1:04 مساءً / 29 مارس، 2024
آخر الاخبار

الامن القومي العربي بقلم : جورج حزبون

الامن القومي العربي بقلم : جورج حزبون

حفل شهر آذار بمناسبات وطنية ونضالية وسياسية كثيرة ، حتى كاد يصح القول إننا أصبحنا نناضل حسب ( الرزنامة ) ، يكون ذلك عند غياب خطة عمل مرحلية مستندة الى خطة عمل او برنامج استراتيجي ، وكان يمكن ان تطرح القمة العربية هذه الإستراتيجية لاكنها أثبتت أنها ليست قيادة قومية للشعوب العربية / فبقرأة سريعة لما اطلق عليه إعلان بغداد ، يتبين مدى التوهان الغارقة به القيادة العربية ، فقد جاء أربعون بنداً، وعدة صفحات بحيث لم يكن بالإمكان قرأته في المؤتمر الصحفي الذي اختتمت به القمة ، وتبين خلاله ضعف الاهتمام من الصحافة العالمية ، فهي أصبحت تدرك طبيعة اللقاءات العربية ، مجرد مراسم ومراسيم ، وخطب وبيانات وتوازنات ولا جديد ، في حين يبدو واضحاً وجود تكتلات عربية ومحورية ، فكتلة بلدان الخليج بالقيادة السعودية ، وكتلة القادمين من الثورات وأبرزها تونس وموقف المحافظين وربما موقف غريب أخر وهو الغير منحازين !!

ولعل الأهم في هذا الأمر هو ان القرار العربي لم يعد عربياً ، ففي أحسن الأحوال جاء المبعوث الى سوريا (كوفي عنان )مشتركاً مع مجلس الأمن حيث هي مقدمة لتدويل الأزمة ، وان إطرافا عربية تسعى الى تسليح المعارضة ، في عملية تشابه التجربة الليبية ، دون ادراك ان النتيجة كانت تمزيق ليبيا ، وان تمزيق سوريا بحكم الوضع الجيوسياسي سيؤدي الى نكبة عربية جديدة يتضرر فيها لبنان والقضية الفلسطينية ، فسوريا على تخوم إسرائيل وهي الحدود الشمالية لها والجبهة الأكثر تحسساً ، وان كان النظام السوري امتنع عن تفعيل جبهة الجولان ، فان إسرائيل تتطلع الى إغلاقها نهائيا مع الجبهة اللبنانية ، لتنصرف الى توسيع استيطان الجولان بشكل أوسع وفرض واقع جديد ، والتمسك بموقفها الرافض الاعتراف بحقوق الفلسطينيين والانسحاب من ما احتلته عام 67 ، والغاء مضامين القرارات الأممية .

ان من يعتقد ان اسرائيل متفرج فيما هو جار بجوارها واهم ، وموقف وزيرة الخارجية الاميركة من زيارة السعودية الى حضور مؤتمر أصدقاء سوريا في اسطنبول ، يضع المصلحة الاسرائيلة في الاعتبار ، فان قيام حرب أهلية في سوريا ان لم يقسم البلد الى دويلات ، فانه في أحسن الأحوال يعزلها عن محيطها العربي وقضاياها القومية والوطنية لسنوات طوال ، وهي السنوات التي سيقرر فيها مصير القضية الفلسطينية سواء عبر مشروع دولتين لشعبين او اية خيارات اخرى أسوء بكثير ، فقد أصبح الشعب الفلسطيني لا يستطيع الاستمرار بهذا الوضع الكاريكاتيري ، مع استمرار الاحتلال واقعاً ، والسلطة شكلاً رغم كل ما قامت بإحداثه من انجازات لتثبت حقوق الفلسطينيين ، لكنها سلطة منقوصة السيادة وترتبط بسوق اقتصادي مع إسرائيل بحكم الاحتلال الجاثم ،وهو ينقل أزماته الاقتصادية ويرفع مستوى معيشة الفلسطينيين مع تفاقم البطالة بينهم وعدم قدرتهم على مواصلة العيش بهذا الضنك ، والسلطة لا تستطيع توفير ( سبسيديا ) لوقف ارتفاع الأسعار وانخفاض مستوى المعيشة فهي بالكاد تصرف الرواتب باعتبارها اكبر مشغل ولم تتمكن من صرف زيادات رواتب سنوية او بدل ارتفاع الأسعار منذ خمسة سنوات ، بحيث أصبح لا بد من تغير معين بغض النظر كيف والى اين ؟!

