1:44 مساءً / 29 مايو، 2025
آخر الاخبار

يوم ثقيل عاشته القدس والأقصى ، بقلم : راسم عبيدات

يوم ثقيل عاشته القدس والأقصى ، بقلم : راسم عبيدات

أمس الإثنين 26/5/2025،ما يعرف بالذكرى الثامنة والخميسن لتوحيد القدس،إستكمال احتلال القسم الشرقي من المدينة،حيث كانت مسيرة ما يعرف بالأعلام أو رقصة الأعلام،كتقليد سنوي دأبت عليه دولة الإحتلال، بدء به عام 1968 بعد عام من حرب حزيران عام/1967،على يد الحاخام يهودا حيزاني،حيث أقيم اول احتفال في “مركز هاراف”،أي مركز الحاخام،ومن بعد ذلك جرى تدشين هذه الإحتفال بشكل رسمي ،أوسع وأشمل عام 1974،وأصبح يحظى بدعم واسناد مالي من بلدية “القدس” ووزارة التربية والتعليم الإسرائيلية،وتشارك فيه منظمات استيطانية وتلمودية متطرفة مثل ” لاهفا” المعروفة بكرهها وحقدها ل وعلى العرب والفلسطينيين،وطلاب المدارس الدينية ” يشفوت”،وكذلك المجلس الإستيطاني “يشع”،ويجري تنظيم تلك المسيرة من قبل جماعات دينية شبابية مثل “نوعاني” و”عكيفا”،وجماعات مرتبطة بالأحزاب الدينية الصهيونية،”القوة اليهودية” و”الصهيونية الدينية ( بن غفير وسموتريتش).

هذه المسيرة حتى عام 2017كانت تأخذ طابع احتفالي،ولم يكن يسمح لها بالدخول الى البلدة القديمة من القدس،والمرور بالأحياء العربية،وبالذات الحي الإسلامي،ولكن من بعد الإنزيحات الواسعة التي حصلت في المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين والتطرف،والتماهي مع حكومة اليمين والتطرف،وانتقال الجماعات الصهيونية المتطرفة من أطراف المشروع الصهيوني الى قلب هذا المشروع،والتي باتت تتحكم بمفاصل القرار السياسي الإسرائيلي،بسبب تفكك الأحزاب الإسرائيلية الكبرى، وأبعد من ذلك باتت تتحكم بالحكومات الإسرائيلية بقاءً وسقوطاً.

من بعد عام 2017 بدات عمليات استعراض القوة في تلك المسيرات،وبأن تلك المسيرات تأتي لتأكيد السيادة والسيطرة على مدينة القدس وبأنها “العاصمة الأبدية” لإسرائيل،وعليها ان تؤكد تلك السيادة والسيطرة المزعومتين،بالدخول الى البلدة القديمة والمرور بالأحياء العربية فيها،وبات الحاخامات والوزراء واعضاء الكنيست من اليمين المتطرف يتسابقون على قيادتها والمشاركة فيها،فهي تنطلق في الثامن والعشرين من الشهر الثامن العبري،ذكرى ما يعرف بتوحيد القدس.

ما ميز مسيرة الأمس ،أنها أتت في ظل متغيرات كبرى في المنطقة والإقليم،حيث “اسرائيل” تشن حربها التي سمتها بالوجودية،منذ أكثر من عام ونصف على قطاع غزة ،بغرض التصفية والإقتلاع للشعب الفلسطيني وانهاء قضيته بشكل نهائي،عبر عمليات طرد وتهجير واقتلاع،وحسم للسيادة والسيطرة النهائية على مدينة ،والتهويد للمسجد الأقصى،كأقدس مكان لليهود ” جبل الهيكل،وطبعاً اتت تلك المسيرة في ظل حالة عربية – اسلامية بائسة ومنهارة،بدت مستسلمة للمخطط والمشروع الإسرائيلي- الأمريكي في المنطقة.

وما ميز تلك المسيرة أيضاً ،والتي تحولت القدس والأقصى فيها الى مسرح غنائي واستعراض للقوة والمزايدات السياسية، الأعداد الكبيرة من المستوطنين المشاركين فيها،والمشبعين بالحقد والعنصرية والتطرف،حيث أقاموا الرقصات التلمودية والتوارتية في ساحة باب العامود،رافعين بكثافة الأعلام الإسرائيلية،ومرددين الشعارات العنصرية والمتطرفة،والتي تعكس جوهر مشروعهم الصهيوني القائم على طرد وتهجير شعبنا الفلسطيني،واقصاء والغاء كل مظاهر وجوده، ومن الأنمذجة عن الشعارات التي رفعت والهتافات التي أطلقت،”عام 67 القدس بأيدينا” و”عام 2025 غزة بأيدينا” و”لا انتصار بدون نكبة”،و”محمد مات”،و”احرقوا شعفاط”،و”امحوا غزة عن الوجود” ، و”لنبني الهيكل وحان وقت بناء الهيكل والصعود اليه”.

