
شفا – في ظل التحولات العميقة التي يشهدها العالم على الصعيدين المحلي والدولي، طرحت الصين في عام 2020 رؤية استراتيجية جديدة تقوم على “نمط التنمية الجديد”، الذي يتمحور حول الدورة الاقتصادية المحلية كركيزة رئيسية، مع تعزيز التكامل بين الدورة المحلية والدولية.
يمثّل هذا الخيار استجابة حتمية لمتطلبات مرحلة التنمية الجديدة، ويهدف إلى ترسيخ ميزة تنافسية صينية في إطار التعاون الدولي. فتبنّي الدورة المحلية كمحور أساس لا يعني الانغلاق، بل يدعو إلى فتح المجال أمام كل منطقة داخل الصين لاستثمار مزاياها الفريدة، بما يسهم في تحقيق تنمية إقليمية متوازنة وشاملة.
فعلى سبيل المثال، ينتظر من مدينة شانغهاي أن تركز على بناء نفسها كمركز عالمي في المجالات الاقتصادية والمالية والتجارية والملاحية والعلمية والتكنولوجية، لتسريع تحولها إلى مدينة اشتراكية حديثة ذات تأثير عالمي. وفي الوقت نفسه، تعمل مقاطعة هونان بوسط الصين على تعزيز مكانتها كمركز متقدّم للصناعات التحويلية، ومحور للابتكار التكنولوجي ذي القدرة التنافسية، فضلًا عن دعم جهود الإصلاح والانفتاح في المناطق الداخلية، للمساهمة في نهوض وسط الصين وتنمية حزام نهر اليانغتسي.
من المهم التأكيد على أن هذا النمط التنموي الجديد لا يعني الانعزال الاقتصادي، بل يجسّد تكاملا منفتحا بين الداخل والخارج.
وفي هذا السياق، يوضح لونغ قوه تشيانغ، نائب مدير مركز بحوث التنمية التابع لمجلس الدولة الصيني، أن التركيز على الدورة المحلية لا يُقصد به الانغلاق، بل الاستفادة من إمكانات الطلب المحلي لربط السوق المحلية بالسوق الدولية، واستقطاب الموارد والعناصر العالمية من خلال تنشيط الدورة المحلية، وبناء اقتصاد وطني أكثر انفتاحا ومرونة.
يتطلب تحقيق هذا التكامل تحسين الروابط بين السوق المحلية والأسواق الدولية. وتظهر البيانات أن الصين ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) حافظتا على موقعهما كأكبر شريكين تجاريين لبعضهما البعض لمدة خمس سنوات متتالية. وفي عام 2024، بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين ودول مبادرة “الحزام والطريق” 22.07 تريليون يوان، ما يمثل للمرة الأولى أكثر من 50% من إجمالي الواردات والصادرات الصينية. تعكس هذه الأرقام نجاح الصين في تعزيز انفتاحها على العالم، وترسيخ روابطها بالاقتصاد العالمي، من خلال انفتاح عالي الجودة يسهم في بناء دورة اقتصادية دولية إيجابية وتكامل عالمي أوسع.