4:18 صباحًا / 27 يوليو، 2024
آخر الاخبار

حكومة زعران في إسرائيل، بقلم : د. عقل صلاح

حكومة زعران في إسرائيل، بقلم : د. عقل صلاح

حكومة زعران في إسرائيل، بقلم : د. عقل صلاح

تشكلت الحكومة الإسرائيلية السابعة والثلاثون في نهاية سنة 2022، حيث أعلن رئيسها بنيامين نتانياهو عن تشكيلها مع شركائه من قيادة الزعران في الأحزاب الدينية واليمينية المتطرفة. ويذكر أن رئيس الحكومة يحاكم بتهم فساد، وهو أول رئيس وزراء يمكث في المنصب في إسرائيل لأطول مدة، وتعد هذه الحكومة الأكثر يمينية وتطرفًا في تاريخ إسرائيل، حيث فاز حزب الليكود والأحزاب الدينية القومية بأغلبية في الانتخابات، فقد حصلوا على 64 مقعدًا من مقاعد الكنيست البالغ عددها 120 مقعدًا، وجاء ذلك بعد إجراء الانتخابات لخمس مرات في أربع سنوات تقريبًا، وتشكلت هذه الحكومة من حزب “القوة اليهودية” القومي المتطرف بقيادة الأزعر إيتمار بن غفير، ومن حزب “الصهيونية الدينية” اليميني المتطرف بقيادة الأزعر بتسلئيل سموتريتش؛ لينطبق على هذه الحكومة المثل الشعبي “القِدر ما يركب إلا على ثلاث”.


فنتنياهو وبن غفير وسموترتش جميعهم ضد حل الدولتين وقيام الدولة الفلسطينية، وسموتريتش مسؤول عن ضم الضفة الغربية من خلال فتح الباب على مصراعيه لتوسيع المستوطنات الإسرائيلية، وتشريع البؤر الاستيطانية وإعادة الاستيطان للمستوطنات التي تم تفكيكها في عام 2005، شمال الضفة، كما دعا سموتريتش إلى حرق قرية حوارة وهذا ما حصل فعلًا، من خلال إطلاق يد المستوطنين من قبل بن غفير الذي شاهده الجميع على شاشات الفضائيات وهو يوزع السلاح على المستوطنين، وهو نفسه الذي شاهده العالم وهو يسحب مسدسه على من ينتقده من المتظاهرين الإسرائيليين، وهو نفسه من سجل له أكثر من سبعين مخالفة سير، وهو نفسه الذي ذهب للسجون واعتدى على الأسرى وطلب إعدامهم وسحب منهم كل مستلزمات الحياة حتى المياه والكهرباء والزيارات، وضيق عليهم حياتهم الضيقة في السجون وأدخل عليهم الكلاب البوليسية، وأصدر العديد من القرارات التي تتنافى مع حقوق الأسرى في القانون الدولي وهو الذي اقتحم الأقصى ودنس المقدسات أكثر من مرة من خلال السيطرة المباشرة على الشرطة، وهذا ينم عن ممارسات الزعران الذين لا يحسبون حسابًا للعمل السياسي.


وفي التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر2023، اقتحم نابلس للوصول لقبر يوسف، مع العديد من أعضاء الكنيست ورئيس مجلس المستوطنات بالضفة يوسي دغان المسؤول الأول عن ممارسات وعربدة المستوطنين، وذلك على الرغم من معارضة قادة المؤسسة الأمنية، الذين حذّروا من اقتحام منطقة نابلس.


فحكومة الزعران ذات الثلاثة رؤوس والتي يحكمها كبيرهم الرأس الأول نتنياهو، الذي يعمل على الاستمرار في رئاسة الحكومة من أجل أن يفلت من المحاكمة على الملفات الجنائية ضده في المحاكم الإسرائيلية. والرأس الثاني وهو الأقوى ويتمثل في التوأم الإرهابي بن غفير وسموترتش. والرأس الثالث يمثله التيار الديني الإرهابي الذي يتكون من حزبي شاس ويهدوت هتوراه، وهمهم الأساسي هو الحصول على أكبر نسبة من الميزانيات للمتديّنين.


فهذه الحكومة هي الأولى من نوعها في إسرائيل، ولا تشبه أي من الحكومات السابقة والتي يرأسها نتنياهو الذي يمارس المراوغة والكذب على الجميع، ولا يريد المواجهة مع الخصوم، ويرغب في البقاء على رأس الحكومة للهروب من المحاكمة والاعتقال.


كان متوقعًا من هذه الحكومة أسوأ القرارات تجاه الضفة الغربية تحديدًا والقدس والقطاع، وفرض التقسيم الزماني والمكاني على المسجد الأقصى وصولًا لهدمه وتدشين الهيكل مكانه، وحتى وصل الحد بسحب صلاحيات السلطة الفلسطينية وحتى المدنية منها، وتسليمها للمنسق وتحديد دورها في التنسيق الأمني، بالإضافة إلى ضم الضفة الغربية وتعطيل المسار السياسي، ولو لم تقم حركة حماس في السابع من أكتوبر كان نتنياهو سيقود الحكومة إلى المواجهة الحتمية على جميع الجبهات وحتى على السلطة الفلسطينية التي شملتها الممارسات من خلال اقتطاع أموال المقاصة وإفقارها حتى باتت عاجزة عن أداء أبسط مهامها المتمثلة في دفع فاتورة الرواتب للموظفين؛ فسياسات الحكومة المتطرفة أدت إلى حرق القرى في الضفة والقتل والاستيطان، وقد وصل القتل والعنجهية للأسرى الفلسطينيين وتم محاصرتهم وسحب جميع مقومات الحياة في السجون، وإطباق الحصار على القطاع، فكل هذه الممارسات كانت تمارس قبل السابع من أكتوبر من إفلات يد المستوطنين في الحرق والقتل فقد تم تسليحهم من قبل بن غفير ودعمهم ماليًا من قبل وزير المالية سموترتش، ووصل بهم الحد لسرقة الزيتون والمواشي وكل ممتلكات الشعب في الريف، وإغلاق الطرق والاعتداء على منازل وسيارات المواطنين، وتم تكريمهم بإعادة الاستيطان لأربع مستوطنات في الشمال، وكل هذه الممارسات حدثت ومازالت تحدث بحماية الجيش الذي مارس نفس ممارسات المستوطنين، فالجميع يتذكر ممارسات الجيش في المخيمات وبالتحديد في مخيم جنين من تخريب للبنية التحية الذي حدث أكثر من أربعين مرة، وهدم وتدنيس المساجد والغناء على المنبر من قبل الجنود في مسجد المخيم والاعتداء على النساء والأطفال والشيوخ، وسرقة محلات الصرافة، بالإضافة إلى التدمير الممنهج والانتقامي للمراكز والمحلات والبيوت في الضفة وغزة وكتابة الجنود على أجساد الأسرى وطباعة نجمة داود والشتائم والمسبات في مكبرات الصوت، وغيرها من الممارسات، فالسابع من أكتوبر جاء خطوة استباقية لردع حكومة البلطجية.


لقد تم إعداد تقرير أممي صادم من قبل منظمات دولية بالتعاون مع ثلاث منظمات إسرائيلية غير حكومية، ومن أبرز ما جاء في التقرير، العشرات من حالات الاغتصاب داخل سجون الاحتلال وكان الاغتصاب جماعي، وإعدامات داخل معتقلاتها بإطلاق الرصاص مباشرة من مسدسات في الرأس على 87 معتقلًا غزاويًا، وألقيت الجثامين في مناطق مختلفة من شوارع غزة، والتعذيب في المعتقلات بشكل همجي، فما يحدث أفظع مما وقع في أبو غريب وغوانتنامو والسجون السرية، وحجم المسروقات من الذهب والأموال حسب تقديرات الجيش السرية تقريبًا 370 مليون دولار.


وفي نفس الصدد، يؤكد مقال لرئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت نشره بصحيفة هآرتس ما ذهبنا إليه، حيث أطلق دعوة لإقصاء الحكومة التي تضم عصابة الزعران التي تتحكم بالحكومة برئاسة بن غفير وسموتريتش وشركائهما في الليكود. وعلاوة على ذلك فإن الماضي الذي يحمله بن غفير وخلفيته الجنائية من دخوله إلى ائتلاف الحكومة بمثابة ضربة قوية ضد إسرائيل في العالم، وفي تل أبيب أطلقوا عليه صفات عدة بينها “الأزعر” و”المجرم”، وحياة بن غفير حافلة في الملفات والقضايا الجنائية التي وصلت لأكثر من خمسين، وكان أحد تلاميذ الحاخام المتطرف مئير كهانا.
أما شق التوأم في الإرهاب سموتريتش، فقد جاء من الخلفية، وهو من أبرز المتطرفين الذين يدعمون عصابات المستوطنين مثل “شبيبة التلال” و”تدفيع الثمن”، التي أقيمت لملاحقة ومهاجمة الفلسطينيين في الضفة والقدس، ويذكر أنه وصل للكنيست في سنة 2015، وهو مدير “جمعية رغافيم” المتطرفة، التي تكرس نشاطها في ملاحقة فلسطينيي الضفة ويعتدون على أصحاب الأراضي وقاطفي الزيتون كما تعمل جمعيته في رصد البيوت الفلسطينية لاستصدار أوامر هدم بذريعة البناء غير المرخص.

