11:17 مساءً / 19 مايو، 2024
آخر الاخبار

غزة الكرة التي لفظها المرمى (حسابات خارج قواعد اللعبة) بقلم : سماح خليفة

حسابات خارج قواعد اللعبة، بقلم : سماح خليفة

غزة الكرة التي لفظها المرمى (حسابات خارج قواعد اللعبة) ، بقلم : سماح خليفة

في لقطة تاريخية في العام 2023-2024، شهدت على أحمد ريان لاعب سيراميكا، إهدار فرصة ذهبية عظيمة بإحراز هدف مُهّدت الطريق أمامه بكل يسر وسهولة، فكان وجوده قريبا من المرمى، والنتيجة الطّردية المتوقعة لأن الكرة قريبة جدا من المرمى، ومحيط اللاعب شبه خالٍ، وبالتالي وفق تقديراته اللحظية هي لا تحتاج أي مهارة أو حذر أو تركيز، دخولها المرمى محتّم، وإحراز الهدف واقع، لكن النتيجة كانت عكسية، المرمى لفظها، لأنها اصطدمت بالعارضة اليسرى، فكانت الصدمة لجميع من في الملعب وجميع المراقبين للحدث.

في هجوم السابع من أكتوبر، وبعيدا عن وجهات النظر المتفاوتة حول الطرف الذي بدأ الهجوم، أو عِلم حماس بنية إسرائيل لتنفيذ مخططها واجتياح غزة أم لا، ومدى جاهزية حماس للمقاومة، المهم في الأمر أن حماس وقعت فيما وقع به اللاعب ريان، بنوا علاقة طردية حول نقطة ارتكاز نفعتهم سابقا، ألا وهي الأسرى الإسرائيليين، بيد أنها لم تنفعهم في هجوم السابع من أكتوبر.

إسرائيل التي أجرت نحو 10 صفقات تبادل أسرى بين الأعوام 1978م و2011م، تحرر خلالها آلاف الأسرى الفلسطينيين واللبنانيين والعرب من سجونها، مقابل جنود وأفراد إسرائيليين وقعوا في أسر المقاومة الفلسطينية واللبنانية.

لكن ما يميز عام 2011م أنّ حماس استطاعت من خلال “صفقة وفاء الأحرار/صفقة شاليط” أن تطلق سراح 1027 أسيرا فلسطينيّا مقابل إطلاق أسير إسرائيلي واحد هو جلعاد شاليط، وكان من بين الأسرى الفلسطينيين الذين أطلق سراحهم، القيادي في حركة حماس، يحيى السنوار، الذي دبر وخطط لطوفان الأقصى. فلا يمكن أن يفوت إسرائيل هذا الحدث التاريخي، لكن حماس يبدو أنه فاتها ذلك، وليست صفقة الأسرى التي تمّت في بداية أحداث السابع سوى سياسة مدروسة، لذرّ الرماد في العيون، تصب في صالح حكومة نتنياهو، الذي يعاني من أزمة داخلية وغضب شعبي في داخل إسرائيل، وخطر محدّق به شخصيا إن انتهت الحرب، ولم يحرز تحولا ملموسا.

استحدثت إسرائيل بروتوكول هانيبال الذي اعتمد عام 2006م، والذي يسمح بقصف مواقع جنود الأسرى، فطبّقته في رفح عام 2014م حيث التدمير الكبير المشهود، وعاد ليستخدم في طوفان الأقصى 2024م، فلم يبق لحماس إلا أن تراهن على قدراتها من تحت الأرض، مقابل قوى إسرائيلية وأمريكية جوا وبرا وبحرا، ليبقى قطاع غزة كرة يركلها الجانبان، حتى سئمت منها إسرائيل وهشّمتها، وشرذمتها، وأبادتها.