وان كان النظام الحاكم في سوريا يجد ان إبقائه أهم من مستقبل شعبه ووطنه ، فانه يقود وطنه الى دمار ويعرض الأمن القومي للخطر، وحقوق الشعوب العربية الى الهاوية كذلك لا يمكن التعامل معه برد فعل والتوجه الى حرب اهلية ، لان الحرص على سوريا وشعبها والأمن القومي العربي يحتم اتباع المنهج السياسي لحل الأزمة السورية ، فالجبهة السعودية الخليجية تجد في معركة سوريا موقعا مناسبا ،فالجبهة الإيرانية الشيعية ، بعيداً عن حدودها ، ومدنها ونفطها وسكانها ، وتستنزفها في الأرض السورية ببضعة ملاين الدولارات ، وهي صاحبة خبرة في هذا المجال مع حليفتها أميركا فقد جربته في أفغانستان ، وفي لبنان لسنوات طويلة ، حيث لا زال يعاني من أثارها هذا البلد الأمن المستقر الذي تحول الى منطقة حروب بالوكالة ، وهذا احد الأسباب التي دفعت اردوغان لزيارة ايران ، من حيث ان تركيا أصبحت طامحة لدور الدولة المركزية في المنطقة سواء بالمذهب السني ، او بالقدرة العسكرية والاقتصادية ، الى جانب دعم بلدان الخليج ، من حيث هم مطمئنون اليها ، وهي باحثة عن دور وأسواق بما فيها النفط الذي تطمح للوصول اليه طويلاً سواء في كركوك و الموصل .

فطالما تتواجد الغيوم بالسماء ، يكون احتمال سقوط المطر واردا ، فتركيا تلعب دوراً قيادياً في الأزمة السورية ، وتمسك الأوراق بيدها وتطرح نظرية المناطق الآمنة وتسليح المعارضة ، وتلتقي معها دول الخليج والسعودية بالدعم المالي والسياسي واميركا بمباركة هذه الحلف علما ان تركيا عضو في حلف الناتو ، والذي سيكون حاضراً بالضرورة في حال دخول تركيا اي حرب وتحتاج الى ايه مساعدة عسكرية بالسلاح او الاستخبارات او الأقمار الصناعية .

ويجب هنا ان نلاحظ التحرك الاخواني المصري المفاجئ ،بإعلان ترشيح احدهم لرئيس الجمهورية ، والانتقادات للمجلس العسكري ، مما يؤشر الى بداية أزمة جديدة ، تدخل مصر مرة أخرى في توهان طويل بعيداً عما يجري للمنطقة ولقضية الأمن القومي العربي ، وهو البلد الذي استند اليه هذا الأمن طويلاً وربما من ايام (محمد علي )، ولا يمكن ان يكون هذا مجرد إجراء مفاجئ غير محسوب ، خاصة في ظل ارتباط عميق للإخوان مع بلدان الخليج ،( وكان قرر الإخوان فصل عضو قيادتهم ( ابو الفتوح ) لانه أعلن ترشيح نفسه ، فماذا جرى الان ؟ )العربي التي زودتهم بأموال طائلة في الانتخابات البرلمانية لم يكن ممكناً ان تكون في استطاعة حزب توفيرها ذاتياً ، فبعزل مصر تماماً ، وتمزق ليبيا ، وأزمات العراق ، وابتعاد دول المغرب بالجغرافيا والشؤون الداخلية ، تبقى سوريا ولبنان وفلسطين ، وحجر الزاوية هنا سوريا ، فعند سقوطها يسقط الآخرون بالضرورة ، ويسهل تمرير حل سياسي لما سمي قضية الشرق الأوسط ، عبر المشروع المعد لها او اية صيغة أخرى متناسبة مع مشروع إعادة صياغة المنطقة، بما يخدم مصلحة أميركا وإسرائيل ويبقي منابع النفط بعيدة عن ربيع الشعوب او غضبهم .

هذا سيناريو يجري تنفيذه فقد تم إعداده وتوفرت أركانه ، فالحرب الاهلية السورية مقدمة لخلق شرق أوسط أخر جغرافيا وسياسياً ويجعل إسرائيل دولة ركنية فيه ، ويستدرج إيران الى حالة استنزاف مع ما تواجهه من عقوبات اقتصادية ،مقدمة لضربها من أميركا وليس إسرائيل ، وترتيب الوضع اللبناني والفلسطيني من المدخل السوري ، هذه مقدمات إنهاء اضطراب المنطقة دون احتساب لردة فعل شعوبها بل استغلال للربيع العربي وأهدرا لثورته وتبديد قدراته .

شاهد أيضاً

شهداء وجرحى بقصف اسرائيلي على قطاع غزة

شفا – استشهد وأصيب عشرات المواطنين، الليلة، في غارات شنها طيران الاحتلال الإسرائيلي على أنحاء …