وفي ظل تلك الإحتفالات الصاخبة في ساحة باب العامود وفي الشيخ جراح والصوانة وسلوان وفي قلب المسجد الأقصى وفي ساحة حائط البراق،حيث عشرات الألاف من المستوطنين،الذين ادوا طقوسهم ورقصاتهم التلمودية والتوراتية،بما في ذلك رقصة “الهورا”،وبمشاركة وزيرة الأمن الداخلي الأمريكي كريستي نوم ومشاركة وزراء في الحكومة واعضاء كنيست من تيارات سياسية مختلفة،”الليكود”،”الصهيونية الدينية”،”القوة اليهودية” ،”اسرائيل بيتنا”،عكست اجماع صهيوني ديني وقومي،حول مسألة السادة والسيطرة على مدينة القدس،واعتبارها “عاصمة أبدية لإسرائيل” وغير قابلة للتقسيم مرة ثانية،ورفض مطلق لحل الدولتين واقامة دولة فلسطينية،وقد تجلى هذه الإجماع الصهيوني في المشاركة في الإحتفالات واستعراض القوة في ساحة باب العامود والمسجد الأقصى وحائط البراق،حيث كان من بين المشاركين الوزراء،بن غفير وسموتريتش ويتسحاق فاسرلاف،وتسفي سوكوت وارئيل فلنر، واعضاء كنيست شاركوا في الرقصات ورفع الأعلام، احتفلوا ورقصوا ،واقتحموا البلدة القديمة واعتدوا على التجار وعلى الأطفال والنساء والمسنين والصحفيين والإعلاميين واطلقوا تصريحاتهم العنصرية والإستفزازية ،وحولوا الأقصى الى مسرح للغناء والمزايدات والإستعراضات السياسية،عقدوا جلسة حكومة لهم في حصن تحت الأرض في بلدة سلوان،ما يسمونها بمدينة داود،واقتحموا البلدات المحيطة في القدس،رقصوا وغنوا في الشيخ جراح والصوانة ورأس العامود،ومنعوا سكان سلوان من ركن سياراتهم أمام منازلهم،وذهبوا الى مقر وكالة الغوث واللاجئين في الشيخ جراح واعتدوا عليه،يتقدمهم عضو كنيست من حزب ” اسرائيل بيتنا” يوليا ملينوفسكي،مطالبين بالإستيلاء عليه ،في استهداف واضح لوكالة الغوث واللاجئين الفلسطينيين” الأونروا”.

حيث مقر الوكالة الرئيسي الذي اعتدى عليه المستوطنين بقيادة بن غفير أكثر من مرة وهددوا العاملين فيه بالمس بحياتهم،اذا ما استمروا بالعمل فيه،ومن بعد ذلك في تشرين اول/2024، أقرت الكنيست الإسرائيلي قانوناً بالقراءات الثلاثة،اعتبار وكالة الغوث،وكالة خارجة عن القانون،والغت ما كانت يتمتع فيه العاملين فيها من حصانة وامتيازات،ولا يجوز التعامل والتواصل معها،وطالبوا الوكالة بدفع تعويض مالي 27 مليون شيكل عن استخدام المقر بطرق غير قانونية،بإعتبار ان ارض هذا المقر ملك للوكالة اليهودية،والمقر سيجري تحويله الى بؤرة استيطانية (1440) وحدة استيطانية.

هذه المسيرة بهذه الزخم وبهذا الكم من المستوطنين وبهذه النوعيات المشاركة فيها،والشعارات والهتافات التي رفعت وأطلقت،تقول بشكل واضح ،ان ما ينتظر القدس والأقصى في قادم الأيام على درجة كبيرة من الخطورة، فالأقصى اذا ما استمر الوضع العربي والإسلامي في حالته البائسة والمزرية والمخزية، فهو ذاهب الى ما هو ابعد من التقسيمين الزماني والمكاني،بل ايجاد قدسية وحياة يهودية في المكان،كشراكة إسلامية – يهودية في البداية على طريق اقامة كنيس في المنطقة الشرقية بدل مصلى باب الرحمة،بإنتظار ذبح واحدة من البقرات الخمس الحمراء في ساحات الأٌقصى،ومن ثم اقامة الهيكل الثالث المزعوم بدل مسجد قبة الصخرة.

أما ما يتعلق في القدس،فهي سائرة نحو التهويد والأسرلة،وزرع احيائها العربية بالمستوطنات،لكي تمنع قراها وبلداتها الفلسطينية من التواصل الجغرافي والديمغرافي،والتفكيك الممنهج لوحدتها الإجتماعية والوطنية،وتحويلها الى جزر متناثرة في محيط اسرائيلي واسع.

ولكن في النهاية نقول بأن هناك حالة استعصاء امام تنفيذ تلك المشاريع والمخططات،يتقدمها الصمود والثبات الفلسطيني على الأرض والتشبث بها،والإصرار على إفشال تلك المشاريع والمخططات،رغم كل قوة الدفع خلفها عسكرية وامنية ومالية،وقمع وتنكيل واستيطان وهدم منازل وطرد وتهجير وتطهير عرقي،فالقدس التي يجري تحويلها لثكنة عسكرية في هذا اليوم،ويحشد لتأمين الحماية لهذه المسيرة أكثر من 3 الآلاف شرطي وجندي حرس حدود،واغلاقات للطرق وشل حركة المواطنين المقدسيين في المدينة ونشر الحواجز الشرطية الثابتة والمتحركة على بواباتها ومداخلها،تقول بأن هذه المدينة محتلة ومقسمة وليست موحدة.

فلسطين – القدس المحتلة

شاهد أيضاً

ندوة حول رواية الغواص في نادي القراءة - جمعية المواساة

ندوة حول رواية الغواص في نادي القراءة – جمعية المواساة

شفا – د. وسيم وني ، نظم نادي القراءة في جمعية المواساة ندوة حول”رواية الغواص” …