فها هي الحرب تدخل شهرها السادس، وليس إلا مزيدا من المفاجآت والخسائر والأرواح، وبات واضحا أن حماس أدركت أن ما حققته في السابع من أكتوبر لم يمر بأي ثمن، إنما تضاعفت أثمانه لتشمل قدرتها العسكرية، وكيان الحركة ذاته، وبالتالي لا ملامح في الأفق لصفقة كما توقعت حماس، فتطورات الموقف في الداخل الإسرائيلي كانت مفاجئة للجميع، نتنياهو يتعنت لأقصى درجة ممكنة، يتمسّك بمواقفه من عقد الصفقة لدرجة المخاطرة بخسارة الدعم الأمريكي المفتوح، ولا يكترث لأي عوامل ضاغطة سواء خارجية أو داخلية، ولا شك أن ذلك خلط الحابل بالنابل، والكل الآن في مأزق، حماس، الوسطاء، أطراف في الكابينيت، أميريكا.

حماس تريد الصفقة، لكن أي صفقة في ظل اللامبالاة الإسرائيلية بحصول على صفقة جيدة قد يحسّن موقفها، ويزيد رصيدها عند الجمهور العربي أو حتى يبقى ثابتا، وما زالت تراهن أن تنجح الضغوط على نتنياهو لتقديم بعض التنازلات.

فهم الوسطاء مع مجريات الأحداث أن السابع من أكتوبر تجاوز نطاق الصراع داخليّا، وبات الخطر متزايدا، فمصر من جهتها تعدّ انفلات الوضع في غزة وعدم وجود سلطة حاكمة معضلة أمنية كبرى، وهي في غنى عن ذلك، لذلك تسعى لأي حل بأي صفقة تعود بالسلطة الفلسطينية، وإن لم يكن ذلك ممكنا بسبب الرفض الإسرائيلي، فإن مصر مضطرة لتمكين سلطة حاكمة في غزة، ولو بشكل مؤقت كمرحلة انتقالية، بشرط أن تبقى الأمور تحت السيطرة، وهذا لن يتجاوز وجود حماس بشكل أو بآخر، مع تغيير الواجهة، ومن المعلوم أن جانب الأمن القومي بالنسبة لمصر، يتجاوز البروتوكولات السياسية والدبلوماسية من حيث الأولوية .

وأما قطر المضيف الرسمي لقيادات حماس فمأزقها مختلف، حيث لا تقوم بما يجب أن تقوم به من الضغط على القيادات من وجهة نظر إسرائيل وأمريكا، ولذلك نجد وفد المفاوضات يعود خالي الوفاض مستمع ليس إلا.


أما المعادلة التي يسعى إليها أطراف من الكابينيت الإسرائيلي، منهم جانيتس، فهي أن تظل صورتهم أمام الجمهور على أنهم الأحرص على سلامة أسراهم، وفي الوقت ذاته عدم القبول بالهدنة، وكل ذلك مجرد أوراق انتخابية، يسعى جانتس من ورائها إلى ترؤس الحكومة القادمة.

أما بايدن الذي جعل أمريكا شريكة في الحرب مما قلل أسهمه الانتخابية، وفي ظل عدم وحود بديل له في الحزب الديمقراطي، فإن ترامب يحظى في الحزب الجمهوري بأسهم كبيرة، من خلال تقديم سبل أوسع للمساعدات، وإظهار حرص كبير في مساعي وقف الحرب، على الرغم من أن ذلك لم يترجم بأي إنجازات حقيقية يمكنها أن تعطيه دافعا في الانتخابات القادمة.

وبذلك تتحول غزة إلى كرة من النار، تركلها أطراف متعددة، معظمها خارج القانون الدولي، لذلك يحركها نتنياهو بإشارة منه للجيش، هو يدرك أنها تلسعه لكنه يفضل البقاء في اللعبة لعله يتجاوز الوقت ويصل لنقطة النجاة .

شاهد أيضاً

الصفدي : الاتهامات الإسرائيلية ضد الأونروا ثبتت أنها باطلة

الصفدي : الاتهامات الإسرائيلية ضد الأونروا ثبتت أنها باطلة

شفا – قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، إن محاولة “الاغتيال السياسي” لوكالة غوث وتشغيل …