10:12 مساءً / 8 مايو، 2025
آخر الاخبار

حماس تفقد السيطرة ، وغزة أمام مفترق طرق ، بقلم : أحمد عبدالوهاب

حماس تفقد السيطرة.. وغزة أمام مفترق طرق ، بقلم : أحمد عبدالوهاب

ما يحدث في غزة، هو انعكاس طبيعي لسوء إدارة شؤون القطاع، من جانب حركة حماس، التي أعلنت انفصالها عن السلطة الفلسطينية في غضون عام 2007، وسيطرتها على حكم غزة، وبالنظر إلى الدوافع التي أدت إلى ذلك، سنجد أن قيادات الحركة، كان لها ترتيبات وخطط ممنهجة، لمواجهة جيش الاحتلال الإسرائيلي، في ظل الصراع الممتد منذ عشرات السنين، ولكن الخلافات والأزمات بين الدول تتطلب رؤية سياسية، وحسابات معقدة لحجم التداعيات التي قد تنجم عن تحول الخلافات إلى حرب عسكرية مدمرة.

ومن المعروف أن إيران هي الداعم الرئيسي لحركة حماس، وتتبع أسلوب “حرب الوكالة” ضد إسرائيل، وهو ما تأكد ذلك بعد أحداث “7 أكتوبر” – غير المدروسة – وما أعقبها من حرب موسعة شنتها إسرائيل على مختلف الجبهات، رداً على الداعمين لحماس. تلا ذلك حرب موسعة شنها جيش الاحتلال على قطاع غزة، أدت إلى نتائج كارثية، من تدمير شامل للبنية التحتية واستشهاد آلاف المدنيين بخلاف الجرحى.

  • نهب المساعدات وتبادل الاتهامات

لا يخفى على أحد، أن إسرائيل استغلت ما فعلته “حماس” في 7 أكتوبر، لتنفيذ مخطط التهجير، وتمارس حرباً تستخدم فيها الآلة العسكرية، وسلاح “التجويع”، ومنعت دخول المساعدات الإنسانية لغزة، بحجة عدم استيلاء حماس عليها، في محاولة لإضعاف قدرات الحركة على مواصلة القتال.

يوماً تلو الآخر، تتأزم الأوضاع داخل غزة، خاصة بعد فشل جهود وقف إطلاق النار، رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها مصر وقطر، أملا في التوصل لحل توافقي بين الطرفين لوقف الحرب، لإنقاذ أرواح ما تبقى من المدنيين.

ورغم الأزمة الإنسانية التي يواجهها القطاع، تعرضت شاحنات المساعدات البسيطة التي تدخل غزة، إلى عمليات نهب وسرقة من جانب مسلحين. ووجهت حماس اتهاماتها للاحتلال بأنه وراء ذلك، ولكن هناك تقارير أخرى ذكرت أن العناصر المسلحة التابعة لحماس، يقومون بالسطو على شاحنات المساعدات، وبيعها للغزيين بأسعار مضاعفة استغلالا للأزمة.

الأوضاع الكارثية في غزة، لم تتوقف عند هذا الحد، بل شهدت تطورًا خطيرًا، كشفت تقارير عن مقتل ضباط شرطة فلسطينيين في غزة، على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي، وعناصر محلية متعاونة، وهنا تنعكس هشاشة البنية الأمنية والسياسية التي تحكم القطاع، وهو مؤشر على أن قدرة حركة حماس على الإمساك بزمام الأمور بدأت تتآكل بصورة مقلقة، وهو ما يضع مستقبل غزة في مهب الريح.

  • انهيار منظومة الأمن الداخلي

ما حدث يؤكد أن الأمن الداخلي في غزة ينهار بصورة تدريجية، والمساعدات التي كان يُفترض أن تكون طوق نجاة في ظل الحصار، أصبحت محل صراع بدلًا من أن تكون وسيلة استقرار.

مقتل ضباط الشرطة في هذا التوقيت، يُعد تطورًا خطيرًا، ليس فقط لما يمثله من تهديد أمني، بل لأنه يشير إلى اختراق محتمل للمؤسسة الأمنية من الداخل أو فشلها في مواجهة الفوضى المتزايدة، وهو ما يُعزز المخاوف من أن الوضع يتجه نحو فقدان السيطرة الكاملة، ليس فقط على الشارع، بل على كل منظومة الحكم في غزة.

ولا يمكن فصل ذلك عن عجز حماس الواضح في إدارة منظومة المساعدات، حيث يُتهم بعض أجنحتها بالتلاعب في توزيع المواد الغذائية والاحتياجات الأساسية، مما زاد من الاحتقان الشعبي وأدى إلى اندلاع موجات احتجاج وغضب.

واجهت حماس تلك الاتهامات، بتصريحات أرجعت خلالها الأزمة برمتها إلى الاحتلال والحصار المفروض على غزة منذ أكثر من 15 عامًا، وهو أمر لا شك في تأثيره الكارثي على الحياة اليومية، لكن هذا التبرير لم يعد مقنعًا للكثيرين، فالتجارب المتكررة أظهرت أن سوء إدارة الملفات الداخلية، ولم تنجح حماس في تقديم نموذج حكم بديل حقيقي يعبّر عن كل أطياف المجتمع، بل ساهمت في تكريس سلطة منفصلة تعيد إنتاج أزمات الحكم التي ثارت ضدها الشعوب في أماكن أخرى.

  • حراك مدني

ما يزيد من خطورة الوضع، هو ما بدأ يظهر من مؤشرات على نشوء مبادرات مدنية عفوية، في محاولة من السكان لملء الفراغ الذي تخلفه المؤسسات الرسمية، هذا الحراك المدني يعكس بداية تحول في المزاج العام، من القبول بالأمر الواقع إلى التمرد على أنماط الحكم القائمة، ولو بأساليب غير منظمة، وهنا يكمن التهديد الأكبر لحماس ليس فقط في فقدان السيطرة الأمنية، بل في فقدان الثقة الشعبية، وهو ما قد يفتح الباب أمام فوضى شاملة أو صراعات داخلية أعمق.

في المحصلة، يبدو أن غزة على مفترق طرق. فإما أن تعيد حماس النظر جذريًا في طريقة إدارتها، وتسمح بإشراك فاعلين مستقلين في إدارة الشأن العام، وتعمل على فصل المقاومة عن هيمنة الحزب الواحد، أو أن تسير الأمور نحو مزيد من الفوضى والانفلات، وهو ما لن يكون في صالح أحد، لا الشعب الفلسطيني ولا مستقبله السياسي.

شاهد أيضاً

الصين وروسيا تتعهدان بالدفاع عن نتائج انتصار الحرب العالمية الثانية

الصين وروسيا تتعهدان بالدفاع عن نتائج انتصار الحرب العالمية الثانية

شفا – اتفقت الصين وروسيا اليوم الخميس على الدفاع بحزم عن نتائج انتصارات الحرب العالمية …