7:50 مساءً / 25 مايو، 2025
آخر الاخبار

المهزوم ذاتياً ، بقلم : أ‌. خليل إبراهيم أبو كامل

المهزوم ذاتياً ، بقلم : أ‌. خليل إبراهيم أبو كامل

المهزوم ذاتياً ، بقلم : أ‌. خليل إبراهيم أبو كامل


تنعكس آثار الهزيمة النفسية التي تعيشها الأمة العربية على كافة جوانب الحياة، حتى أصبح الحديث عن الأمل والخروج من الهزيمة أمرًا شبه غائب، في ظل سنوات طويلة عاشها العرب في توصيف الهزيمة وأسبابها، دون أن يتطرق كثيرون إلى وسائل وطرق الخروج منها، لا سيما في ظل تعاظم نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية التي تدير كثيرًا من شؤون المنطقة، إن لم تكن كلها.


ومع فقدان الرؤية والوسائل لدى دول المنطقة، وغياب أساليب إدارة العلاقات معها، اكتفى الكثيرون بالارتماء في أحضانها، وتنفيذ سياساتها، بينما لم يجد الآخرون طريقًا، فأصبح التنافس على استرضاء أمريكا والرضوخ لسياساتها سياسةً شبه مقبولة، بل منظمة من قبل العديد من الدول العربية.


لكن الحقائق تشير إلى أن أمريكا ليست كما يتصورها كثير من الزعماء العرب، فهناك قوى أخرى في العالم مثل الصين، وأوروبا، وربما الهند، تعدّ بصمت لما بعد أمريكا، ولما سيكون عليه شكل العالم خلال السنوات العشرين القادمة.
فأين العرب من كل هذا؟


فلو نظرنا إلى العامل النفسي في مجالسنا العربية اليوم، أو فتّشنا في منازلنا عن آراء الناس حول الأحداث الأخيرة، لوجدنا أن كثيرين يقولون: “لا فائدة من المقاومة”، “انظر ماذا حصل للسكان المحليين”، “انظر ماذا حصل لصنعاء”، “انظر ماذا حصل لحزب الله”، “انظر ماذا حصل في إيران”…


هذه الدعوات المتكررة، سواء في صحفنا أو في إعلامنا العربي، أصبحت تكريسًا لما يُقال على مدار نصف قرن: تحليل، ونقد، وتشخيص، وجلد للذات، وبكائيات متواصلة، حتى تحولت الفضائيات العربية إلى مآتم حقيقية، وأصبح المأتم العربي مستمرًا ما بين البيت والجريدة والفضائية.


حلقة مستمرة من جلد الذات، والصراخ، وعدم إدراك أن هناك أملًا يمكن أن يقودنا إلى أهدافنا المرجوة.
ولو نظرنا إلى البعد السوسيوسايكولوجي (النفسي-الاجتماعي) للإنسان العربي، أي كيف نشأ المواطن العربي؟ وكيف تربّى وتعلّم؟، لوجدنا أن كثيرًا من العوامل ساعدت على تشكيل إنسان عربي عاجز.


لقد كانت هناك متغيرات في أشكال الغزو الخارجي، واحتلال الدول، وارتكاب المجازر بحق الإنسان العربي، لكن السؤال هو: كيف استقبلها المواطن؟ وكيف استقبلها صانع القرار؟


لقد خُلِق داخل كليهما استعداد تلقائي للهزيمة.
تتمثل الهزيمة الذاتية في أسباب نفسية واجتماعية، منها:

  • نظام تربوي: يغيب الطفل ولا يحتفي بذاتيته.
  • نظام تعليمي: يُهمل التلميذ، ويقتل التفكير النقدي.
  • نظام ديني: يقوم على فهم سطحي للدين، يُرَسِّخ أن الإنسان مسيّر تمامًا، وكل ما يحدث له هو قَدَر لا يمكن تغييره، فيغيب الفرق بين التوكل والتواكل.
  • نظام إعلامي: باسم الواقعية، تم ترسيخ مشاعر العجز واليأس.
    وعندما يصبح هذا المواطن في موقع المسؤولية – سواء كان مسؤولًا أو مديرًا أو رجل أمن أو حتى رئيس دولة – يصبح جاهزًا لتلقي كل هذه المؤثرات الخارجية دون مناعة، وبالتالي لا يدرك جوانب القوة الذاتية في ظل المتغيرات، والدليل على ذلك أن ما حدث في منظومة الاحتلال الهشة من قبل مجموعة منظمة، يثبت أن هناك قدرة على الفعل والتغيير حتى من قِبل أفراد.


الخلاصة


المهزوم ذاتيًا هو إنسان لا يستطيع رؤية جوانب القوة لديه، ولا يحسب احتمالات الانتصار في المواقف المختلفة.
في معركة الحياة، لا يُهزم الإنسان حقًا عندما يخسر، بل عندما يفقد إرادته ويستسلم من الداخل.


كثيرون ممن يعيشون بيننا لم يُهزموا من الخارج، لم تُسلب منهم الفرص، ولم تُغلق في وجوههم الأبواب، ولكنهم مع ذلك متراجعون، مترددون، منكمشون في زوايا الشك والخوف، لأنهم ببساطة… مهزومون ذاتيًا.

  • – أ‌. خليل إبراهيم أبو كامل – باحث مختص في علم الإجتماع .

شاهد أيضاً

الأطفال في ملتقيات ابداع المعلم حكاية صمود وبصمة أمل رغم الألم

الأطفال في ملتقيات ابداع المعلم حكاية صمود وبصمة أمل رغم الألم

شفا – يتواصل العنف النفسي والاجتماعي والتعليمي والصحي على الأطفال في قطاع غزة بسبب الحرب …