11:36 مساءً / 11 مايو، 2025
آخر الاخبار

من المدير إلى الخوارزمية : هل يهدد الذكاء الاصطناعي مستقبل القيادة البشرية؟ بقلم : د. عمر السلخي

من المدير إلى الخوارزمية : هل يهدد الذكاء الاصطناعي مستقبل القيادة البشرية؟ بقلم : د. عمر السلخي


من يقود السفينة؟

في كل مؤسسة، كان السؤال دائمًا: من هو المدير؟ من صاحب القرار؟ من يمسك بزمام القيادة؟ لكن في عصر الذكاء الاصطناعي، يبدو أن الإجابة بدأت تنتقل من الإنسان إلى الخوارزمية، فالآلة لا تنام، لا تمل، لا تخطئ كثيرًا، ولا تتأثر بالعاطفة، لكن ماذا يعني ذلك للإدارة البشرية؟ هل تتحول القيادة إلى وظيفة بلا قائد بشري؟ وهل نحن على أبواب نهاية دور المدير كما عرفناه؟ هناك تحولًا جوهريًا في طبيعة القيادة والمعنى المؤسسي في هذا العصر الجديد، أما في فلسطين، حيث المؤسسات تعمل في بيئة استثنائية: حصار، احتلال، غياب السيادة على الموارد، نقص البنية التحتية… فإن الحديث عن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد ترف تكنولوجي، بل تحدٍ مزدوج: كيف تقود مؤسسة وأنت بلا حرية حركة، وبلا وصول حر للتكنولوجيا؟

الذكاء الاصطناعي: المدير الصامت

عالميًا، الذكاء الاصطناعي بدأ يحجز مقعد المدير في قطاعات مثل المال، الصحة، الصناعة، في البنوك، خوارزميات تمنح القروض أو ترفضها، في المستشفيات، أنظمة ذكاء اصطناعي تقرر أولويات العلاج، في المصانع، برامج تدير خطوط الإنتاج، هذه التحولات تقلص دور المدير البشري إلى “مشرف على الخوارزمية” بدلاً من صانع القرار (Brynjolfsson & McAfee, 2017)، فالخوارزمية لا تطلب إجازة، لا تخاف من الخصم، لا تحابي زميلًا، ولا تتأثر بمكالمة هاتفية، لكن في فلسطين، الذكاء الاصطناعي ما زال ضيفًا نادر الظهور، المؤسسات هنا ما زالت تعاني انقطاع الكهرباء، ضعف الإنترنت، نقص الكفاءات التقنية، وصعوبات استيراد المعدات بسبب الاحتلال.


المدير الفلسطيني: قائد أم مُدار؟

بينما يناقش العالم هل يحل الذكاء الاصطناعي محل المدير؟، يعيش المدير الفلسطيني معركة أخرى: قيادة مؤسسة محاصرة داخليًا وخارجيًا، قراراته مقيدة باتفاقيات سياسية، حركته مقيدة بالحواجز، ميزانياته مرتبطة بمعونات مشروطة، تقنياته محدودة بتقييدات الاحتلال، فالإدارة هنا تتحول من قيادة استراتيجية إلى إدارة أزمات يومية: انقطاع كهرباء، شح موارد، اعتداءات مستوطنين، اغلاق طرق، انهيار خدمات.
التعليم: الحلقـة المفقودة في فلسطين
الذكاء الاصطناعي لا ينمو في فراغ… يحتاج بيئة تعليمية، كفاءات تقنية، بنية تحتية رقمية، في فلسطين، التعليم التكنولوجي يعاني: مناهج تقليدية، نقص مختبرات، هجرة كفاءات للخارج، هذا يعني أن المدير الفلسطيني لا يواجه فقط نقص التكنولوجيا، بل نقص المهارات البشرية اللازمة لإدارتها وتطويرها.


القيادة في فلسطين: البقاء أولًا

إن المدير في عصر الذكاء الاصطناعي سيكون مسؤولًا عن بناء القيم، لا إدارة العمليات فقط (Cath, 2018) فالآلة تدير “الكيف”، لكن الإنسان يحدد “لماذا”، في فلسطين، هذه المعادلة تأخذ بعدًا إضافيًا: لماذا نؤسس هذه المؤسسة أصلاً؟ هل غرضها ربحي؟ أم خدمي؟ أم صمودي؟ أم سياسي؟
المدير الفلسطيني إذًا ليس مجرد قائد عمل، بل قائد مجتمع صغير، يقود من تحت الحصار، ومن داخل المعركة.
الذكاء الاصطناعي كأداة مقاومة
رغم التحديات، بدأت تظهر مبادرات فلسطينية تستخدم الذكاء الاصطناعي كأداة صمود: تحليل توسعات المستوطنات، مراقبة التغيرات الزراعية بالأقمار الصناعية، إدارة استهلاك المياه في ظل شح الموارد، أنظمة إنذار مبكر ضد حرائق المستوطنات المفتعلة.
“الذكاء الاصطناعي ليس رفاهية… هو أداة مواجهة مع واقع معقد، هذه الأمثلة تؤكد أن المدير الفلسطيني يمكنه قيادة الذكاء الاصطناعي كأداة تحرر… لا كخطر بديل.


مدير الغد في فلسطين… قائد مقاوم بالخوارزمية

العالم يناقش هل تحل الخوارزمية محل المدير؟ لكن في فلسطين، السؤال الحقيقي: هل يمكن للمدير أن يقود خوارزمية في بيئة محاصرة، ناقصة الموارد، ومقيدة الوصول؟ فمدير الغد الفلسطيني لن يكون مجرد مشغل لأنظمة ذكية، بل مهندس بقاء، يدمج التقنية بالصمود، يربط الاقتصاد بالهوية، يقود الغرض قبل الكفاءة، ويُدخل الذكاء الاصطناعي معركة الوجود الوطني، في فلسطين، القيادة ليست وظيفة… إنها شكل من أشكال المقاومة اليومية… سواء بيد الإنسان أو الخوارزمية.

شاهد أيضاً

تفصيل المقترح الذي قدمه المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف

تفصيل المقترح الذي قدمه المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف

شفا – كشفت القناة “12” العبرية، اليوم الأحد، عن تفاصيل مقترح المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط …