
غزة صمود شعب في وجه الإبادة ، بقلم : آمنة الدبش
البشرية علي أرض واحدة لكنهم ليسوا علي قلب واحد..
غزة تتألم كل يوم وكل لحظة من ويلات ومآسي العدوان الإسرائيلي الوحشي ومن قبله حصارها وخناقها اقتصاديآ وانقسامها الداخلي الذي جعلها تتألم وتصرخ آلاف المرات من المتخاذلين المتآمرين والمتاجرين بها وبألامها ، يتلذذون بمشاهد الدم والدمار الذي حل بها ولا يشغلهم سوى إظهار أنفسهم امام العالم والرأي العام كمدافعين مخلصين أوفياء.
هنا سأخط واروي حكاية غزة الحزينة بابجديات جراح أبنائها وفي ثنايا حروفي سأنثر حروف تخرج تاركة بصماتها على جبين الزمان ليشهد علينا التاريخ ومن لا يدركنا نحن شعب كتبنا العهد بدمائنا وارواحنا (نحن نصنع التاريخ وليست التاريخ هو الذي يصنعنا ).
الشعب الفلسطيني ما زال يقاوم ويدافع عن أرضه وكيانه ومقدساته التي سلبت منه بالقوة والتي تعتبر عنوان وجوده ومركب بقائه في الوطن ، يصارعون الدبابات والقذائف الصاروخية وبنادق الاحتلال الغاشم وسلاح التجويع دفاعاً عن الأرض والوجود ويقاومون بصدورهم العارية ريح الموت فقد اختاروا موتا مليئا بالحياة من أجل الحرية والبقاء لقد دونوا بدمائهم قرار الشعب وصارت غزة رقماً صعباً في معادلة الصراع وعنصراً هاماً في موازين القوة بالنسبة للاحتلال الغاصب وصار الفلسطيني المنزرع في وطنه اسطورة في الصمود والارتباط ، أثبت غزة للعالم أن إرادتها أقوى من إرادة الترسانة الفولاذية التي يتغنى بها العدو المحتل وأن تلك البقعة الصغيرة علمت العالم دروساً قيمة في العزة والكرامة والصمود الأسطوري وستكون مصدراً لتغير كبير قادم على المنطقة باسرها.
سجل يا تاريخ
سطر يا تاريخ بقلمك واكتب يا زمان حكاية آنين شعب تحيط بهم أسوار الظلم والسجان ، وانثر علي رمال الحدود نزيف الكلمات من آهات وأشجان تسمع العالم أجمع كيف ينبت دروب الرياحين والعنبر من أشلاء الشهداء..؟! وارسم بدماء جرحانا خارطة الازمان.
سطر يا تاريخ اربكهم في مأزق الليل المظلم ارعبهم علمهم *ما خفي أعظم * علمهم أن التاريخ أثبت للأجيال السابقة والحالية أن مدة بقاء الشعوب تحت الظلم والطغيان والاستبداد والاحتلال لم ولن يطول عمرها أبداً ومدة بقائه هي مسألة وقت حتى زواله ، علمهم أن ثمن الحرية والاستقلال ليس رخيصا ودرب النضال والمقاومة ليس سهلا وطريق التحرير ليس مفروشا بالورود بل مليء بالتضحيات والدماء وفاتورته غالية جدا والمتمثلة في مزيد من الشهداء والجرحى ودمار في البنى التحتية وعجز في الخدمات وتوقف في الإمدادات الضرورية وغيرها لكن يقيناً أن الشعوب الحرة باقية والطغاة والغزاة راحلون.
مشاهد مروعة
تنجب الأم أطفالها قطعةً قطعة يكبرون أمامها شبراً شبراً ينضجون يوماً بيوم شهراً بشهر عاماً بعام وفي لحظة واحدة يتوقف فيها الزمن.
المشهد الذي ابكى الملايين حيث فُجعت طبيبة الأطفال الفلسطينية آلاء النجار ذات الرداء الأبيض وهي على رأس عملها في مجمع ناصر الطبي بتسعة أكفان صغيرة متفحمة مقطعة تسعة أرواح من فلذات كبدها لا تصدق عينيها وصلت إليها على طاولة الطوارئ لا نبض، لا صوت، لا ملامح… فقط رماد.
هذا ما يعيشه كوادرنا الطبية في قطاع غزة الكلمات لا تكفي لوصف الألم ، في غزة لا يُستهدف الكادر الطبي فحسب بل يُمعن الاحتلال الإسرائيلي في الإجرام ويستهدف عائلات بأكملها.. كيف يمكن لقلب أن يتحمل تسعة انكسارات دفعةً واحدة..؟
لم نفق من هول ما حدث لأبناء الطبيبة آلاء النجار حتى فُجعنا بهذا المشهد الذي تشيب منه الرؤوس الناجية الوحيدة من محرقة غزة الطفلة ورد الشيخ خليل تحاول النجاة من لهيب النيران التي حاصرتها والتقطتها عدسات الكاميرا أثناء محاولتها للهرب بعد قصف إسرائيلي لمدرسة فهمي الجرجاوي بغزة تؤوي نازحين تسبب في استشهاد العشرات منهم والدتها وجميع إخوتها وإصابة والدها بجراح خطرة.
أي عالم هذا الذي تحترق فيه البراءة ولا يتحرك فيه الضمير ؟
آنين غزة
في كل زاوية من زوايا غزة تروي حكايا شهداءنا العظماء وبدماء جرحانا نرسم فجرنا المُرتجى نلون الأرض الموجوعة بالعزة والرجا ونقص بدموع الأمهات الثكلى قصة تنهيدة وطن وبصرخات أطفال غزة الذين يئنون من الجوع والخوف والنزوح ، في غزة لا تكتب القصائد بالحبر بل بالدم ولا تعزف الأناشيد إلا من وجع…
فلا تنصتوا لأنينها بل املؤا كل الساحات والعواصم تضامناً كي تنعم بالسلام.
- – آمنة الدبش – صحفية وناشطة نسوية