4:20 صباحًا / 18 أبريل، 2024
آخر الاخبار

فلسطين ، وأحادية الاعمال الآحادية ، بقلم : فتحي كليب

فتحي كليب

فلسطين ، وأحادية الاعمال الآحادية ، بقلم : فتحي كليب

في 26 شباط الماضي عقد في مدينة العقبة الاردنية لقاء فلسطيني اسرائيلي بحضور امريكي وعربي، وصدر عنه بيان رسمي اشار الى “التزام إسرائيلي وفلسطيني بالعمل الفوري لوقف الإجراءات الأحادية الجانب لمدة 3 – 6 أشهر..”. في جملة تتكرر بشكل يومي تقريبا على السنة اطراف فلسطينية وعربية ودولية دون ان يشير احد الى معنى ومضمون مصطلح “الاعمال الآحادية”.

في القانون الدولي يتم استخدام مصطلح آخر قد لا يساوي في المعنى مصطلح “الاعمال الآحادية” وهو مصطلح “التصرفات الانفرادية” باعتباره احد مصادر القانون الدولي، الذي ما زال عرضة لاجتهادات فقهية، لكن الثابت هو اي تصرف انفرادي من قبل دولة يجب ان يكون قانونيا ومشروعا ولا يسبب فعل ضرر لدول او كيانات دولية اخرى، واي ضرر يحدث نتيجة التصرف الانفرادي فقد يحرك المسؤولية الدولية ويفرض التزامات على الدولة صاحبة التصرف الانفرادي، ومن المؤكد انه يعرض صاحبه للمساءلة كونه فعلا باطلا..

نماذج الاعمال الاحادية في العلاقات الدولية تختلف مضمونا عما يحصل في فلسطين. ويبرز هذا المصطلح في العلاقات الاسبانية المغربية حول قضايا سبتة ومليلة وبشأن مشكلة الصحراء الغربية، كما يبرز في العلاقات المصرية الاثيوبية بما يتعلق بسد النهضة الاثيوبي والذي يؤثر على حصة كل من مصر والسودان من المياه. كما ينطبق مصطلح الاعمال الآحادية ايضا على ما يسمى العقوبات الامريكية على الدول.. وينطبق ايضا على كثير من الصراعات الحدودية بين دول خاصة تلك الموقعة على اتفاقات تمنع اتخاد اجراءات انفرداية من شأنها احداث تغييرات على الارض.

على مستوى العلاقات الفلسطينية الاسرائيلية كثر استخدام هذا المصطلح خلال السنوات الماضية، وبات الحديث عنه بشكل يومي تقريبا، خاصة ما تقوم به اسرائيل من اجراءات آحادية، غير ان المشكلة هي ان تلك الاعمال باتت بنظر البعض وكأنها تساوي التصرفات الانفرادية التي تحدث اثرا قانونيا.. فالسلطة الفلسطينية تستخدم مصطلح “وقف الاعمال الآحادية”، واسرائيل بدورها تستخدم نفس المصطلح.. كما ان الولايات المتحدة والدول الاوروبية وبعض الدول العربية والامم المتحدة ومبعوثيها يستخدمون مصطلح الاعمال الآحادية. فما هو هذا المصطلح وما هي مدلولاته بالنسبة لكل طرف وتحديدا الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي ؟

إن كنا نجزم ان كثيرا من الناطقين باسم السلطة الفلسطينية يجهلون المعنى الحقيقي لهذا المصطلح، او يتحدثون عنه بشكل مقصود بشكل مغاير للحقيقة، الا انهم يستخدمونه في اطار الاشارة الى ان “اسرائيل” تقوم بممارسة أعمال آحادية غير مشروعة في الضفة الغربية.. وبعضهم يحصر استخدام المصطلح في قضيتين او ثلاث اما لكونها تتنافى والقانون الدولي او مناقضة لاتفاقات اوسلو..

