4:22 مساءً / 1 مايو، 2024
آخر الاخبار

مآسي الفلسطينيات وقصصهنّ المؤلمة تتكرّر دون أن يجدن من ينتصر حقًّا لهنّ، بقلم : زينب الغنيمي

زينب الغنيمي

مآسي الفلسطينيات وقصصهنّ المؤلمة تتكرّر دون أن يجدن من ينتصر حقًّا لهنّ، بقلم : زينب الغنيمي

في سياق ما يسمى بدعم النساء وتعزيز مكانتهنّ، رأيت في الآونة الأخيرة إعلانات عن ندوات وجلسات حوارية ودعوات للحضور من أجل الحديث عن المشاركة السياسية للنساء، منها في اليمن ومنها في السودان ومنها في فلسطين ومنها ما هو إقليمي. وجزءٌ من كلّ ذلك ترعاه هيئة المرأة في الأمم المتحدة، وربما كان هذا في سياق مهام لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدّة ونشاطاتها على مدار أسبوعين بمناسبة الثامن من آذار/مارس.

أتأمّل مجددًا هذه الأكذوبة الدولية التي اخترعتها مؤسسات الأمم المتحدة، وتوّجها الأمين العام لمجلس الأمن قبل ما يزيد عن ثلاثٍ وعشرين سنة بما يُسمّى قرار 1325، والذي تغنّت به النساء المنخرطات في المجتمع المدني على مستوى العالم وفي فلسطين أيضًا، وأنا واحدةٌ منهنّ للأسف. كنّا نعتقد أن وصول المرأة لكرسي السلطة، سواء بمثابة وزيرة أو سفيرة أو مديرة، أو ممثلة لبلادها في لجنة أو مجلس، أو قيادية في حزب أو تنظيم أو حركة سياسية، فإنّ هذا يعني أننا نحن النساء قد حققنا انتصارًا اجتماعيًا وسياسيًا على مجتمع الذكور. وقد اعتقدنا واهمات أن هذا سيعود بحصاد دسمٍ لعموم النساء في بلادنا.

وفي التجربة العملية التي نعيشها الآن تحت نير الاحتلال الصهيوني في فلسطين وعدوانه الفاشي في قطاع غزة، نجد أنّ النساء اللواتي يتبوّأن مراكز عُليا وحسّاسة في بلادهنّ لا يقلّين سوءًا عن الرجال، بل أشدّ شراسةً في أوقاتٍ كثيرة في الدفاع عن سياسات بلدانهنّ القذرة التي لا تتسم بأيّ أخلاقٍ إنسانية.

وهنّ كغيرهم مصاباتٌ بعمى البصر والبصيرة بالرغم من رؤيتهنّ للنساء الفلسطينيات وكيف يتمّ اغتصابهن والتحرّش بهنّ من قبل الجنود الصهاينة النازييّن الجدد، وكيف يُقتلن ويسقطن فوق أطفالهن بلا رحمة، وكيف يُطلق عليهن الرصاص وهن يركضن في الشوارع بحثًا عن مكانٍ آمن، وكيف تُعاني النساء النازحات في مراكز الإيواء وفي الخيام من الانتهاكات اليومية لخصوصيّاتهنّ. وكذلك كيف تُعاني النساء وأطفالهن من الجوع، وكلّ ذلك وفق التقارير الدولية. ورغم ذلك تجرّأ عددٌ من النسوة، مندوبات بلادهن في مجلس الأمن على التصويت لقرار أمريكا لدعم استمرار العدوان الصهيوني بدلًا من الوقف الفوري له.

أمّا الوزيرات في مختلف حكومات أوروبا، فلم تنتفض حساسيّتهنّ النسوية أمام المشاهد المُروّعة التي يرتكبها جيش إسرائيل التي يدعمونها. وكذلك لم تتجرّأ غالبية النساء في تلك الدول على نزع القناع عن وجوه أولئك النساء اللواتي ثبت أنّهنّ لا يستحقين تلك الوظائف التي تبوّأنها.

إن أكذوبة المشاركة السياسية للنساء سقط قناعها، لأن النساء ما زلن يقفن خلف الذكور ويؤيّدن قراراتهم دون أن يُفكّرن فيما إذا كان هذا القرار مُنصفًا أو ظالمًا لنساءٍ أُخريات.

نحن هنّ النساء الأُخريات، هنا في قطاع غزة، نعاني من العنف المركّب على يد الجنود الصهاينة من قتلٍ لأرواحنا وأرواح أبنائنا وبناتنا وأزواجنا وآبائنا وإخوتنا، وتدمير بيوتنا التي جُبلت جُدرانها بعرقنا. كما نعاني من التهجير القسري و الإبعاد عن أهلنا وأحبّتنا، ومن العنف الجنسي الممارس ضدنا وانتهاك كرامتنا، ونعاني يوميًا من الجوع ومن القهر ونحن نرى جرحانا لا يحظون بالعناية الطبية ومرضانا لا يجدون الدواء وأطفالنا لا يجدون الحليب ولا الغذاء، والأسوأ أن شهيداتنا و شهداءنا لا يجدون قبورًا لدفنهم.

نحن النساء الأخريات لا نحترم أيّة قرارات تدّعي أنّها من أجل حماية النساء أو تمكينهنّ أو وصولهنّ لمراكز صنع القرار، ولا نثق بمن يصوغونها رجالا كانوا أم نساءً، ولا نثق بأولئك النسوة ولا نحترمن تجلس منهنّ خلف الطاولات وتروّج للغاصبين لبلادنا ولحقوقنا. لم يعد لدينا الكثير لنخسره ربما، ولكنّنا سنظل ندافع عن كرامتنا ونبصق على كلّ القرارات وكلّ نتائج الاجتماعات الدولية والعربية التي تدّعي زورًا تمكين النساء.

شاهد أيضاً

القواسمي يثمن الحراك الطلابي في الجامعات الأمريكية والأوروبية الداعم للقضية الفلسطينية

القواسمي يثمن الحراك الطلابي في الجامعات الأمريكية والأوروبية الداعم للقضية الفلسطينية

شفا – ثمن عضو اللجنة السياسية لمنظمة التحرير أسامة القواسمي، الحراك الطلابي الداعم للقضية الفلسطينية …