11:58 مساءً / 21 مايو، 2025
آخر الاخبار

المقاومة الشعبية في سلفيت ، حتمية المواجهة وبناء الجبهة الوطنية من جديد ، بقلم : د. عمر السلخي

المقاومة الشعبية في سلفيت ، حتمية المواجهة وبناء الجبهة الوطنية من جديد ، بقلم : د. عمر السلخي

في ظل ما تشهده محافظة سلفيت من هجمة استيطانية شرسة، وتوسّع متسارع للبؤر والمستوطنات، وتقطيع ممنهج لأوصال البلدات والقرى، لم يعد الحديث عن المقاومة الشعبية مجرد خيار، بل بات ضرورة وطنية حتمية لمواجهة مشروع التهجير والضم وتفكيك الجغرافيا والديموغرافيا الفلسطينية.

الاحتلال الإسرائيلي، بدعم حكومي مباشر، يواصل سياسة السيطرة على أراضي المنطقة (ج) التي تشكّل أكثر من 60% من مساحة الضفة الغربيةو ٧٥% من مساحه محافظة سلفيت المستهدفة تحديدًا بوصفها قلب الضفة الجغرافي ومفتاح ربط شمالها بجنوبها. هذه السياسة لا تهدف فقط إلى التوسّع الاستيطاني، بل إلى فرض واقع استعماري جديد بالقوة.

وفي وجه هذا التغوّل، تبرز المقاومة الشعبية كإحدى أهم أدوات الصمود، بشرط أن تكون مُنظّمة، ممتدة، ومبنية على أسس مجتمعية راسخة.

العودة إلى روح “العونة”: ثقافة مقاومة لا تُهزم

لكي تنجح المقاومة الشعبية وتكون فعالة، لا بد من إعادة الاعتبار إلى ثقافتنا الوطنية الأصيلة، وعلى رأسها “العونة”، وهي شكل من أشكال التضامن الشعبي الذي كان سائدًا في القرى الفلسطينية، حيث يتشارك الناس في زراعة الأرض، وقطف الزيتون، وبناء البيوت، ومساعدة الأسر الفقيرة والمتضررة.

“العونة” ليست فقط تراثًا، بل هي أداة نضالية جماعية تنبع من روح التكاتف، وتُعيد ترسيخ مفهوم الجماعة كدرع للمجتمع في وجه التحديات. العونة تُجسّد الفعل المقاوم من خلال التعاون العملي المباشر، وتقوية الاقتصاد المحلي، والاعتماد المتبادل بدلًا من التبعية.

اليوم، ومع اشتداد الحصار وإغلاق الطرق وعزل البلدات، يمكن أن تتحول العونة إلى منصة فعل وطني تشمل:

العمل التطوعي الزراعي لحماية الأراضي.

تنظيم الأسواق الشعبية لدعم المنتجات المحلية.

مبادرات مجتمعية لإغاثة العائلات المحاصرة والمتضررة.

تكوين لجان شعبية موحدة لإدارة الأزمات والتصدي للاعتداءات.

إعادة بناء الحركات الوطنية والنقابات من القاعدة

لا مقاومة شعبية ناجعة دون حركات وطنية متجذّرة في هموم الناس، ونقابات حقيقية تمثل صوت العامل والفلاح والمعلم والطالب. إن استعادة دور هذه الأطر يتطلب تجديد بنيتها من القاعدة، وربطها بالناس، وتحريرها من القيود الشكلية والاصطفافات الفوقية.

ويجب أن تشكّل هذه القوى، مع اللجان الشعبية والمجالس القروية ومؤسسات المجتمع المدني، جبهة صمود موحدة تقود المواجهة السياسية والميدانية، وتنظم فعلًا وطنيًا متواصلًا لا يقتصر على الفزعة، بل يتجذّر كمشروع تحرري شعبي.

مواجهة حتمية… وصمود جماعي

إن محافظة سلفيت تواجه اليوم لحظة مفصلية، ووجودها الجغرافي والاستراتيجي يجعلها في مرمى الاستهداف الدائم. لكن ردنا يجب أن يكون جماعيًا، واعيًا، قائمًا على قيم العونة والتكافل، ومبنيًا على تنظيم وطني قاعدي يعيد الاعتبار لدور المجتمع كمحرّك للفعل السياسي والميداني.

نحن بحاجة إلى ثقافة مقاومة جديدة تُعيد صياغة العلاقة بين الناس والأرض، وبين المواطن والمؤسسة، وتضع الكرامة الوطنية والتضحية والتكافل الشعبي في قلب كل فعل.

لن نستطيع مواجهة هذا المشروع الاستيطاني بالغضب وحده، بل بالبناء، بالتنظيم، وبالعودة إلى الجذور التي طالما كانت سلاحنا الأقوى: الوعي، والانتماء، والعونة.

شاهد أيضاً

5 شهداء في قصف للاحتلال على جباليا بقطاع غزة

شفا – استشهد 5 مواطنين، الليلة، في قصف لطيران الاحتلال الإسرائيلي شمال قطاع غزة. وقال …