بالعودة الى بيان لقاء العقبة الامني وايضا لقاء شرم الشيخ، فقد تقدم الطرف الفلسطيني بوثيقة حدد 13 مطلبا على “اسرائيل” تنفيذها، واشار البيان الختامي الى بعضها، وبالتالي يمكن الاجتهاد بأن السلطة الفلسطينية تعتبرها اعمالا آحادية على “اسرائيل” وقفها واهمها: وقف البناء في المستوطنات، الحفاظ على مدينة القدس وعدم القيام باجراءات من شأنها تغيير طابعها، إنهاء إغلاق المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية، السماح بإجراء

الانتخابات الفلسطينية في القدس الشرقية، وقف إرهاب المستوطنين، وقف اقتحامات المدن الفلسطينية، إنهاء تجميد أموال الضرائب الفلسطينية، وقف عمليات هدم المنازل، وقف عمليات طرد الفلسطينيين من منازلهم. وقف عمليات القتل للفلسطينيين، الإفراج عن بعض الأسرى وإعادة جثث الشهداء..

لكنها ليست المرة الاولى التي تتقدم فيها السلطة بهذه المطالب باعتبارها حقوق فلسطينية، لكن ايا من هذه المطالب لم يتحقق، بل على العكس، لم تمض ايام قليلة حتى بادرت “اسرائيل” الى ارتكاب مجازر بحق الشعب الفلسطيني في مدن فلسطينية واعلنت استمرار عمليات الاستيطان، لا بل سن الكنيست قانونا سمح بموجبه بالعودة الى اربع مستوطات في الضفة كانت “اسرائيل” قد اخلتها في وقت سابق، ومارست عمليات الاعتقال وهدم المنازل وطرد السكان من منازلهم: اي باختصار لم يتحقق ولو مطلب واحد من المطالب التي رفعتها السلطة الفلسطينية لـ”اسرائيل” والدول المشاركة في لقاءي العقبة وشرم الشيخ..

وليس صحيحا ان المطالب الفلسطينية هي شروط مسبقة، كما زعم بعض مسؤولي السلطة، فالمشاركة حصلت، وقبلها سحبت السلطة قرارات من مجلس الامن بخصوص الاستيطان، واعادت التنسيق الامني مع اسرائيل ووافقت على الخطة الامنية الامريكية كما وافقت على الكثير مما طلبه الاسرائيليون والامريكيون ولعل اهمها تحويل القضية الفلسطينية من قضية سياسية وقضية تحرر وطني الى قضية امنية على طاولة ضابط الارتباط الاسرائيلي، بغض النظر عن المواقف الفلسطينية الرسمية الرنانة بأن المطالب الفلسطينية “هي بمثابة شروط فلسطينية لإعادة العلاقات مع إسرائيل مثلما كانت، بما في ذلك استعادة التنسيق الأمني من أجل فتح الطريق لمسار سياسي جديد.

قبل عقد لقاء العقبة وبعده لقاء شرم الشيخ اكثر مسؤولو السلطة الفلسطينية بأنهم قرروا المشاركة “بعد ضمانات أميركية مصرية أردنية بأن مُخرجات القمة ستضمن وقف “إسرائيل” الإجراءات الأحادية الجانب. لكن شيئا من هذا لم يحصل، بل الاهم من ذلك ان المسؤولين الاسرائيليين اكثروا من تصريحاتهم التي تناقض مواقف مسؤولي السلطة. لكن يبدو ان هناك فهما متناقضا لمضمون مصطلح “الاعمال الآحادية”، او هناك من يتذاكى ويتشاطر على الشعب الفلسطيني وقواه السياسية بأن يطلق مواقف عامة هو يعلم انها غير صحيحة، بينما الافعال في الميدان هي لاسرائيل..

