
الإئتلاف التربوي الفلسطيني يذيب الأنا ويضيّع الأنانية ، بقلم : نسيم قبها
أسبوع العمل العالمي أنموذجا
نوايا الإئتلاف التربوي الفلسطيني حسنة وجادة دائما في التشارك مع وزارة التربية والتعليم نحو بيئة تعلميّة معافاة بالحدّ المناعي ، ورغم أننا نعرف مسبقا أن هذا الوسع الكثيف والفاعل والملفت الذي بروز إطلاق أسبوع العمل العالمي في المنطقة العربية من قلب ( فلسطين) التي أوسمت من خلال الإئتلاف هذا الإطلاق بالمنهجية الواعية القائمة على الحق في التعليم من بوابة ( الأونروا) كاختيار سياسي نظيف لرفض السياسة القذرة ، إلا أن العمل سيبقى ناقصا في عدم وصوله للكمال ، خاصة في ظل التحديات التعلميّة الاجتماعية والاقتصادية والتنموية سياسيا ، والتي تواجه مجتمعنا الفلسطيني بشكل صادم ومتدحرج.
هنا تبرز الحاجة إلى تعزيز التعاون بين مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية في إتاحة مواردهم وخبراتهم المختلفة من أجل ( الكلّ) الجمعي الوطني ، وعندما يتم التكامل الوازن بينهما، يمكن تحقيق نتائج ذات فاعلية واستدامة ، نتائج خرجت فكرتها من عقلين جادّين متماهييّن في الذات الفلسطينية بشكل عنصريّ إيجابيّ غير معتد.
يعمل الإئتلاف التربوي الفلسطيني على الأرض بشكل مباشر مع الفئات البشرية الدنيا والعليا المستهدفة، مما يمكنه من فهم احتياجات المجتمع الفلسطيني تربويا بدقة جانبت الكثيرين. وبينما تمتلك وزارة التربية والتعليم الإمكانيات المالية والقانونية أيضا ، لتنفيذ المشاريع التربوية المنوطة بها ، فإن التعاون بين الإئتلاف والوزارة ، يسهم بالضرورة في تصميم برامج تنموية تلبي الاحتياجات الحقيقية للقطاع التعليمي، مما يعزز التنمية المستدامة ، التي تعتمد على قاعدة التشارك بين القطبين ، التشارك المنبثق عن فهم الانتماء ومعرفة الذات.
يمكن للإئتلاف التربوي الفلسطيني بخبرته في العمل الميداني من خلال أذرعه المؤسساتية الطويلة، أن يقدم ملاحظات نقدية قيمة حول افتعالات وبناءات وزارة التربية المادية والنظرية ، ما يعني إمكانية تطوير هذه النتاجات لتصبح أكثر كفاءة وشمولية، وكل ذلك بالتوافق البنائي في العلائقية المرهفة ما بين الإئتلاف والوزارة.
في أوقات الأزمات والطوارىء المستمرة بلا انتهاء في فلسطين ، تظهر أهمية التنسيق المفضي للتشارك بين القطبين ، فالوزارة التي توفر البنية التحتية والدعم اللوجستي ما أمكنها ذلك ، تتيح المجال بوعي في تقدم الإئتلاف التربوي باستجابتة السريعة والنوعية ( ماديا ، معنويا ، تدريبيا) بناء على رصده المسبق ، ومواكبته للعملية التعلمية بعين الحامي، ما يفضي هذا التكامل في ضمانة استجابية أكثر فعالية وانتاجا.
في هذا السياق ، وفي أوار إطلاق أسبوع العمل العالمي الذي نهش السمات البيوقراطية المعتادة من خلال هذه الثنائية التي أكنّها الإئتلاف التربوي فعلا ، ومن خلال تشاركيته مع وزارة التربية في مراسيم الإطلاق المبهجة ، وفي الفعاليات المسافرة في ساحات المدارس بعد تبسيط الإجراءات التي يجب أن تبقى بسيطة في ظل أن التعليم ( مسؤولية الجميع) ، كانت النشاطات المركزية وكلّها مركزية في شمال ووسط وجنوب حكاياتنا الفلسطينية ، كانت ضرورة لا خيارا لنا فيها ، فالثقة وتبادل الخبرات وتسخير الموارد بين الإئتلاف والوزارة كان عرسا وطنيا ومازال وسيبقى مادامت الفكرة هي المدرسة ، وما زال المقصود هو التعليم.
ولأن هذا التعاون بين المؤسستين هو ركيزة واعية وملهمة في تعزيز التماسك الاجتماعي المجتمعي الفلسطيني الذي يحتاجنا اكثر ما نحتاجه ، باعتبار أن غراء الثقة الذي يمسك هذا الدعم المتوافق ، هو ضمانة الاستمرارية عبر الشفافية التي تنتنج هرمون الانتماء والثقة المتبادلة ، والتي تفضي حتما بإشراك جمعي وطني في صناعة القرار المتعلق بالسياسات الاجتماعية والبرامج التنموية ، وتعزيز العدالة الاجتماعية التي تقلّل الفجوات بين قطاعات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية ، وبالتالي بناء مجتمع أكثر إنصافا ، يستجيب للأزمات شبه الدائمة بشكل مشترك من خلال المرونة الاجتماعية التي نسقتها جهود الإئتلاف التربوي ووزارة التربية ، مخفّفين من حدة التأثيرات التربوية التعلّمية التي قذفتها سلبا الحرب الإسرائيلية الهمجية على الفلسطيني في أرضه ، وبالتالي العودة أن لا خلاص منك إلا بك.
وحتى نبني مجتمعا فلسطينيا متماسكا في وجه مخططات التفرقة والتجزئة الاستعمارية ، كان لزاما على الإئتلاف كمؤسسة مجتمع مدني غرس قيم الاحترام والتسامح والعدالة كعلاقات سليمة مع الوزارة كمؤسسة حكومية ، ما يعزز صقل الهوية الوطنية من خلال تقبّل وقبول التنوع والتعددية ، والتي تعتبر هوية محصّنة بوجه التوترات والأزمات ، التي لن تقدر في تهميش رؤية الاندماج والمساواة لكل قطاعات المجتمع ، وإذابة الفوارق الاجتماعية عبر الوعي بضرورة ضمان الحق في التعليم وآلياته.
إن الاستغوار الذي يحملني لفعاليات أسبوع العمل العالمي الذي توالى فيه الإئتلاف التربوي تصميما على رسالته كان فارقا ، كان فارقا لكل ما سبق ، فارقا في تعاونه وحمله لوزارة التربية في كل خطوة ، وفارقا في كمية السعادة المنبثقة من الفعل اللامألوف والدالّ على وظيفة الهادف والمستهدف من كل نشاط وظيفي غير بريء ، ما جعل استثارات الناس تتساءل عن شيفرة الشهوة غير المعقولة في هذا الصخب من النشاطات ، ملاحقين الإئتلاف في تحولات العلائقية الاعتبارية مع وزارة التربية كعلاقة تكاملية تتابعاتها مؤديه إلى أدوار ووظائف أخرى ستأتي بعد، حتى بدت الإحالة الصورية لعنوان أسبوع العمل العالمي اكثر تمثيلا للخرق النمطي في عدم الانسجام بين المجتمع المدني والقطاع الرسمي ، لتبدأ تعرية المخبوء خلف أقنعة السرد السوداء، ويثبت الإئتلاف الصورة البيضاء لهذا التعاون في يومياته الكريمة دائما ، وباتجاهٍ يجعل من هذا الوجود الواقعي الحقيقي أغنية لا تنتهي.