10:21 مساءً / 3 مايو، 2025
آخر الاخبار

الصحافة ليست جريمة: رسالة وفاء للصحفي الفلسطيني في اليوم العالمي لحرية الصحافة ، بقلم : الصحفي سامح الجدي

الصحافة ليست جريمة: رسالة وفاء للصحفي الفلسطيني في اليوم العالمي لحرية الصحافة ، بقلم : الصحفي سامح الجدي

في الثالث من أيار / مايو من كل عام، يحيي العالم اليوم العالمي لحرية الصحافة، تحت شعارات تؤكد على دور الإعلام في الدفاع عن الحقيقة وتعزيز الديمقراطية وصون حقوق الإنسان. لكن في فلسطين، يتحوّل هذا اليوم من مناسبة احتفالية إلى جرس إنذار إنساني وأخلاقي، يدق في ضمير العالم إزاء جرائم لا تتوقف تُرتكب بحق الصحفيين الفلسطينيين، أولئك الذين يكتبون الحقيقة بالدم، ويوثّقون المعاناة تحت القصف، ويدفعون ثمن الكلمة الحرة من أرواحهم.

الصحفي الفلسطيني: أيقونة النضال وضمير الميدان

لم يكن الصحفي الفلسطيني يومًا مجرد ناقل للحدث، بل كان فاعلًا فيه، شاهدًا عليه، وغالبًا ما يكون أول المستهدفين بسببه. فمنذ عقود، وبشكل أكثر وضوحًا خلال الحروب المتكررة على قطاع غزة والاعتداءات في الضفة الغربية والقدس، تحوّل الصحفي الفلسطيني إلى خط دفاع أول عن الحق في المعرفة، وإلى ضمير حي للمجتمع.

عشرات الصحفيين ارتقوا شهداء وهم يؤدون واجبهم المهني. قُتل بعضهم داخل سياراتهم، وآخرون أثناء تغطية مسيرات سلمية، فيما استُهدف كثيرون وهم يحملون الكاميرا كدرع وحيدة أمام رصاص الاحتلال. في فلسطين، لا تُخطئ الرصاصات الكاميرات، بل تستهدفها عمدًا، لأن الصورة هنا تُدين، والحقيقة تُخيف من يحتكر القوة.

الكاميرا في مرمى النيران: تضحيات لا تتوقف

من ينسى الشهيدة شيرين أبو عاقلة، التي اغتيلت برصاصة قنّاص أثناء أداء واجبها، رغم ارتدائها الزي الصحفي المميز؟ ومن ينسى ياسر مرتجى، الذي سقط شهيدًا وهو يوثق الأمل في مسيرات العودة؟ هذه الأسماء ليست استثناءات، بل تمثل نمطًا ممنهجًا في استهداف الصحفيين الفلسطينيين.

وبحسب أحدث بيانات نقابة الصحفيين الفلسطينيين، استُشهد 209 صحفيين منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، في واحدة من أبشع الجرائم المرتكبة ضد الإعلاميين في تاريخ الصحافة العالمية. كما وثّقت النقابة استشهاد 15 صحفيًا في الربع الأول من عام 2025 وحده، في ظل استمرار العدوان.

بين الاحتلال والانقسام: صحفيون بلا حماية

ورغم فظاعة ما يرتكبه الاحتلال من جرائم، إلا أن الخطر لا يأتي منه وحده. فالواقع السياسي الفلسطيني الداخلي يعاني من غياب منظومة حماية قانونية ومؤسساتية فعالة للصحفيين. لا يزال العمل الصحفي في فلسطين خاضعًا لقوانين قديمة لا تواكب التطورات، ما يسمح بوقوع انتهاكات مثل التوقيف الإداري، والرقابة، والفصل التعسفي.

وقد أسهم الانقسام السياسي في جعل الإعلام جزءًا من أدوات الصراع، بدلًا من أن يكون منصة حرة للنقاش العمومي والتعبير المستقل، ما يعرّض الصحفيين لضغوط ومخاطر من أطراف متعددة، ويقوّض مكانة الصحافة كمهنة رقابية مستقلة.

ما المطلوب لحماية من يحمي الحقيقة؟

تقع مسؤولية حماية الصحفي الفلسطيني على ثلاث دوائر مترابطة، ينبغي أن تتحمّل كلٌّ منها دورها:

المجتمع الدولي: لا يكفي إصدار بيانات الإدانة، بل يجب تحويل استهداف الصحفيين الفلسطينيين إلى ملف قضائي في المحاكم الدولية، باعتباره جريمة حرب تستوجب العقاب.

السلطة الفلسطينية والفصائل: عليها توحيد قوانين الإعلام، وسن تشريعات حديثة تجرّم التعدي على الصحفيين، وتكفل استقلالهم، وتحميهم من جميع أشكال الانتهاك.

المجتمع المدني والنقابات: يجب إعادة بناء منظومة تضامن فعّالة، تقدم الحماية القانونية والنفسية والمادية للصحفيين، خصوصًا في حالات الإصابة، أو الاعتقال، أو التهديد، إلى جانب توثيق الانتهاكات وملاحقتها قانونيًا.

الوفاء يبدأ بالحماية، لا بالرثاء

إن الوفاء للصحفي الفلسطيني لا يكون باستذكار صور الشهداء فقط، بل في تكريس نضالهم داخل ضمير العدالة الكونية، والدفاع عن حياتهم وهم يحمون الحقيقة، لا انتظار موتهم لتكريمهم.

في زمن التزييف والرقابة والانحياز، يبقى الصحفي الفلسطيني آخر معاقل الحقيقة.

ادعموا الصحفي .. لا تنتظروا أن يتحوّل إلى شهيد حتى تكرّموه.

شاهد أيضاً

الجيش الإسرائيلي يستدعي 60 ألف جندي احتياط ويضع خطة لضم أجزاء كبيرة من قطاع غزة

الجيش الإسرائيلي يستدعي 60 ألف جندي احتياط ويضع خطة لضم أجزاء كبيرة من قطاع غزة

شفا – ذكرت القناة الـ14 الإسرائيلية، مساء اليوم السبت، أن الجيش الإسرائيلي سيرسل الليلة أوامر …