لن ندخل في نقاشات لغوية حول المصطلح، رغم اننا بحاجة لمثل هذا النقاش، لكن ليس هناك من تفسير وفهم معنى الاعمال الآحادية الا كونه عملا فرديا له تداعيات على طرف او اطراف اخرى، اما في حالتنا الفلسطينية، فالمعنى السياسي المراد بالمصطلح هو اي فعل لم تشر اليه، او لم تقره الاتفاقات الموقعة بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي، والطرف القادر على تفسير معنى الاعمال الاحادية هو الطرف الاقوى الذي يملك اوراق قوة تمكنه من ان يضغط بها من اجل فرض تعريفه. لذلك لا غرابة ان كل فعل فلسطيني لا ينسجم والفهم الاسرائيلي، بغض النظر اذا كان قانونيا او شرعيا، وبغض النظر اذا كانت تقره الاتفاقات الموقعة، لا يصبح اعمالا آحادية فقط، بل يجب على السلطة الفلسطينية وقفه باعتباره لا يعرض الاتفاقات فقط بل عملية التسوية او ما يصطلح على تسميته بحل الدولتين للخطر..

لا نحتاج لكثير جهد كي ندخل في تفسير هذا او ذاك، لكن على المستوى النضالي، فمصطلح الاعمال الآحادية يجب ان يتضمن كل فعل اسرائيلي خارج اطار القرار 182 الذي صدر عام 1947 واقر بتقسيم فلسطين الى

دولتين يهودية وعربية فرضت الاولى سيطرتها واعلنت دولتها بقوة الارهاب والعدوان والجرائم التي ترتكب، وتعطل قيام الدولة الثانية التي ما بقيت تناضل من اجل قيامها وبسط سيادتها على ارضها التي ما زالت محتلة.

هذا يعني، ويجب التعاطي على اساسه، ان كل فعل اسرائيلي في الضفة الغربية وفي القدس التي توسعت حدودها هو عمل آحادي من حق الفلسطيني بل من واجبه مقاومته ووقف تداعياته، بل ان مجرد وجود الاحتلال والاستيطان في الضفة الغربية فهذا يعطي الحق للشعب الفلسطيني بالمقاومة، فما بالنا ان من يقتل ويعتقل ويستوطن ويسرق الارض ويهودها، ومن يرتكب الجرائم اليومية ضد الشعب الفلسطيني هو الاسرائيلي الذي جاء غازيا لكل الارض الفلسطينية، وبالتالي فان اي تقزيم للاعمال الآحادية او تكريسها كأمر واقع او تشريعها انما هو شراكة بالجريمة.

لذلك قلنا ونكرر ان الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة وبعص الدول الغربية هو شراكة بالجريمة انطلاقا من اللعب على عامل الوقت. فهم يستنكرون الفعل الغير قانوني ويصدرون بشأنه الادانات بأشد صورها ويعتبرونه يهدد عملية السلام وحل الدولتين، لكن بعد سنوات يصبح هذا الفعل امرا واقعا مطلوب من الفلسطيني وحده ان يتفهم التغييرات التي حصلت بمرور الزمن، وبامكاننا تعداد مثل هذه النماذج في عشرات بل مئات القضايا التي كانت ىغير قانونية وغير شرعية وتحولت بفعل مرور الزمن الى قضايا يجب ان تكون محل تفاوض، بمعنى واضح: ما للاسرائيلي هو للاسرائيلي وحده، وما للفلسطيني يجب تقاسمه بين الطرفين، واي رفض فلسطيني يسعى لتغيير الفعل الغير قانوني فالامر يصبح آعمالا آحادية لا يجب ان تستمر ويجب وقفها.

شاهد أيضاً

نتنياهو : إسرائيل ستفعل كل ما يلزم للدفاع عن نفسها

نتنياهو : إسرائيل ستفعل كل ما يلزم للدفاع عن نفسها

شفا – وجه رئيس الوزراء في حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، اليوم الأربعاء، الشكر لوزيرة الخارجية …