5:25 صباحًا / 2 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

التربية الانفعالية ، بقلم : د. فواز عقل

التربية الانفعالية ، بقلم : د. فواز عقل

التربية الانفعالية ، بقلم : د. فواز عقل

يتفق جميع التربويين و المهتمين أن أسوأ أنواع التربية هي التربية الانفعالية التي تقوم على التاءات السامة (التخويف،التجريح،التعنيف،التوبيخ،الترهيب،التهميش،التهويل،التلوين،التأنيب).


هل فكرت الأسرة و المدرسة في تأثير الكلمات التي تستخدم على الطفل أولا و الطالب ثانيا؟ لأن الكلمات تمتلك قوة كبيرة على تغيير حياة المجتمع و هي ليست أصوات فقط بل هي إشارات ترسل إلى العقل، فعند استخدام كلمات إيجابية يتم تحفيز مناطق في عقل المستمع مما يشعره بالسعادة و عند استخدام كلمات سلبية التي تعمل على تفعيل آلية التهديد في العقل، فالكلمات السلبية تؤدي إلى تقويض الثقة وبناء حواجز بين المتكلم و المستمع، لأن التحدث بطريقة سلبية أو متهكمة يتفاعل معها العقل، فإذا بدأ الطالب يومه بعبارات (سأنجح في الامتحان، أنا قادر على النجاح) وهذا يخلق شعور إيجابي و يزيد فرص النجاح، أما إذا بدأ يومه (هذا صعب، لا أستطيع، فلان حاول ولم ينجح، هذا مستحيل) فإن العقل يبدأ بالدفاع و يقلل من الفرصة على التصرف بثقة لأن كلام الطالب مع نفسه يؤثر على طريقة تفكيره و سلوكه، فإما أن يكون محفزا ومشجعا أو مثبطا، و تقول الآية الكريمة: “ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك”.


التربية الانفعالية هي نمط تربوي سلبي تسيطر فيه الكلمة على الانفعالات و العواطف عند المتكلم سواء الأسرة أو المعلم و تمنعه من القدرة على التحكم بالنفس و ضبط ردود الفعل العاطفية كالغضب و الحماية و الاهتمام الزائد، و هذا النمط يكثر في كثير من دول العالم الثالث.
إن فقدان السيطرة العاطفية من قبل الأسرة و المعلم في التعامل مع الأطفال قد ينتج عنه بيئة تربوية قهرية مقلقة عنيفة تنتقل من جيل إلى جيل.
مؤشرات التربية الانفعالية:
1-فقدان السيطرة، حيث يشعر المعلم أنه غير قادر على تعديل سلوكه.
2-المبالغة و السرعة في رد الفعل السريع على أخطاء صحيحة.
3-سرعة الغضب من قبل المعلم في التعامل مع الطالب.
4-استخدام عبارات الشتم والتوبيخ والتعنيف اللفظي و الجسدي.
5-عدم الثبات في التعامل مع نفس الموقف.
نتائج التربية الانفعالية:
1-تؤدي إلى تأثيرات نفسية طويلة الأمد كالقلق و فقدان الثقة.
2-تؤدي إلى فقدان الطالب الثقة بنفسه.
3-تؤدي إلى علاقة سلبية مع الطالب.
4-تؤدي إلى اضطرابات عاطفية عند الطالب.
5-تؤدي إلى إيذاء الطالب جسديا و نفسيا.
6-تؤدي إلى عدم تحقيق الهدف التربوي.
لذلك لا بد من التحول من التربية الانفعالية إلى التربية الايجابية من خلال:
1-تفعيل الاستشارات النفسية.
2-تحسين العلاقات الاجتماعية.
3-التركيز على الحوار الإيجابي.
4-قراءة مقالات والمشاركة في ندوات.
5-تنمية قدرة الطالب على فهم مشاعر الآخرين.
6-تعليم الطالب كيفية التحكم  مع مشاعره السلبية.
7-إعداد برنامج تربوي توعوي.
8-توفير بيئة تربوية جاذبة شيقة آمنة.
أخطاء تربوية:
1-كثرة الصراخ و العصبية التي تترك آثار نفسية طويلة الأمد.
2-التعامل مع سلوك طبيعي كأنه خطأ مثل حب الاستطلاع.
3-الضرب المتكرر يؤدي إلى العدوانية و الانعزال.
4-التوجيه الخاطئ
5-الإكثار من الانتقاد و المقارنة بالآخر.
إن هدف التربية ليست الطاعة العمياء بل التوجيه بأسلوب يعزز الثقة و يبني الشخصية.
أقوال حول التربية الانفعالية:
-على المعلم أن يختار كلماته كما يختار ملابسه و كتبه و أصدقاؤه و مسكنه
 -يرى سارتر أن الانفعال هو فعل سلوكي هادف يستخدمه الإنسان للتعامل مع المواقف الصعبة و هو يمثل طريق للهروب من المواقف وعدم الرغبة في التكيف.
-كل طفل هو فنان و المشكلة كيف يظل فنانا عندما يكبر.
-متى يدرك الأهل والمعلمون مخاطر الكلمات و الانفعال.
-أفلاطون يقول : لا يتعلم الناس بالقوة و الاكراه، بل بالحب والحماس.
-الكلمات كالبذور و لكنها تغرس في القلوب وليس في الأرض.
-لا تكن كالمجهر يضخم التفاصيل الصغيرة و يكشف مواطن القبح، كن كمرآة تعكس ما أمامها بحيادية.
-ابن خلدون يقول: إن فهر المعلم للطالب لفظيا أو سلوكيا يفسد معاني الانسانية.
-حكمة صينية : الطريق إلى القلب يبدأ من الأذن و المجتمعات الناهضة هي التي تمد يدها للفرد و ليس لسانها.
-جبران خليل حبران يقول : هنيئا لمن يحمل اللطف في قلبه و الجمال في أخلاقه و اللين في روحه.
توصيات:
-على المعلم أن يكون  قدوة في تصرفاته.
-مكافأة السلوك الجيد بالمدح و الثناء.
-وضع قواعد سلوكية واضحة.
-الإكثار من التواصل الايجابي.
-تجنب الانفعال أما الطلاب.
-كلمات ممنوع أن تقال للطالب: أنت فاشل/أنت كسلان/أنت كذاب/أنت غشاش/انت لا تفهم/أنت حيوان/أنت ثرثار،و لا بد من الإكثار من الحوار الإيجابي و التوجيه و التعاطف
-مصطفى محمود يقول:إن الأطفال هم بذور المستقبل، ازرعهم في تربة من الحب و الرعاية، و اسقيهم بالتشجيع و التقدير و سيزدهرون ليصبحوا أشجار قوية تظلل العالم بالخير.
-أنا أؤمن بقوة الكلمات و تأثيرها و لكن البعض يتكلم قبل أن يفكر في أثر الكلمة على الآخر، فالكلمة تكسر الطالب و تغير حياته للأبد.
و أقول: كلمة بتجنن و كلمة بتحنن.
و أخيرا أقول: نحن التربويون، المحاورن، أصحاب اليقظة أصحاب البوصلة ، نصنع البوصلة لليوم التالي ولا ننتظرها.

  • – د.فواز عقل – باحث في شؤون التعليم و التعلم .

شاهد أيضاً

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يهنئ نظيره الجزائري عبد المجيد تبون بعيد الثورة الجزائرية المجيدة

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يهنئ نظيره الجزائري عبد المجيد تبون بعيد الثورة الجزائرية المجيدة

شفا – هنأ رئيس دولة فلسطين محمود عباس، رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عبد المجيد …