3:14 مساءً / 14 مايو، 2025
آخر الاخبار

محمد حسن شرف الشريف ، القائد الذي فجّر سلاحه ليحيا الوطن ، بقلم المهندس غسان جابر

محمد حسن شرف الشريف ، القائد الذي فجّر سلاحه ليحيا الوطن ، بقلم المهندس غسان جابر

محمد حسن شرف الشريف: القائد الذي فجّر سلاحه ليحيا الوطن ، بقلم المهندس غسان جابر

المولد والنشأة

وُلد الشهيد البطل محمد حسن شرف الشريف في مدينة الخليل بتاريخ 1 مايو 1933، في كنف أسرة وطنية فلسطينية عرفت معنى النضال مبكرًا. فتح عينيه على أصداء ثورة 1936، وامتص منذ طفولته هواء الكرامة والعزة، فتكوّن وعيه الوطني على حب الأرض ورفض الاحتلال، ليبدأ مسيرته النضالية وهو في مقتبل العمر.

البدايات النضالية

انخرط محمد الشريف في المقاومة منذ نعومة أظفاره، مشاركًا في معارك 1948، ومدافعًا جسورًا عن الوطن في حصار الفالوجا. لم تكن فلسطين آنذاك بحاجة إلى جيوش بقدر ما احتاجت إلى رجال من طينته؛ يؤمنون بأن الدفاع عن الأرض واجب مقدس لا يقبل التراجع.

ومع احتلال إسرائيل للضفة الغربية عام 1967، عاد الشريف إلى ساحات الفداء، لكن هذه المرة كقائد من طراز نادر، حيث أشرف مع رفاقه على إنشاء قواعد عسكرية سرية للمقاومة المسلحة في جبال جنوب الضفة، خاصة في منطقة الخليل، واضعًا نصب عينيه هدفًا واحدًا: ضرب الاحتلال في العمق، مهما كلف الثمن.

المعركة والنار… والخلود

بلغت المقاومة ذروتها في 4 فبراير 1969، حين خاض محمد الشريف ورفاقه معركة بطولية قرب قريتي الشيوخ وبني نعيم، دامت أكثر من 11 ساعة من الاشتباك المباشر مع قوات الاحتلال المدعومة بالمروحيات والمدرعات.

في تلك اللحظات، تجلّى أعظم مشهد في تاريخ الكفاح الفلسطيني: رفض الشهيد ورفاقه الاستسلام، وفضّلوا الشهادة على أن تُدنّس أسلحتهم بيد العدو. وفي موقف أسطوري خالد، قام بتفجير حمولة أربعة جمال من السلاح كانت بحوزتهم، لمنع وقوعها في يد الاحتلال، مُنهياً حياته النضالية بتفجير العزة والشرف.

استشهد محمد الشريف، وارتقى معه أحمد هماز ومازن حماد، تاركين خلفهم درسًا خالدًا في الفداء، بينما وقع بقية الرفاق في الأسر.

التحديات والصمود

لم يكن طريق الشهيد مفروشًا إلا بالشوك والتضحية. فقد واجه:

حصارًا عسكريًا خانقًا وقصفًا ممنهجًا.

نقصًا حادًا في الدعم اللوجستي والتمويل.

ملاحقات ليلية ويومية من أجهزة الاحتلال.

حربًا نفسية استهدفت عائلته، فحتى بعد استشهاده، مارست إسرائيل التنكيل بعائلته، حيث استدعيت شقيقته مرارًا وأُجبرت على الانتظار تحت لهيب الشمس دون السماح لها برؤيته أو وداعه الأخير.

لكن كل هذه التحديات لم تنل من عزيمته، بل زادته إصرارًا على مواصلة الكفاح حتى الرمق الأخير.

إرث خالد لا يُمحى

تحوّل محمد حسن شرف الشريف إلى أيقونة للمقاومة في فلسطين، وخاصة في الخليل، التي لا تزال تفتخر بأمثاله من الأبطال. لم يكن مجرد مقاتل، بل كان مؤسسًا لمدرسة نضالية علمت الجميع أن حب الوطن يُقاس بمدى الاستعداد للتضحية من أجله.

لقد جسّد محمد الشريف الثبات حتى الموت، والوفاء حتى الانفجار، وخلّد اسمه في ذاكرة الأجيال الفلسطينية كنموذج للمقاوم الذي لا يساوم، لا يلين، ولا يخضع.

نؤكد أن الخلود لمن يروون الأرض بالدم

رحل محمد شرف الشريف جسدًا، لكنه باقٍ في كل ذرة تراب فلسطينية، في جبال الخليل، وبين أزقتها العتيقة، في ذاكرة الثورة، وعلى جدران الكرامة. إنه القائد الذي لم ينتظر النصر بل كان أحد صناعه، والشهيد الذي فجّر سلاحه ليحيا الوطن.

“الشهداء لا يموتون، بل يصعدون ليكتبوا التاريخ بدمهم… ومحمد شرف الشريف كتب أروع صفحاته.”

م. غسان جابر (القيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية)

شاهد أيضاً

الاحتلال يهدم بركسا شرق شرق بيت لحم

الاحتلال يهدم بركسا شرق شرق بيت لحم

شفا -هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، بركسا في مدينة بيت ساحور شرق بيت لحم. …