، مؤكدين أن حالة الجمود المفروضة على المدينة تنعكس سلبًا على الدورة الاقتصادية بشكل عام، وتؤدي إلى تآكل قدرة المواطنين على الصمود والاستمرار.
وادي المطوي: اعتداء على الأرض وقطع للأرزاق
وفي الوقت الذي تُخنق فيه المدينة من الخارج، تتعرض من الداخل لهجمة استيطانية متواصلة، كان أبرزها ما تشهده منطقة وادي المطوي غرب سلفيت، حيث تمنع قوات الاحتلال عشرات المزارعين من الوصول إلى أراضيهم الزراعية، بالتوازي مع تحركات استيطانية نشطة في ذات المنطقة.
وتُعد أراضي وادي المطوي من أخصب المناطق الزراعية، وتشكل مصدر دخل رئيسي لعشرات العائلات. منع المزارعين من الوصول إليها يُعد انتهاكًا صارخًا لحقهم في العمل والعيش الكريم، ويمثل سياسة عقاب جماعي تستهدف وجودهم واستقرارهم.
دعوات لتحرك عاجل
في ظل هذا الواقع المتأزم، تتزايد المطالبات بضرورة تحرك فعّال من قبل الجهات المختصة، ،من أجل الضغط لفتح المداخل المغلقة، وضمان حرية الحركة، وتوفير الحماية للمزارعين في وجه تغول المستوطنين.
ودعوة وسائل الإعلام إلى تحمل مسؤولياتها في فضح هذه السياسات أمام الرأي العام المحلي والدولي .
سلفيت، التي لطالما كانت نموذجًا في الصمود والتماسك المجتمعي، تواجه اليوم تحديات وجودية تمسّ حياتها اليومية واقتصادها وسكانها. إنها لا تطالب إلا بحقوقها الأساسية: العيش بحرية، والتنقل بأمان، والعمل في الأرض دون قيد.
لكن هذه الحقوق لن تُنتزع إلا بتكاثف الجهود، واتخاذ موقف وطني موحد ومسؤول.
الوقت يمر، والمخاطر تتفاقم، وسلفيت تنادي… فهل من مجيب.
