
ذكرى النكبة : جرح مفتوح ومأساة متواصلة ، بقلم : اللواء أنور رجب
تحل ذكرى النكبة على شعبنا الفلسطيني كل عام بتاريخ 15 أيار، لتُعيد فتح جرح لم يُشفَ بعد، منذ أن اقتُلع الشعب الفلسطيني من أرضه قسرًا عام 1948 على يد العصابات الصهيونية، ولُجئ قسرًا إلى المنافي ومخيمات الشتات.
لم تكن النكبة حدثًا عابرًا في التاريخ، بل هي عملية تطهير عرقي ممنهجة، أسفرت عن تهجير أكثر من 750 ألف فلسطيني، وتدمير قرى بأكملها، وارتكاب عشرات المجازر المروعة.
اليوم، وبعد مرور أكثر من سبعة عقود على النكبة، يعيش شعبنا الفلسطيني نكبات متكررة، يتجلى أعنفها في قطاع غزة. فمنذ العدوان الهمجي الذي بدأ في أكتوبر 2023، يتعرض القطاع لحرب إبادة غير مسبوقة، أسفرت عن استشهاد عشرات الآلاف وجرح اضعافهم من المدنيين، معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ، وتدمير شامل للبنية التحتية، والمستشفيات، والمدارس، والمرافق الحيوية. تُمارَس سياسة التهجير القسري بحق أهالي شمال ووسط القطاع، في مشهد يذكر بمشاهد تهجير 1948بل على الاسوأ من ذلك، حيث تُجبر العائلات على النزوح المتكرر دون مأوى، تحت نيران القصف والجوع والمرض.
رغم كل ذلك، يواصل شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة صموده الأسطوري، متحديًا القتل والجراح والحصار والجوع، في مشهد يعكس عمق الإيمان بالحق والتمسك بالأرض.
لا تقل المأساة في الضفة الغربية المحتلة فظاعة، حيث يتعرض الفلسطينيون لسياسات تهويد منهجية، تتمثل في مصادرة الأراضي، وتوسيع المستوطنات، واستهداف المخيمات، ناهيك عن الاعتداءات اليومية من قبل المستوطنين وجيش الاحتلال، وفرض القيود المشددة على الحركة، ومداهمة المدن والقرى والمخيمات وهدم والبيوت، والاعتقالات التعسفية اليومية. رغم ذلك، يثبت شعبنا الفلسطيني في الضفة، متمسكًا بأرضه، مناضلًا في كل موقع، مؤكدًا أن لا سلام دون حقوق كاملة، وعلى رأسها إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وفي خضم هذا المشهد المأساوي، تواصل القيادة الفلسطينية، بقيادة فخامة السيد الرئيس محمود عباس، دورها الوطني والسياسي، في تعزيز الصمود الفلسطيني في ارضه وفضح جرائم الاحتلال أمام المجتمع الدولي، وتثبيت الرواية الفلسطينية، والسعي لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية الكاملة العضوية في الأمم المتحدة، ومحاسبة مجرمي الحرب أمام محكمة الجنايات الدولية.
فخامة السيد الرئيس محمود عباس، في خطاباته ومحافله الدولية، يذكر العالم دوماً بأن النكبة مستمرة، وأن السلام لن يتحقق إلا بإنهاء الاحتلال وتحقيق العدالة لشعبنا. لقد قاد تحركات سياسية ودبلوماسية عديدة نجحت في تعزيز حضور فلسطين على الساحة الدولية، رغم التحديات الكبرى.
ذكرى النكبة ليست مناسبة للبكاء على الماضي فحسب، بل لتجديد العهد بأننا لن ننسى، ولن نفرّط، ولن نتنازل. هي دعوة للصمود والوحدة، وللتمسك بالحقوق الوطنية الثابتة. فالشعب الفلسطيني، رغم الجراح، لا يزال يقاوم، ويبني، ويثبت في الأرض.
نكبتنا مستمرة، لكن إرادتنا عصية على الانكسار. فلسطين ستبقى، ما بقي فينا نفس.
- – اللواء أنور رجب – المفوض السياسي العام – الناطق الرسمي لقوى الأمن الفلسطيني