فسموتريتش الذي دعا إلى محو حوارة كان أول من دافع عن منفذي جريمة قتل عائلة دوابشة، وخاض معركة طويلة لدعمهم ورفض اعتبار مقتل العائلة جريمة وعملاً إرهابياً، بل اعتبر العنف الذي يوجه إلى اليهود من قبل العرب فقط هو العمل الإرهابي. وتم اعتقاله من قبل الشاباك عام 2005، مع أربعة مستوطنين يخططون لتنفيذ عدة أعمال إرهابية بينها إحراق سيارات على الطريق العام وتعريض حياة الفلسطينيين للخطر، وهو من الشخصيات اليمينية المتطرفة التي عملت على مدار سنوات لإقامة حركات وتنظيمات خاصة باليمين المتطرف لتحقيق أهداف سياساتهم وأبرزها حركة “غوش أمونيم” و”كاخ” و”تحيا” و”موليدت”.


في أعقاب عملية “طوفان الأقصى”، أعلن بن غفير عن تسليح المستوطنين في أنحاء المناطق الفلسطينية ثم صادق على منح تصاريح عشرات آلاف الأسلحة للمدنيين اليهود بذريعة الدفاع عن النفس.

وعلى نفس النهج هدد سموتريتش في نهاية أيار/مايو 2024، طولكرم ونور شمس وشويكة وقلقيلية بارتكاب إبادة جماعية فيها كما في غزة، كما صرح بأنه سيحول الضفة إلى خراب مثل غزة.


لقد سميت حكومة الحرب بحكومة البلطجة والإبادة والتجويع حيث أعلن رئيسها نتنياهو، ورئيس حزب المعسكر الوطني، بيني غانتس، الذي تشمل قائمته البرلمانية 14 عضوًا، عن اتفاقهما على تشكيل حكومة طوارئ. وبموجب الاتفاق تم تشكيل “كابينت الحرب” ليضم نتنياهو وغانتس، ووزير الحرب يوآف غالانت، إضافةً إلى عضوين مراقبين، هما: غادي آيزنكوت، عن المعسكر الوطني، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر عن حزب الليكود.


وكتب أولمرت في مقال نشرته صحيفة “هآرتس أنه “يجب ألا ننجر وراء مجموعة من المجانين والمتوحشين، الذين يريدون مزيدًا من الدم والاستيطان في غزة”. وفي 19 مايو/أيار منح غانتس نتنياهو مهلة حتى 8 يونيو/حزيران الجاري، لوضع استراتيجية واضحة للحرب على غزة وما بعدها، وإلا فإنه سيستقيل من الحكومة التي انضم إليها في 11 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. كما قدم غانتس مشروع قانون لتشكيل لجنة تحقيق رسمية حول الإخفاقات التي أدت إلى هجوم “طوفان الأقصى”. ويشكل انسحاب غانتس المحتمل من حكومة الطوارئ خبرًا سارًا لزعيم المعارضة رئيس حزب “هناك مستقبل” يائير لابيد، وزعيم حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان، وزعيم حزب “يمين الدولة” جدعون ساعر، الذين اجتمعوا للمرة الأولى لتنسيق المواقف لإسقاط حكومة نتنياهو.


الملاحظ في الحكومتين سابقتي الذكر أن جميع أعضائها من الخلفيات المتطرفة المتشددة وجميعهم يجتمعون على موقف واحد وهو القتل والهدم والاستيطان، وعدم الاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، ومعظمهم من أصحاب الخلفيات الجنائية وحياتهم تعج في المخالفات الجنائية والزعرنة والبلطجة، فهؤلاء ليسوا سياسيين وقادة دولة، وإنما أعضاء عصابة، فحتى المافيا لها بعض الضوابط التي تجاوزتها حكومة الزعران.

  • – د. عقل صلاح – كاتب وباحث فلسطيني مختص بالحركات الأيديولوجية

شاهد أيضاً

حسين الشيخ يهاتف وزير خارجية سلطنة عُمان

حسين الشيخ يهاتف وزير خارجية سلطنة عُمان

شفا – هاتف أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، وزير خارجية سلطنة …