12:05 مساءً / 27 أبريل، 2024
آخر الاخبار

ربما يشعر الشهداء بوجع الأحياء على فراقهم، فيستدعونهم إليهم، بقلم : زينب الغنيمي

ربما يشعر الشهداء بوجع الأحياء على فراقهم، فيستدعونهم إليهم، بقلم : زينب الغنيمي

ربما يشعر الشهداء بوجع الأحياء على فراقهم، فيستدعونهم إليهم، بقلم : زينب الغنيمي

استشهد اليوم الطفل أحمد ابن الخمس سنوات بقصفٍ من الطائرة الغادرة على المنزل المجاور لمكان إقامته مع من تبقّى من عائلته، التحق بأُمّه زهرة وأخيه الرضيع وأُخته، الذين سبق واستشهدوا قبل أربعة شهورٍ تقريبًا مع جدهم وجدتهم ونساءٍ أخريات وأطفالٍ من العائلة.

أحمد لم يُتم الخمس سنوات بعد وكان من المفترض أن يكون طفلًا جميلاً في روضة الأطفال. قال أقارب أُمّه أنّها كانت تعتني به وأنّه كان ذكيًا، وقد دللّته أمه كثيرًا أيضًا لأنه ابنها البكر، وحين استشهدت مع طفليها وتركته وحيدًا، اهتم به أفراد العائلة الآخرين، وحزنوا عليه بشدّة كونه أصبح يتيمًا.

وكنت قد رأيته في إحدى المرات التي جاء فيها مع خالته لزيارة صديقتي، كان ينظر إلينا ويلتفت حوله، وفكّرت حينها أنّه ربما كان يبحث عن أمه بيننا، فهو لم يفهم لماذا رحلت، ولم يفهم أين ذهبت أخته وأخوه. أذكر أنّه كان صامتًا طيلة الوقت، هو يعلم أن البيت تهدّم وأنهم سحبوه من بين الركام، وكان طيلة الوقت متعلّقًا بأبيه، ربما خاف أن يرحل ويتركه كما فعلت أمه.


اليوم ربما يلتقي بروح والدته وإخوته بعد استشهاده، وقد تمكّنوا من دفنه في قبرٍ مثل أخيه الرضيع، بينما أمّه وأخته ما تزلن تحت أنقاض منزل جدّه مع باقي الشهيدات.

صحيحٌ أن الشهداء والشهيدات في قطاع غزة تجاوز عددهم الثلاثين ألفًا وبضع مئات، ولكن لكلّ واحدٍ وواحدةٍ منهم حكاية، سواء كانوا كبارًا أم صغارًا، ولكنّني فكّرت كثيرًا في قصة الصغير أحمد، وأنّه بلا شك كان حزينًا لفراق أمه وموجوعًا من شوقه لها، وأنّه لا شك كان يتمنى الذهاب إليها والارتماء في حضنها فرحًا أو باكيًا لا يُهم، لأنّ ما يحتاجه هو حضنها الدافئ. وفكّرت أيضًا أنه ربما روحها كانت تُحلّق حوله باستمرارٍ منذ استشهادها واختفاء جسدها تحت الركام، وربما كانت تودّ أن تنتشله ليُحلّق معها في عالمها الذي ربّما يكون أجمل من عالمنا هذا. ربما روحُها إذًا استدعته ليكون إلى جوارها، لأنها لم تضمن أن يعيش سعيدًا في غيابها، وهكذا، ربما كان لكليهما ما تمنياه، فعجّل أحمد بالرحيل إليها.

وجدت نفسي أواسي صديقتي التي حزنت كثيرًا على استشهاد أحمد وهو ابن ابنة عمّها، وقلت لها “ربما اشتاقت له روح أمه كما اشتاق هو لها، وربما التحاقه بها أفضل من أن يعيش يتيمًا”.

لكن في غزة أطفال كثر مثل أحمد استشهد أغلب أو كل أفراد عائلاتهم، بما فيه أمهاتهم وآبائهم، ولا نتمنى أبدًا أن يستشهدوا ويلتحقوا بهم، لأننا نريد جيل الأطفال أن يعيش سالمًا وسعيدًا وأن يحتضنهم الشعب ويحرص على ألّا يشعروا باليُتم والوحدة، فهم يستحقّون الحياة رغمًا عن بطش المعتدين.

زينب الغنيمي، من مدينة غزّة تحت القصف والعدوان

شاهد أيضاً

الإمارات تستقبل الدفعة الـ 16 من اطفال غزة الجرحى ومرضى السرطان

الإمارات تستقبل الدفعة الـ 16 من اطفال غزة الجرحى ومرضى السرطان

شفا – وصلت إلى الإمارات، فجر اليوم السبت، الدفعة الـ 16، من أطفال قطاع غزة …